الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 210 ] قوله تعالى : وإن كنتم مرضى الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج عبد بن حميد ، عن عطاء قال : احتلم رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مجدور، فغسلوه فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (قتلوه قتلهم الله، ضيعوه ضيعهم الله) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن ابن عباس ، أنه كان يطوف بالبيت بعد ما ذهب بصره، وسمع قوما يذكرون المجامعة، والملامسة، والرفث، ولا يدرون معناه واحدا أم شتى؟ فقال : إن الله أنزل القرآن بلغة كل حي من أحياء العرب، فما كان منه لا يستحي الناس من ذكره فقد عناه، وما كان منه يستحي الناس من ذكره فقد كناه، والعرب يعرفون معناه، ألا وإن المجامعة والملامسة والرفث، ووضع أصبعيه في أذنيه، ثم قال : ألا هو النيك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطستي في مسائله، عن ابن عباس ، أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى : أو لامستم النساء قال : أو جامعتم النساء، وهذيل تقول : اللمس باليد، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم، أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول :

                                                                                                                                                                                                                                      يلمس الأحلاس في منزله بيديه كاليهودي المصل



                                                                                                                                                                                                                                      وقال الأعشى : [ ص: 211 ]

                                                                                                                                                                                                                                      ورادعة صفراء بالطيب عندنا     للمس الندامى في يد الدرع مفتق .



                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة في قوله : فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه قال : إن أعياك الماء فلا يعيك الصعيد أن تضع فيه كفيك، ثم تنفضهما فتمسح بهما يديك ووجهك، لا تعدو ذلك لغسل جنابة، ولا لوضوء صلاة، ومن تيمم بالصعيد فصلى ثم قدر على الماء فعليه الغسل، وقد مضت صلاته التي كان صلاها، ومن كان معه ماء قليل، وخشي على نفسه الظمأ، فليتيمم الصعيد، وليتبلغ بمائه، فإنه كان يؤمر بذلك والله أعذر بالعذر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، عن عائشة قالت : سقطت قلادة لي بالبيداء، ونحن داخلون المدينة، فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل فثنى رأسه في حجري راقدا، وأقبل أبو بكر فلكزني لكزة شديدة وقال : حبست الناس في قلادة، فبي الموت لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أوجعني، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ، وحضرت الصبح، فالتمس الماء فلم يوجد، فنزلت : يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم هذه الآية، فقال أسيد بن الحضير : لقد بارك الله للناس فيكم يا آل أبي بكر . [ ص: 212 ] وأخرج عبد الرزاق ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، وابن ماجه ، عن عمار بن ياسر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرس بأولات الجيش، ومعه عائشة، فانقطع عقد لها من جزع ظفار، فحبس الناس ابتغاء عقدها ذلك حتى أضاء الفجر، وليس مع الناس ماء، فأنزل الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم رخصة التطهر بالصعيد الطيب، فقام المسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربوا بأيديهم الأرض، ثم رفعوا أيديهم ولم يقبضوا من التراب شيئا، فمسحوا بها وجوههم، ثم عادوا فضربوا بأيديهم ثانية، فمسحوا بها أيديهم إلى المناكب، ومن بطون أيديهم إلى الآباط .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية