الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا ) . لما أمر تعالى المؤمنين أولا بالنفر إلى الجهاد ثم ثانيا بقوله : ( فليقاتل في سبيل الله ) ثم ثالثا على طريق الحث والحض بقوله : ( وما لكم لا تقاتلون ) أخبر في هذه الآية بالتقسيم أن المؤمن هو الذي يقاتل في سبيل الله ، وأن الكافر هو الذي يقاتل في سبيل الطاغوت ، ليبين للمؤمنين فرق ما بينهم وبين الكفار ، ويقويهم بذلك ويشجعهم ويحرضهم . وإن من قاتل في سبيل الله هو الذي يغلب ; لأن الله هو وليه وناصره . ومن قاتل في سبيل الله الطاغوت فهو المخذول المغلوب . والطاغوت هنا الشيطان ؛ لقوله : فقاتلوا أولياء الشيطان . وهنا محذوف ، التقدير : فقاتلوا أولياء الشيطان فإنكم لقوتكم بالله ، ثم علل هذا المحذوف ، وهو غلبتكم إياهم بأن كيد الشيطان ضعيف ؛ فلا يقاوم نصر الله وتأييده ؛ وشتان بين عزم يرجع إلى إيمان بالله وبما وعد على الجهاد ، وعزم يرجع إلى غرور وأمان كاذبة . ودخلت كان في قوله : كان ضعيفا إشعارا بأن هذا الوصف سابق لكيد الشيطان ، وأنه لم يزل ضعيفا . وقيل هي بمعنى أي صار ضعيفا بالإسلام . وقول من زعم : أنها زائدة ؛ ليس بشيء . وقال الحسن : أخبرهم أنهم سيظهرون عليهم ؛ فلذلك كان ضعيفا .

التالي السابق


الخدمات العلمية