الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
5- ما يظن أنه مترادف وليس من المترادف :

من ذلك " الخوف والخشية " فالخشية أعلى من الخوف . وهي أشد منه لأنها مأخوذة من قولهم : شجرة خشية : أي يابسة ، وهو فوات الكلية . والخوف من قولهم : ناقة خوفاء : أي بها داء . وهو نقص وليس بفوات . كما أن الخشية تكون من عظم المخشي وإن كان الخاشي قويا . فهي خوف يشوبه تعظيم . والخوف من ضعف الخائف ، وإن كان المخوف أمرا يسيرا . ومادة الخشية : الخاء والشين والياء ، في تصاريفها تدل على العظمة ، فالشيخ : السيد الكبير ، والخيش : الغليظ من اللباس ، ولذا وردت الخشية غالبا في حق الله تعالى ، كقوله : إنما يخشى الله من عباده العلماء ، وقوله : الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله ، وأما قوله تعالى : يخافون ربهم من فوقهم ، [ ص: 195 ] فقد جاء في وصف الملائكة بعد ذكر قوتهم وشدة خلقهم ، فالتعبير عنهم بالخوف لبيان أنهم وإن كانوا غلاظا شدادا فهم بين يديه تعالى ضعفاء ، ثم أردفه بالفوقية الدالة على العظمة ، فجمع بين الأمرين اللذين تتضمنهما الخشية دون إخلال بقوة بأسهم ، وهما خوفهم من ربهم مع تعظيمه سبحانه .

ومن ذلك " الشح والبخل " فالشح أشد من البخل لأنه بخل مع حرص ، وذلك فيما يكون عادة .

ومن ذلك " السبيل والطريق " فالسبيل أغلب وقوعا في الخير ، أما الطريق فلا يكاد يراد به الخير إلا مقترنا بما يدل على ذلك من وصف أو إضافة كقوله : يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ، قال الراغب في مفرداته : السبيل : الطريق الذي فيه سهولة فهو أخص .

ومن ذلك " مد وأمد " قال الراغب : أكثر ما جاء الإمداد في المحبوب كقوله : وأمددناهم بفاكهة ، والمد في المكروه كقوله : ونمد له من العذاب مدا .

"

التالي السابق


الخدمات العلمية