الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 741 ) مسألة : قال : ( ويفعل في الثانية مثل ما فعل في الأولى ) يعني يصنع في الركعة الثانية من الصلاة مثل ما صنع في الركعة الأولى على ما وصف ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم وصف الركعة الأولى للمسيء في صلاته ، ثم قال { : افعل ذلك في صلاتك كلها } . وهذا لا خلاف فيه نعلمه ، إلا أن الثانية تنقص النية وتكبيرة الإحرام والاستفتاح ; لأن ذلك يراد لافتتاح الصلاة ، وقد روى مسلم عن أبي هريرة ، قال { : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة بالحمد لله رب العالمين ، ولم يسكت } .

                                                                                                                                            وهذا يدل على أنه لم يكن يستفتح ولا يستعيذ ، ولا نعلم في ترك هذه الأمور الثلاثة خلافا ، فيما عدا الركعة الثالثة . فأما الاستعاذة فاختلفت الرواية عن أحمد فيها في كل ركعة ، فعنه أنها تختص بالركعة الأولى . وهو قول عطاء ، والحسن ، والنخعي ، والثوري ; لحديث أبي هريرة هذا ، ولأن الصلاة جملة واحدة فالقراءة فيها كلها كالقراءة الواحدة ، ولذلك اعتبرنا الترتيب في القراءة في الركعتين ، فأشبه ما لو سجد للتلاوة في أثناء قراءته .

                                                                                                                                            فإذا أتى بالاستعاذة في أولها كفى ذلك كالاستفتاح . فعلى هذه الرواية ، إذا ترك الاستعاذة في الأولى لنسيان أو غيره ، أتى بها في الثانية ، والاستفتاح بخلاف ذلك . نص عليه ; لأن الاستفتاح لافتتاح الصلاة ، فإذا فات في أولها فات محله . والاستعاذة للقراءة ، وهو يستفتحها في الثانية ، وإن شرع في القراءة قبل الاستعاذة ، لم يأت بها في تلك الركعة ; لأنها سنة فات محلها .

                                                                                                                                            والرواية الثانية ، يستعيذ في كل ركعة . وهو قول ابن سيرين ، والشافعي ، لقوله سبحانه وتعالى : { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } . فيقتضي ذلك تكرير الاستعاذة عند تكرير القراءة ، ولأنها مشروعة للقراءة ، فتكرر بتكررها ، كما لو كانت في صلاتين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية