الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 662 ] باب بيع الرطب باليابس من الطعام

حدثنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان أن زيدا أبا عياش أخبره أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسلت ؟ قال له سعد : أيهما أفضل ؟ فقال البيضاء فنهى عن ذلك ، وقال : { سمعت رسول الله يسأل عن شراء التمر بالرطب فقال رسول الله : أينقص الرطب إذا يبس ؟ قالوا : نعم فنهى عن ذلك } .

أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله { نهى عن المزابنة } والمزابنة بيع الثمر بالتمر كيلا وبيع الكرم بالزبيب كيلا .

أخبرنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة { أن رسول الله أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بكيلها تمرا يأكلها أهلها رطبا } .

أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه { أن رسول الله نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه ، وعن بيع الثمر بالتمر } قال عبد الله بن عمر وحدثنا زيد بن ثابت { أن رسول الله أرخص في بيع العرايا } .

( قال الشافعي ) : وبهذا كله نأخذ وليس فيه حديث يخالف صاحبه إنما النهي عن المزابنة وهي كل بيع كان من صنف واحد من الطعام بيع منه كيل معلوم بجزاف وكذلك جزاف بجزاف لأن بينا في سنة رسول الله أن يكون الطعام بالطعام من صنفه معلوما عند البائع والمشتري مثلا بمثل ويدا بيد والجزاف بالكيل والجزاف بالجزاف مجهول وأصل نهي النبي عن بيع الرطب بالتمر لأن الرطب ينقص إذا يبس في معنى المزابنة إذا كان ينقص إذا يبس فهو تمر بتمر أقل منه وهو لا يصلح بأقل منه وتمر بتمر لا يدرى كم مكيلة أحدهما من الآخر الرطب إذا يبس فصار تمرا لم يعلم كم قدره من قدر التمر ، وهكذا قلنا لا يصلح كل رطب بيابس في حال من الطعام إذا كانا من صنف واحد ولا رطب برطب لأن رسول الله إنما نهى عن بيع الرطب بالتمر لأن الرطب ينقص ونظر في المتعقب من الرطب وكذلك لا يجوز رطب برطب لأن نقصهما يختلف لا يدرى كم نقص هذا ونقص هذا فيصير مجهولا بمجهول وسواء كان الرطب بالرطب من الطعام من نفس خلقته أو رطبا بل بغير مبلول .

( قال الشافعي ) وإذا رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيع العرايا وهي رطب بتمر كان نهيه عن الرطب بالتمر والمزابنة عندنا والله أعلم من الجمل التي مخرجها عام وهي يراد بها الخاص والنهي عام على ما عدا العرايا والعرايا مما لم تدخل في نهيه لأنه لا ينهى عن أمر يأمر به إلا أن يكون منسوخا ولا نعلم ذلك منسوخا والله أعلم

قال الشافعي والعرايا أن يشتري الرجل ثمر النخلة وأكثر بخرصه من التمر بخرص الرطب رطبا ثم يقدر كم ينقص إذا يبس ثم يشتري بخرصه تمرا يقبض التمر قبل أن يتفرق البائع والمشتري فإن تفرقا قبل أن يتقابضا فسد البيع كما يفسد في الصرف ولا يشتري رجل من العرايا إلا ما كان خرصه تمرا أقل من خمسة أوسق فإذا كان أقل من خمسة أوسق بشيء وإن قل جاز فيه البيع فإن قال قائل كيف يجوز البيع فيما دون خمسة أوسق ولا يجوز فيما هو أكثر منها قيل يجوز بما أجازه به رسول الله الذي فرض الله طاعته ولم يجعل لأحد أن يقول معه إلا باتباعه ويرد بما رده به صلى الله عليه وسلم

حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة { أن رسول الله أرخص في بيع العرايا ما دون خمسة أوسق أو في خمسة أوسق } الشك من داود قال الشافعي وفي توقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إجازته بمكيلة من العرايا دليل على منع ما هو أكثر منها فهو ممنوع بيعه في الحديث نفسه ولو قال قائل وأدخله في بيع الرطب بالتمر والمزابنة لكان مذهبا يصح عندنا والله أعلم ولا تكون العرايا إلا من نخل أو عنب لا يخرص غيرهما

حدثنا الربيع قال قال الشافعي ولا يجوز بيع تمر بتمر إلا مثلا بمثل كيلا بكيل ولا يجوز وزنا بوزن لأن أصله الكيل

التالي السابق


الخدمات العلمية