الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب المختلفات التي يوجد على ما يوجد منها دليل على غسل القدمين ومسحهما .

حدثنا الربيع قال ( قال الشافعي ) نحن نقرأ آية الوضوء { فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين } بنصب أرجلكم على معنى فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم وامسحوا [ ص: 633 ] برءوسكم وعلى ذلك عندنا دلالة السنة ، والله أعلم قال : والكعبان اللذان أمر بغسلهما ما أشرف من مجمع مفصل الساق ، والقدم والعرب تسمي كل ما أشرف واجتمع كعبا حتى تقول كعب سمن ( قال الشافعي ) فذهب عوام أهل العلم أن قول الله { وأرجلكم إلى الكعبين } كقوله { وأيديكم إلى المرافق } وأن المرافق والكعبين مما يغسل .

حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن عمران بن بشير عن سالم سبلان مولى النضريين قال خرجنا مع عائشة زوج النبي إلى مكة فكانت تخرج بأبي حتى يصلي بها قال فأتى عبد الرحمن بن أبي بكر بوضوء ، فقالت عائشة أسبغ الوضوء فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { ويل للأعقاب من النار يوم القيامة } .

( قال الشافعي ) وأخبرنا سفيان عن محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي سلمة عن عائشة أنها قالت لعبد الرحمن أسبغ الوضوء يا عبد الرحمن فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { ويل للأعقاب من النار } .

( قال الشافعي ) فلا يجزئ متوضئا إلا أن يغسل ظهور قدميه وبطونهما وأعقابهما وكعبيه معا ( قال ) : وقد روي { أن رسول الله مسح على ظهور قدميه } وروي { أن رسول الله رش على ظهورهما } وأحد الحديثين من وجه صالح الإسناد قال فإن قال قائل فلم لا يجزئ مسح ظهور القدمين أو رشهما ولا يكون مضادا لحديث أن النبي غسل قدميه كما أجزأ المسح على الخفين ولم يكن مضادا لغسل القدمين ؟ قيل له الخفان حائلان دون القدمين فلا يجوز أن يقال المسح عليهما يضاد غسل القدمين وهو غيرهما والذي قال مسح أو رش ظهور القدمين فقد زعم أن ليس بواجب على المتوضئ غسل بطن القدمين ولا تخليل بين أصابعهما ولا غسل أصابعهما ولا غسل عقبيه ولا كعبيه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ويل للأعقاب من النار } ، وقال { ويل للعراقيب من النار } ولا يقال ويل لهما من النار إلا وغسلهما واجب لأن العذاب إنما يكون على ترك الواجب ، { وقال رسول الله لأعمى يتوضأ بطن القدم بطن القدم } فجعل الأعمى يغسل بطن القدم ولا يسمع النبي فسمي البصير فإن قال قائل فما جعل هذه الأحاديث أولى من حديث مسح ظهور القدمين ورشهما ؟ قيل : أما أحد الحديثين فليس مما يثبت أهل العلم بالحديث لو انفرد وأما الحديث الآخر فحسن الإسناد ولو كان منفردا ثبت والذي يخالفه أكثر وأثبت منه وإذا كان هكذا كان أولى ومع الذي خالفه ظاهر القرآن كما وصفت وهو قول الأكثر من العامة .

التالي السابق


الخدمات العلمية