الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد ( 51 ) كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي شديد العقاب ( 52 ) ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم ( 53 ) كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين ( 54 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( ذلك ) أي : ذلك الضرب الذي وقع بكم ، ( بما قدمت أيديكم ) أي : بما كسبت أيديكم ، ( وأن الله ليس بظلام للعبيد )

                                                                                                                                                                                                                                      ( كدأب آل فرعون ) كفعل آل فرعون وصنيعهم وعادتهم ، معناه : أن عادة هؤلاء في كفرهم كعادة آل فرعون . قال ابن عباس : هو أن آل فرعون أيقنوا أن موسى نبي من الله فكذبوه ، كذلك هؤلاء جاءهم محمد - صلى الله عليه وسلم - بالصدق فكذبوه ، فأنزل الله بهم عقوبة كما أنزل بآل فرعون . ( والذين من قبلهم ) أي : ( كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي شديد العقاب )

                                                                                                                                                                                                                                      ( ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) أراد : أن الله تعالى لا يغير ما أنعم على قوم حتى يغيروا هم ما بهم ، بالكفران وترك الشكر ، فإذا فعلوا ذلك غير الله ما بهم ، فسلبهم النعمة . [ ص: 369 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وقال السدي : نعمة الله محمد - صلى الله عليه وسلم - أنعم الله به على قريش وأهل مكة ، فكذبوه وكفروا به فنقله الله إلى الأنصار ، ( وأن الله سميع عليم )

                                                                                                                                                                                                                                      ( كدأب آل فرعون ) كصنع آل فرعون ، ( والذين من قبلهم ) من كفار الأمم ، ( كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم ) أهلكنا بعضهم بالرجفة وبعضهم بالخسف وبعضهم بالمسخ وبعضهم بالريح وبعضهم بالغرق ، فكذلك أهلكنا كفار بدر بالسيف ، لما كذبوا بآيات ربهم ، ( وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين ) يعني : الأولين والآخرين .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية