الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=28657فالعبودية العامة عبودية أهل السماوات والأرض كلهم لله ، برهم وفاجرهم ، مؤمنهم وكافرهم ، فهذه عبودية القهر والملك ، قال تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88وقالوا اتخذ الرحمن ولدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=89لقد جئتم شيئا إدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=90تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=91أن دعوا للرحمن ولدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=92وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=93إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا فهذا يدخل فيه مؤمنهم وكافرهم .
وقال تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=17ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء فسماهم عباده مع ضلالهم ، لكن تسمية مقيدة بالإشارة ، وأما المطلقة فلم تجئ إلا لأهل النوع الثاني ، كما سيأتي بيانه إن شاء الله .
وقال تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=46قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون وقال nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=31وما الله يريد ظلما للعباد وقال [ ص: 126 ] nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=48إن الله قد حكم بين العباد فهذا يتناول العبودية الخاصة والعامة .
وأما النوع الثاني : nindex.php?page=treesubj&link=28663فعبودية الطاعة والمحبة ، واتباع الأوامر ، قال تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=68ياعباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون وقال nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=17فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وقال nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما وقال تعالى عن إبليس nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=39ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين فقال تعالى عنهم nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=42إن عبادي ليس لك عليهم سلطان .
فالخلق كلهم عبيد ربوبيته ، وأهل طاعته وولايته هم عبيد إلهيته .
ولا يجيء في القرآن إضافة العباد إليه مطلقا إلا لهؤلاء .
وأما وصف عبيد ربوبيته بالعبودية فلا يأتي إلا على أحد خمسة أوجه : إما منكرا ، كقوله nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=93إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا والثاني معرفا باللام ، كقوله nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=31وما الله يريد ظلما للعباد ، nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=48إن الله قد حكم بين العباد .
الثالث : مقيدا بالإشارة أو نحوها ، كقوله nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=17أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء .
الرابع : أن يذكروا في عموم عباده ، فيندرجوا مع أهل طاعته في الذكر ، كقوله nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=46أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون .
الخامس : أن يذكروا موصوفين بفعلهم ، كقوله nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله .
[ ص: 127 ] وقد يقال : إنما سماهم عباده إذ لم يقنطوا من رحمته ، وأنابوا إليه ، واتبعوا أحسن ما أنزل إليهم من ربهم ، فيكونوا من عبيد الإلهية والطاعة .
وإنما انقسمت العبودية إلى خاصة وعامة ، لأن أصل معنى اللفظة الذل والخضوع ، يقال طريق معبد إذا كان مذللا بوطء الأقدام ، وفلان عبده الحب إذا ذلله ، لكن أولياؤه خضعوا له وذلوا طوعا واختيارا ، وانقيادا لأمره ونهيه ، وأعداؤه خضعوا له قهرا ورغما .
ونظير انقسام العبودية إلى خاصة وعامة nindex.php?page=treesubj&link=28658انقسام القنوت إلى خاص وعام ، والسجود كذلك ، قال تعالى في القنوت الخاص nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه وقال في حق مريم nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=12وكانت من القانتين وهو كثير في القرآن .
وقال في القنوت العام nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=26وله من في السماوات والأرض كل له قانتون أي خاضعون أذلاء .
وقال في السجود الخاص nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون وقال nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=58إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا وهو كثير في القرآن .
وقال في السجود العام nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=15ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال .
ولهذا كان هذا السجود الكره غير السجود المذكور في قوله nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=18ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس فخص بالسجود هنا كثيرا من الناس وعمهم بالسجود في سورة النحل nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=49ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهو سجود [ ص: 128 ] الذل والقهر والخضوع ، فكل أحد خاضع لربوبيته ، ذليل لعزته ، مقهور تحت سلطانه تعالى .