الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 151 ] يوسف بن خليل

                                                                                      ابن قراجا عبد الله الإمام المحدث الصادق ، الرحال النقال ، شيخ المحدثين ، راوية الإسلام أبو الحجاج شمس الدين الدمشقي الأدمي الإسكاف ، نزيل حلب وشيخها .

                                                                                      ولد في سنة خمس وخمسين وخمسمائة .

                                                                                      وتشاغل بالسبب حتى كبر وقارب الثلاثين ، ثم بعد ذلك حبب إليه الحديث ، وعني بالرواية ، وسمع الكثير ، وارتحل إلى النواحي ، وكتب بخطه المتقن الحلو شيئا كثيرا ، وجلب الأصول الكبار ، وكان ذا علم حسن ومعرفة جيدة ومشاركة قوية في الإسناد والمتن والعالي والنازل والانتخاب .

                                                                                      وسمع بدمشق بعد الثمانين من يحيى الثقفي ، ومحمد بن علي بن صدقة ، وعبد الرحمن بن علي الخرقي ، وأحمد بن حمزة بن علي بن الموازيني ، وإسماعيل الجنزوي ، وأبي طاهر الخشوعي وأقرانهم .

                                                                                      وصحب الحافظ عبد الغني ، وتخرج به مدة ، فنشطه للارتحال فمضى إلى بغداد سنة ست وثمانين ، وسمع من أبي منصور عبد الله بن عبد السلام ، [ ص: 152 ] وذاكر بن كامل ، ويحيى بن بوش ، وعبد المنعم بن كليب ، وأبي طاهر المبارك بن المعطوش ، ورجب بن مذكور ، وعدد كثير ببغداد . ومن هبة الله بن علي البوصيري ، وإسماعيل بن ياسين ، وجماعة بمصر . ومن خليل بن بدر الراراني ، ومسعود بن أبي منصور الخياط ، ومحمد بن إسماعيل الطرسوسي ، وأبي الفضائل عبد الرحيم الكاغدي ، وأبي المكارم اللبان ، ومحمد بن أبي زيد الكراني ، وناصر بن محمد الويرج ، وعلي بن سعيد بن فاذشاه ، وغانم بن محمد الصفار ، ومحمد بن أحمد بن محمد المهاد المقرئ ، وأبي المحاسن محمد بن الحسن الأصبهبد ، ومسعود بن محمود العجلي ، وأبي نعيم أحمد بن أبي الفضل الكراني بأصبهان ، وطاهر بن مكارم الموصلي المؤدب ، وأحمد بن عبد الله بن الطوسي بالموصل . ومشيخته نحو الخمسمائة ، سمعتها من أصحابه .

                                                                                      حدث عنه جماعة من القدماء . وكتب عنه الحافظ إسماعيل بن الأنماطي ، وزكي الدين البرزالي ، وشهاب الدين القوصي ، ومجد الدين بن الحلوانية ، وكمال الدين بن العديم وابنه مجد الدين .

                                                                                      وروى لنا عنه الحافظ أبو محمد الدمياطي ، والحافظ أبو العباس بن الظاهري ، وشرف الدين محمود التادفي ، ومحمد بن جوهر التلعفري ، ومحمد بن سليمان بن المغربي ، وأبو الحسن علي بن أحمد الغرافي ، وطاهر بن عبد الله بن العجمي ، وعبد الملك بن العنيقة ، وسنقر بن عبد الله الأستاذي والصاحب فتح الدين عبد الله بن محمد الخالدي ، وأمين الدين عبد الله بن شقير ، وتاج الدين صالح الفرضي ، والقاضي عبد العزيز [ ص: 153 ] بن أبي جرادة ، وأخوه عبد المحسن ، وإسحاق وأيوب ومحمد بنو ابن النحاس ، وعبد الرحمن وإسماعيل ، وإبراهيم أولاد ابن العجمي ونسيبهم أحمد بن محمد ، ومحمد بن أحمد النصيبي وعمته نخوة وأحمد بن محمد المعلم ، والعفيف إسحاق الآمدي ، وأبو حامد المؤذن وغيرهم ، وكان خاتمتهم إبراهيم بن العجمي بحلب ، وإجازته موجودة لزينب بنت الكمال بدمشق .

                                                                                      وكان حسن الأخلاق ، مرضي السيرة ، خرج لنفسه " الثمانيات " وأجزاء عوالي " كعوالي هشام بن عروة " ، و " عوالي الأعمش " ، و " عوالي أبي حنيفة " ، و " عوالي أبي عاصم النبيل " ، و " ما اجتمع فيه أربعة من الصحابة " ، وغير ذلك .

                                                                                      سمعت من حديثه شيئا كثيرا وما سمعت العشر منه ، وهو يدخل في شرط الصحيح لفضيلته وجودة معرفته وقوة فهمه وإتقان كتبه وصدقه وخيره ، أحبه الحلبيون وأكرموه ، وأكثروا عنه ، ووقف كتبه ، لكنها تفرقت ونهبت في كائنة حلب سنة ثمان وخمسين ، وقتل فيها أخوه المسند إبراهيم بن خليل ، وكان قد سمعه من جماعة ، وتفرد بأجزاء " كمعجم الطبراني " عن يحيى الثقفي وغير ذلك . وأخوهما الثالث يونس بن خليل الأدمي مات مع أخيه الحافظ ، وقد حدث عن البوصيري وجماعة ; حدثنا عنه ابن الخلال وغيره .

                                                                                      وكان أبو الحجاج رحمه الله ينطوي على سنة وخير . بلغني أنه أنكر [ ص: 154 ] على ابن رواحة أخذه على الرواية فاعتذر بالحاجة ، وكذا بلغني أنه كان يذم الحريري وطريقة أصحابه ، ولم يزل يسمع ، ويطول روحه على الطلبة والرحالين ويكتب لهم الطباق ، وإلى أن مات .

                                                                                      روى كتبا كبارا ك " الحلية " ، و " المعجم الكبير " ، و " الطبقات " لابن سعد ، و " سنن الدارقطني " ، وكتاب " الآثار " للطحاوي ، و " مسند الطيالسي " ، و " السنن " لأبي قرة ، و " الدعاء " للطبراني ، وجملة من تصانيف ابن أبي عاصم ، وكثيرا من تصانيف أبي الشيخ والطبراني وأبي نعيم ، وانقطع بموته سماع أشياء كثيرة لخراب أصبهان .

                                                                                      توفي إلى رحمة الله في عاشر جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وستمائة وله ثلاث وتسعون سنة .

                                                                                      ومات أخوه يونس قبله في المحرم ، وكان قد أخذه وسمعه من البوصيري وابن ياسين ولزم الصنعة ، روى عنه أبو الفضل الإربلي وابن الخلال ، والعماد بن البالسي وجماعة .

                                                                                      وفيها مات مسند الإسكندرية أبو محمد عبد الوهاب بن رواج وله أربع وتسعون سنة ، والعدل فخر القضاة أبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الجباب السعدي بمصر ، ومسند بغداد أبو محمد إبراهيم بن محمود بن الخير الأزجي ، وله خمس وثمانون سنة ، والمسند مظفر بن عبد الملك بن الفوي بالثغر ، وعلي بن سالم بن أبي بكر البعقوبي والمفتي محمد بن أبي السعادات الدباس الحنبلي ، حدثا عن ابن شاتيل .

                                                                                      [ ص: 155 ] أخبرنا إسحاق بن أبي بكر ، أخبرنا ابن خليل ، أخبرنا أبو الفتح ناصر بن محمد القطان وغيره أن جعفر بن عبد الواحد الثقفي أخبرهم : أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة ، أخبرنا سليمان الطبراني ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن برة بصنعاة ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا سفيان الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن أبي معمر ، عن ابن مسعود : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة يوم الفتح وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما ، فجعل يطعنها بعود ويقول : جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا فتساقط لوجوهها .

                                                                                      قرأت على محمود بن محمد المقرئ : أخبرنا ابن خليل ، أخبرنا مسعود بن أبي منصور ، أخبرنا ابن علي الحداد ، أخبرنا أبو نعيم ، حدثنا أبو بكر بن خلاد ، حدثنا الحارث بن أبي أسامة ، حدثنا يحيى بن هاشم ، حدثنا هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر ، عن أسماء قالت : ذبحنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلنا من لحمه متفق عليه من حديث هشام بن عروة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية