ولما ذكر حاله في الدنيا بأنه لا يزال يواصله بالوحي والكرامة، ومنه ما هو مفتوح على أمته من بعده روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "
أريت ما هو مفتوح على أمتي من بعدي كفرا كفرا فسرني ذلك " . فلما كان ذلك وكان ذكره على وجه شمل الدارين صرح بالآخرة التي هي أعلى وأجل،
[ ص: 107 ] ولأدنى من يدخلها فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فكيف بما له صلى الله عليه وسلم، فقال مؤكدا لذلك كما أكد الأول بالقسم بما لهم فيه من الإنكار:
nindex.php?page=treesubj&link=29497_30614_34306_29064nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=4وللآخرة أي التي هي المقصود من الوجود بالذات لأنها باقية خالصة عن شوائب الكدر أو الحالة المتأخرة لك ليفهم منه أنه لا يزال في ترق من علي إلى أعلى منه وكامل إلى أكمل منه دائما أبدا لا إلى نهاية
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=4خير وقيد بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=4لك لأنه ليس كل أحد كذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=4من الأولى أي الدنيا الفانية التي لا سرور فيها خالص كما أن النهار الذي هو بعد الليل خير منه وأشرف ولا سيما الضحى منه، وقد أفهم ذلك أن
nindex.php?page=treesubj&link=31825الناس على أربعة أقسام : منهم من له الخير في الدارين وهم أهل الطاعة الأغنياء، [ومنهم من له الشر فيهما وهم الكفرة الفقراء]، ومنهم من له صورة [خير في الدنيا وشر في الآخرة وهم الكفرة الأغنياء، ومنهم من له صورة شر] في الدنيا وخير في الآخرة وهم المؤمنون الفقراء، قد قال:
الناس في الدنيا على أربع ... والنفس في فكرتهم حائرة
فواحد دنياه مقبوضة
... إن له من بعدها آخرة
وواحد دنياه مبسوطة
... ليس له من بعدها آخرة
وواحد قد حاز حظيهما
... سعيد في الدنيا وفي الآخرة
[ ص: 108 ] وواحد يسقط من بينهم
... فذلك لا دنيا ولا آخرة
وَلَمَّا ذَكَرَ حَالَهُ فِي الدُّنْيَا بِأَنَّهُ لَا يَزَالُ يُوَاصِلُهُ بِالْوَحْيِ وَالْكَرَامَةِ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مَفْتُوحٌ عَلَى أُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "
أَرَيْتَ مَا هُوَ مَفْتُوحٌ عَلَى أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي كُفْرًا كُفْرًا فَسَرَّنِي ذَلِكَ " . فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ وَكَانَ ذِكْرُهُ عَلَى وَجْهٍ شَمِلَ الدَّارَيْنِ صَرَّحَ بِالْآخِرَةِ الَّتِي هِيَ أَعْلَى وَأَجَلُّ،
[ ص: 107 ] وَلِأَدْنَى مَنْ يَدْخُلُهَا فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، فَكَيْفَ بِمَا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ مُؤَكِّدًا لِذَلِكَ كَمَا أَكَّدَ الْأَوَّلَ بِالْقَسَمِ بِمَا لَهُمْ فِيهِ مِنَ الْإِنْكَارِ:
nindex.php?page=treesubj&link=29497_30614_34306_29064nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=4وَلَلآخِرَةُ أَيِ الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْوُجُودِ بِالذَّاتِ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ خَالِصَةٌ عَنْ شَوَائِبِ الْكَدَرِ أَوِ الْحَالَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ لَكَ لِيَفْهَمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَزَالُ فِي تَرَقٍّ مِنْ عَلَيٍّ إِلَى أَعْلَى مِنْهُ وَكَامِلٍ إِلَى أَكْمَلَ مِنْهُ دَائِمًا أَبَدًا لَا إِلَى نِهَايَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=4خَيْرٌ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=4لَكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ كَذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=4مِنَ الأُولَى أَيِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الَّتِي لَا سُرُورَ فِيهَا خَالِصٌ كَمَا أَنَّ النَّهَارَ الَّذِي هُوَ بَعْدَ اللَّيْلِ خَيْرٌ مِنْهُ وَأَشْرَفُ وَلَا سِيَّمَا الضُّحَى مِنْهُ، وَقَدْ أَفْهَمَ ذَلِكَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31825النَّاسَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ : مِنْهُمْ مَنْ لَهُ الْخَيْرُ فِي الدَّارَيْنِ وَهُمْ أَهْلُ الطَّاعَةِ الْأَغْنِيَاءُ، [وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ الشَّرُّ فِيهِمَا وَهُمُ الْكَفَرَةُ الْفُقَرَاءُ]، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ صُورَةٌ [خَيْرٌ فِي الدُّنْيَا وَشَرٌّ فِي الْآخِرَةِ وَهُمُ الْكَفَرَةُ الْأَغْنِيَاءُ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ صُورَةُ شَرٍّ] فِي الدُّنْيَا وَخَيْرٍ فِي الْآخِرَةِ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ الْفُقَرَاءُ، قَدْ قَالَ:
النَّاسُ فِي الدُّنْيَا عَلَى أَرْبَعٍ ... وَالنَّفْسُ فِي فِكْرَتِهِمْ حَائِرَةٌ
فَوَاحِدٌ دُنْيَاهُ مَقْبُوضَةٌ
... إِنَّ لَهُ مِنْ بَعْدِهَا آخِرَةٌ
وَوَاحِدٌ دُنْيَاهُ مَبْسُوطَةٌ
... لَيْسَ لَهُ مِنْ بَعْدِهَا آخِرَةٌ
وَوَاحِدٌ قَدْ حَازَ حَظَّيْهِمَا
... سَعِيدٌ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ
[ ص: 108 ] وَوَاحِدٌ يَسْقُطُ مِنْ بَيْنِهِمْ
... فَذَلِكَ لَا دُنْيَا وَلَا آخِرَةَ