الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            [ ص: 640 ] 2502 - قيام النبي في دار الأرقم

                                                                                            2503 - صدقة الأرقم داره

                                                                                            2504 - ذكر كتاب الصدقة

                                                                                            2505 - بيع دار الأرقم بيد أبي جعفر

                                                                                            6185 - حدثنا أبو عبد الله الأصبهاني ، ثنا الحسن بن الجهم ، ثنا الحسين بن الفرج ، ثنا محمد بن عمر ، حدثني عثمان بن هند بن عبد الله بن عثمان بن الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي قال : أخبرني أبي ، عن يحيى بن عثمان بن الأرقم ، حدثني جدي عثمان بن الأرقم أنه كان يقول : أنا ابن سبع الإسلام ، أسلم أبي سابع سبعة ، وكانت داره على الصفا وهي الدار التي كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يكون فيها في الإسلام ، وفيها دعا الناس إلى الإسلام ، فأسلم فيها قوم كثير وقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ليلة الاثنين فيها : " اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام " ، فجاء عمر بن الخطاب من الغد بكرة ، فأسلم في دار الأرقم ، وخرجوا منها وكبروا وطافوا بالبيت ظاهرين ، ودعيت دار الأرقم دار الإسلام ، وتصدق بها الأرقم على ولده ، فقرأت نسخة صدقة الأرقم بداره : بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما قضى الأرقم في ربعه ما حاز الصفا ، أنها صدقة بمكانها من الحرم لا تباع ، ولا تورث شهد هشام بن العاص ، وفلان مولى هشام بن العاص قال : فلم تزل هذه الدار صدقة قائمة فيها ولده يسكنون ويؤاجرون ويأخذون عليها حتى كان زمن أبي جعفر . قال محمد بن عمر : فأخبرني أبي ، عن يحيى بن عمران بن عثمان بن الأرقم قال : إني لأعلم اليوم الذي وقع في نفس أبي جعفر أنه يسعى بين الصفا والمروة في حجة حجها ، [ ص: 641 ] ونحن على ظهر الدار ، فيمر تحتنا لو أشاء أن آخذ قلنسوته لأخذتها ، وإنه لينظر إلينا من حين يهبط الوادي حتى يصعد إلى الصفا ، فلما خرج محمد بن عبد الله بن حسن بالمدينة ، كان عبد الله بن عثمان بن الأرقم ممن بايعه ، ولم يخرج معه فتعلق عليه أبو جعفر بذلك فكتب إلى عامله بالمدينة أن يحبسه ويطرحه في الحديد ، ثم بعث رجلا من أهل الكوفة يقال له شهاب بن عبد رب ، وكتب معه إلى عامله بالمدينة أن يفعل ما يأمره ، فدخل شهاب على عبد الله بن عثمان الحبس وهو شيخ كبير ابن بضع وثمانين سنة ، وقد ضجر في الحديد والحبس فقال : هل لك أن أخلصك مما أنت فيه وتبيعني دار الأرقم ؟ فإن أمير المؤمنين يريدها ، وعسى إن بعته إياها أن أكلمه فيك فيعفو عنك . قال : إنها صدقة ولكن حقي منها له ومعي فيها شركاء إخوتي وغيرهم . فقال : إنما عليك نفسك أعطنا حقك وبرئت فاشهد له ، وكتب عليه كتاب شراء على سبعة عشر ألف دينار ، ثم تتبع إخوته ففتنهم كثرة المال فباعوه ، فصارت لأبي جعفر ولمن أقطعها ، ثم صيرها المهدي للخيزران أم موسى وهارون فبنتها وعرفت بها ، ثم صارت لجعفر بن موسى الهادي ، ثم سكنها أصحاب السطوي والعدني ، ثم اشترى عامتها أو أكثرها غسان بن عباد ولد جعفر بن موسى ، وأما دار الأرقم بالمدينة في بني زريق فقطيعة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

                                                                                            قال ابن عمر : وحدثني محمد بن عمران بن هند ، عن أبيه قال : حضرت الأرقم بن أبي الأرقم الوفاة ، فأوصى أن يصلي عليه سعد ، فقال مروان : أتحبس صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لرجل غائب أراد الصلاة عليه ؟ فأبى عبد الله بن الأرقم ذلك على مروان ، وقامت معه بنو مخزوم ووقع بينهم كلام ، ثم جاء سعد فصلى عليه ، وذلك سنة خمس وخمسين بالمدينة ، وهلك الأرقم وهو ابن بضع وثمانين سنة .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية