الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا [82]

                                                                                                                                                                                                                                      أفلا يتدبرون القرآن إنكار واستقباح لعدم تدبرهم القرآن وإعراضهم عن التأمل فيما فيه من موجبات الإيمان؛ ليعلموا كونه من عنده تعالى بمشاهدة ما فيه من الشواهد التي من جملتها هذا الوحي الصادق والنص الناطق بنفاقهم المحكي على ما هو عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      وأصل التدبر التأمل والنظر في أدبار الأمر وعواقبه خاصة، ثم استعمل في كل تأمل، سواء كان نظرا في حقيقة الشيء وأجزائه، أو سوابقه وأسبابه، أو لواحقه وأعقابه.

                                                                                                                                                                                                                                      ولو كان أي: القرآن من عند غير الله تعالى كما يزعمون لوجدوا فيه اختلافا كثيرا بأن يكون بعض أخباره غير مطابق للواقع، إذ لا علم بالأمور الغيبية، ماضية كانت أو مستقبلة لغيره سبحانه، وحيث كانت كلها مطابقة للواقع تعين كونه من عنده تعالى.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الزجاج : ولولا أنه من عند الله تعالى لكان ما فيه من الإخبار بالغيب مما يسره المنافقون وما يبيتونه مختلفا، بعضه حق وبعضه باطل؛ لأن الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو بكر الأصم: إن هؤلاء المنافقين كانوا يتواطئون في السر على أنواع كثيرة من الكيد والمكر، وكان الله تعالى يطلع الرسول - عليه الصلاة والسلام - على ذلك، ويخبره بها مفصلة، فقيل لهم إن ذلك لو لم يحصل بإخبار الله تعالى لما اطرد الصدق فيه، ولوقع فيه الاختلاف، فلما لم يقع ذلك قط علم أنه بإعلامه تعالى، وأما حمل الاختلاف على التناقض وتفاوت النظم في البلاغة فمما لا يساعده السباق ولا السياق، أفاده أبو السعود .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية