الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل الرابع : في التفاضل ، وله أسباب : .

                                                                                                                السبب الأول : تجدد النكاح ، وفي الكتاب : إذا نكح بكرا أقام عندها سبعا ، أو ثيبا فثلاثا ; لما في أبي داود : ( أنه - صلى الله عليه وسلم - لما تزوج أم سلمة أقام عندها ثلاثا ، وقال : ليس بك على أهلك هوان ، إن شئت سبعت لك ، وإن سبعت لك سبعت لنسائي ، وإن شئت ثلاثة ثم درت ) ، وقال أنس في ( الصحيح ) : من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا وقسم ، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا ثم قسم .

                                                                                                                فائدة : قال صاحب المفهم والإكمال : قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ليس بك على أهلك هوان ) المراد بالأهل : هو - صلى الله عليه وسلم - ; لأن كل واحد من الزوجين أهل لصاحبه ، ومعناه : لا أفعل بك فعلا يدل على هوانك عندي ، قال ابن [ ص: 462 ] القاسم في الكتاب : وهو حق لها وليس للزوج ، وقاله ( ش ) ، وابن حنبل ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - أضافه لها المقتضية لملك ، ويأتنف القسم ، وروى أشهب : حق المزوج ليتمتع ، قال أشهب : لا يقضى به عليه كالمتعة ، وقال ابن عبد الحكم : يقضى به كسائر الحقوق ، ووافقنا الشافعي ، وابن حنبل ، وقال ( ح ) : لا يفضل الجديدة بشيء ; لأن القديمة أولى بالتأنيس ; لأنه أضرها بالجديدة ، ولأنها أتم حرمة لسابق محبتها ، ويقال لذلك : لكل جديد لذة ، ولكل قديم حرمة ، والمراد بالجديد : التفضيل بالبداية دون الزيادة ، ولما كانت الثيب مباشرة للرجال مستوحشة منه خاصة ، اكتفي بالثلاث ، والبكر مستوحشة مطلقا استحب سبعا ، قال محمد : ويبتدئ القسم بالتي كان عندها أو بغيرها ، وقاله مالك في القادم من السفر بإحداهن ، فإن لم يكن له غيرها لم تلزمه الإقامة بكرا كانت أو ثيبا ، وفي الجواهر : فيه خلاف ، ونقل قولان بأن الإقامة حق لها ، وفي وجوب الإقامة والاستحباب قولان .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال ابن يونس : قال مالك : ولا يتخلف العروس عن الجمعة والجماعات ، وقيل : يتخلف عن الجماعات دون الجمعة ; لأنها فرض ، قال اللخمي : والعادة اليوم : عدم الخروج للصلاة ، والحاجات ، وأرى التزام العادة ; لأن على المرأة معرة في ذلك عند النساء .

                                                                                                                [ ص: 463 ] فرع

                                                                                                                قال اللخمي : إذا زفت إليه امرأتان في ليلة أقرع بينهما ، وعلى أحد قولي مالك : أن ذلك حق له يتخير ، وإذا انقضت أيام البناء ، أو صح المريض ، أو قدم المسافر هل يبتدئ بغير من كان عندها أو يتخير أو يقرع بين من عزلها ؟ ثلاثة أقوال ، قال : وأرى أن يبتدئ بغيرها ثم بالتي كان لها الحق قبل البناء أو المرض أو السفر ، ثم يكون عند من كان عندها .

                                                                                                                وفي الجواهر : تستوي في الإقامة الحرة والأمة ، قال أبو الوليد : والصحيح : القضاء بالإقامة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الجواهر : لو التمست الثيب الزيادة منعت لحق غيرها ، وقال القاضي أبو الحسن : يكمل لها سبعا إن اختارت ، ويقضي للنساء سبعا للحديث المتقدم ; لأن اختيارها للسبع يبطل حقها من الثلاث .

                                                                                                                السبب الثاني : الحرية ، وفي الكتاب : المسلمات ، والكتابيات ، والحرائر ، والإماء سواء في القسم لاستوائهن في الطباع ، وفي الجواهر : روي للأمة ليلة ، وللحرة ليلتان ، وقاله الأئمة لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( للحرة [ ص: 464 ] ثلاثا القسم ) ، قال : ورجع إليه مالك ; لأنها حقيرة عند نفسها ، فلا تجد من الألم ما تجده ، فالأمة تجد من الألم ما لا تجده الحرة ، ويؤيده خيار الحرة إذا تزوج عليها أمة ، وإذا فرعنا عليه فبدأ بالحرة فعتقت الأمة قبل انقضاء ليلتها أكمل ليلتين ، أو بعد انقضائها لم يزدها وسوى بعد ذلك ، وإن بدأ بها فعتقت قبل تمام نوبتها صارت كالحرة الأصلية ، أو بعدها وفيت الحرة ليلتين ; لأنه تمام حكم وقع في الرق ، ثم سوى بعد ذلك ، قال أبو الطاهر : إذا كان الزوج عبدا فالمذهب كله على التسوية إلا عبد الملك لرضا الحرة بمساواة الرقيق زوجا .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية