الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب إذا اختلف البيعان والمبيع قائم

                                                                      3511 حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي عن أبي عميس أخبرني عبد الرحمن بن قيس بن محمد بن الأشعث عن أبيه عن جده قال اشترى الأشعث رقيقا من رقيق الخمس من عبد الله بعشرين ألفا فأرسل عبد الله إليه في ثمنهم فقال إنما أخذتهم بعشرة آلاف فقال عبد الله فاختر رجلا يكون بيني وبينك قال الأشعث أنت بيني وبين نفسك قال عبد الله فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا اختلف البيعان وليس بينهما بينة فهو ما يقول رب السلعة أو يتتاركان حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا هشيم أخبرنا ابن أبي ليلى عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه أن ابن مسعود باع من الأشعث بن قيس رقيقا فذكر معناه والكلام يزيد وينقص

                                                                      التالي السابق


                                                                      عن أبي عميس بالتصغير واسمه عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه . ( رقيقا ) : أي عبيدا ( من عبد الله ) أي ابن مسعود ، و " من " متعلق باشترى ( فأرسل عبد الله إليه ) : أي إلى أشعث يعني رجلا ( في ثمنهم ) : أي في طلب ثمن العبيد ( فقال ) : أي فجاء أشعث فقال ( يكون بيني وبينك ) : أي حكما ( إذا اختلف البيعان ) : أي البائع والمشتري ولم يذكر الأمر الذي فيه الاختلاف ، وحذف المتعلق مشعر بالتعميم في مثل هذا المقام على ما تقرر في علم المعاني ، فيعم الاختلاف في المبيع والثمن وفي كل أمر يرجع إليهما وفي سائر الشروط المعتبرة والتصريح بالاختلاف في الثمن في بعض الروايات لا ينافي هذا [ ص: 333 ] العموم المستفاد من الحذف . قاله في النيل ( وليس بينهما بينة ) : الواو للحال ( رب السلعة ) : أي البائع ( أو يتتاركان ) : أي يتفاسخان العقد . قاله الخطابي . وقال : واختلف أهل العلم في هذه المسألة فقال مالك والشافعي : يقال للبائع احلف بالله ما بعت سلعتك إلا بما قلت ، فإن حلف البائع قيل للمشتري : إما أن تأخذ السلعة بما قال البائع وإما أن تحلف ما اشتريتها إلا بما قلت ، فإن حلف برئ منها وردت السلعة إلى البائع ، وسواء عند الشافعي كانت السلعة قائمة أو تالفة فإنهما يتحالفان ويترادان ، وكذلك قال محمد بن الحسن . ومعنى يترادان أي قيمة السلعة بعد الاستهلاك .

                                                                      وقال النخعي والثوري والأوزاعي وأبو حنيفة وأبو يوسف : القول قول المشتري مع يمينه بعد الاستهلاك . وقال مالك قريبا من قولهم بعد الاستهلاك في أشهر الروايتين عنه ، واحتج لهم بأنه قد روي في بعض الأخبار : إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة فالقول ما يقول البائع أو يترادان ، قالوا : فدل اشتراطه قيام السلعة على أن الحكم عند استهلاكها بخلاف ذلك ، وهذه اللفظة لا تصح من طريق النقد وإنما جاء بها ابن أبي ليلى ، وقيل : إنها من قول بعض الرواة ، وقد يحتمل أن يكون ذكر قيام السلعة بمعنى التغليب لا من أجل التفريق انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه النسائي .

                                                                      ( فذكر معناه ) : أي معنى الحديث السابق .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه ابن ماجه [ ص: 334 ] وأخرجه الترمذي من حديث عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن مسعود ، وقال : هذا مرسل ، عون بن عبد الله لم يدرك ابن مسعود . هذا آخر كلامه . وفي إسناده هذا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ولا يحتج به ، وعبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه وهو منقطع .

                                                                      وقد روي هذا الحديث من طرق عن عبد الله بن مسعود كلها وقد وقع في بعضها إذا اختلف البيعان والمبيع قائم بعينه وفي لفظ " والسلعة قائمة " ولا يصح ، وإنما جاءت من رواية ابن أبي ليلى وقد تقدم أنه لا يحتج به . وقيل إنها من قول بعض الرواة .

                                                                      وقال البيهقي : وأصح إسناد روي في هذا الباب رواية أبي العميس عن عبد الرحمن بن قيس بن محمد بن الأشعث بن قيس عن أبيه عن جده ، يريد بالحديث المذكور في أول الباب . انتهى كلام المنذري .




                                                                      الخدمات العلمية