الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم لمن المقربين

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : هلا قيل : وجاء السحرة فرعون فقالوا؟

                                                                                                                                                                                                قلت : هو على تقدير سائل سأل : ما قالوا إذ جاءوه ؟ فأجيب بقوله : قالوا إن لنا لأجرا [ ص: 486 ] أي : جعلا على الغلبة ، وقرئ : "إن لنا لأجرا" ، على الإخبار ، وإثبات الأجر العظيم ، وإيجابه ; كأنهم قالوا : لا بد لنا من أجر ، والتنكير للتعظيم ; كقول العرب : إن له لإبلا ، وإن له لغنما ، يقصدون الكثرة .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : وإنكم لمن المقربين ، ما الذي عطف عليه؟

                                                                                                                                                                                                قلت : هو معطوف على محذوف سد مسده حرف الإيجاب ; كأنه قال إيجابا لقولهم : إن لنا لأجرا ، نعم إن لكم لأجرا ، وإنكم لمن المقربين ، أراد : إني لأقتصر بكم على الثواب وحده ، وإن لكم مع الثواب ما يقل معه الثواب ، وهو التقريب والتعظيم ; لأن المثاب إنما يتهنأ بما يصل إليه ويغتبط به إذا نال معه الكرامة والرفعة .

                                                                                                                                                                                                وروي أنه قال لهم : تكونون أول من يدخل وآخر من يخرج ، وروى : أنه دعا برؤساء السحرة ، ومعلميهم ، فقال لهم : ما صنعتم؟ قالوا : قد علمنا سحرا لا يطيقه سحرة أهل الأرض ، إلا أن يكون أمرا من السماء ; فإنه لا طاقة لنا به ، وروي أنهم كانوا ثمانين ألفا ، وقيل : سبعين ألفا ، وقيل : بضعة وثلاثين ألفا ، واختلفت الروايات ، فمن مقل ومن مكثر ، وقيل : كان يعلمهم مجوسيان من أهل نينوى ، وقيل : قال فرعون : لا نغالب موسى إلا بما هو منه ، يعني السحر .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية