الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6892 ) فصل : ومن أخذ طعام إنسان أو شرابه في برية ، أو مكان لا يقدر فيه على طعام وشراب ، فهلك بذلك ، أو هلكت بهيمته ، فعليه ضمان ما تلف به ; لأنه سبب هلاكه . وإن اضطر إلى طعام وشراب لغيره ، فطلبه منه ، فمنعه إياه مع غناه عنه في تلك الحال ، فمات بذلك ، ضمنه المطلوب منه ; لما روي عن عمر رضي الله عنه ، أنه قضى بذلك ، ولأنه إذا اضطر إليه ، صار أحق به ممن هو في يده ، وله أخذه قهرا ، فإذا منعه إياه ، تسبب إلى إهلاكه بمنعه ما يستحقه ، فلزمه ضمانه ، كما لو أخذ طعامه وشرابه فهلك بذلك . وظاهر كلام أحمد ، أن الدية في ماله ; لأنه تعمد هذا الفعل الذي يقتل مثله غالبا .

                                                                                                                                            وقال القاضي : تكون على عاقلته ; لأن هذا لا يوجب القصاص ، فيكون شبه العمد . وإن لم يطلبه منه ، لم يضمنه ; لأنه لم يمنعه ، ولم يوجد منه فعل تسبب به إلى هلاكه . وكذلك كل من رأى إنسانا في مهلكة ، فلم ينجه منها ، مع قدرته على ذلك ، لم يلزمه ضمانه ، وقد أساء . وقال أبو الخطاب : قياس المسألة الأولى وجوب ضمانه ; لأنه لم ينجه من الهلاك مع إمكانه ، فيضمنه ، كما لو منعه الطعام والشراب . ولنا ، أنه لم يهلكه ، ولم يكن سببا في هلاكه ، فلم يضمنه ، كما لو لم يعلم بحاله ، وقياس هذا على هذه المسألة غير صحيح ; لأنه في المسألة منعه منعا كان سببا في هلاكه ، فضمنه بفعله الذي تعدى به ، وهاهنا لم يفعل شيئا يكون سببا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية