الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                وسئل رحمه الله عمن يأخذ شيئا من العنب ويضيف إليه أصنافا من العطر ثم يغليه إلى أن ينقص الثلث ويشرب منه لأجل الدواء ومتى أكثر شربه أسكر ؟

                [ ص: 215 ]

                التالي السابق


                [ ص: 215 ] فأجاب : الحمد لله . متى كان كثيره يسكر فهو حرام وهو خمر ويحد صاحبه كما ثبت في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعليه جماهير السلف والخلف كما في صحيح مسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { كل مسكر خمر وكل خمر حرام } وفي الصحيحين عن عائشة قالت : { سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع وهو نبيذ العسل وكان أهل اليمن يشربونه فقال : كل شراب أسكر فهو حرام } وفي الصحيح { عن أبي موسى قال قلت يا رسول الله : أفتنا في شراب كنا نصنعه في اليمن البتع وهو من نبيذ العسل ينبذ حتى يشتد فقال : كل مسكر حرام } وفي صحيح مسلم عن جابر { أن رجلا من حبشان اليمن سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شراب يصنعونه بأرضهم يقال له المزر فقال : أيسكر ؟ قال نعم . فقال : كل مسكر حرام ; إن على الله عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال قالوا : يا رسول الله وما طينة الخبال ؟ قال : عرق أهل النار ; أو عصارة أهل النار } وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة : { ما أسكر كثيره فقليله حرام } وقد صحح ذلك غير واحد من الحفاظ .

                والأحاديث في ذلك متعددة . وإذا طبخ العصير حتى يذهب ثلثه أو نصفه وهو يسكر فهو حرام عند الأئمة الأربعة ; بل هو خمر عند مالك والشافعي وأحمد . وأما إن ذهب ثلثاه وبقي [ ص: 216 ] ثلثه : فهذا لا يسكر في العادة ; إلا إذا انضم إليه ما يقويه أو لسبب آخر . فمتى أسكر فهو حرام بإجماع المسلمين وهو " الطلاء " الذي أباحه عمر بن الخطاب للمسلمين . وأما إن أسكر بعد ما طبخ وذهب ثلثاه : فهو حرام أيضا عند مالك والشافعي وأحمد .

                6 7



                الخدمات العلمية