الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الصلاة على الخمرة

                                                                                                          331 حدثنا قتيبة حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الخمرة قال وفي الباب عن أم حبيبة وابن عمر وأم سليم وعائشة وميمونة وأم كلثوم بنت أبي سلمة بن عبد الأسد ولم تسمع من النبي صلى الله عليه وسلم وأم سلمة قال أبو عيسى حديث ابن عباس حديث حسن صحيح وبه يقول بعض أهل العلم وقال أحمد وإسحق قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على الخمرة قال أبو عيسى والخمرة هو حصير قصير

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( باب ما جاء في الصلاة على الخمرة )

                                                                                                          بضم الخاء المعجمة وسكون الميم ، قال الطبري : هو مصلى صغير يعمل من سعف النخل [ ص: 247 ] سميت بذلك لسترها الوجه والكفين من حر الأرض وبردها ، فإن كانت كبيرة سميت حصيرا ، وكذا قال الأزهري في تهذيبه وصاحبه أبو عبيد الهروي وجماعة بعدهم ، وزاد في النهاية : ولا تكون خمرة إلا هذا المقدار . وقال الخطابي : هي السجدة يسجد عليها المصلي ، ثم ذكر حديث ابن عباس في الفأرة التي جرت الفتيلة حتى ألقتها على الخمرة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا عليها الحديث . قال : ففي هذا تصريح بإطلاق الخمرة على ما زاد على قدر الوجه كذا في فتح الباري ص 314 ج 1 .

                                                                                                          قلت : حديث ابن عباس الذي ذكره الخطابي أخرجه أبو داود ولفظه هكذا : قال : جاءت فأرة تجر الفتيلة فألقتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخمرة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا عليها ، فأحرقت منها مثل موضع الدرهم ، فقال : إذا نمتم فأطفئوا سرجكم فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فيحرقكم . والحديث سكت عنه أبو داود ، وقال المنذري : في إسناده عمرو بن طلحة ولم نجد له ذكرا فيما رأيناه من كتبهم وإن كان هو عمرو بن طلحة وقع فيه تصحيف كذا في الأصل ، وهي طبقة لا تحتج بحديثه ، انتهى كلام المنذري .

                                                                                                          قلت : عمرو بن طلحة هذا هو عمرو بن حماد بن طلحة الكوفي أبو محمد القناد روى عن أسباط بن نصر ومندل بن علي ، وروى عنه مسلم فرد حديثه وإبراهيم الجوزجاني قال مطين : ثقة وقال أبو داود : رافضي كذا في الخلاصة ، والحديث أخرجه الحاكم ، وقال : إسناده صحيح .

                                                                                                          قوله : ( كان يصلي على الخمرة ) قال ابن بطال : لا خلاف بين فقهاء الأمصار في جواز الصلاة على الخمرة إلا ما روي عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يؤتى بتراب فيوضع على الخمرة فيسجد عليه ، ولعله كان يفعله على جهة المبالغة في التواضع والخشوع فلا يكون فيه مخالفة للجماعة . وقد روى ابن أبي شيبة عن عروة بن الزبير أنه كان يكره الصلاة على شيء دون الأرض ، وكذا روي عن غير عروة ، ويحتمل أن يحمل على كراهة التنزيه كذا في الفتح ص 243 ج 1 وقال الشوكاني في النيل : والحديث يدل على أنه لا بأس بالصلاة على السجادة سواء كان من الخرق أو الخوص أو غير ذلك ، سواء كانت صغيرة أو كانت كبيرة كالحصير والبساط لما ثبت من صلاته صلى الله عليه وسلم على الحصير والبساط والفروة . وقد أخرج أحمد في مسنده من حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأفلح : يا أفلح ترب وجهك أي في سجوده . قال العراقي : والجواب عنه أنه لم يأمره أن يصلي على التراب وإنما أراد به تمكين الجبهة من الأرض وكأنه رآه يصلي ولا يمكن جبهته من الأرض ، فأمره بذلك لا أنه رآه يصلي على شيء يستره من الأرض فأمره بنزعه ، انتهى .

                                                                                                          [ ص: 248 ] قوله : ( وفي الباب عن أم حبيبة وابن عمر وأم سلمة وعائشة وميمونة وأم كلثوم بنت أبي سلمة بن عبد الأسد ولم تسمع عن النبي صلى الله عليه وسلم ) أما حديث أم حبيبة فأخرجه الطبراني . وأما حديث ابن عمر فأخرجه الطبراني في الكبير والأوسط وأحمد والبزار . وأما حديث أم سلمة فأخرجه الطبراني . وأما حديث عائشة فأخرجه مسلم وأبو داود . وأما حديث ميمونة فأخرجه الجماعة إلا الترمذي . وأما حديث أم كلثوم فأخرجه ابن أبي شيبة كذا في النيل .

                                                                                                          قوله : ( حديث ابن عباس حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث ميمونة ( وبه يقول بعض أهل العلم ) قال الشوكاني في النيل : قد ذهب إلى أنه لا بأس بالصلاة على الخمرة الجمهور : قال الترمذي : وبه يقول بعض أهل العلم ، وقد نسبه العراقي إلى الجمهور ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( والخمرة هو حصير صغير ) يدل عليه حديث ابن عباس الذي أخرجه أبو داود وقد ذكرنا لفظه .




                                                                                                          الخدمات العلمية