الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فرد ]

                                                          فرد : الله تعالى وتقدس هو الفرد ، وقد تفرد بالأمر دون خلقه . الليث : والفرد في صفات الله تعالى ، هو الواحد الأحد الذي لا نظير له ولا مثل ولا ثاني . قال الأزهري : ولم أجده في صفات الله تعالى التي وردت في السنة ، قال : ولا يوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : ولا أدري من أين جاء به الليث . والفرد : الوتر ، والجمع أفراد وفرادى ، على غير قياس ، كأنه جمع فردان . ابن سيده : الفرد نصف الزوج . والفرد : المنحر ، والجمع فراد ; أنشد ابن الأعرابي :

                                                          تخطف الصقر فراد السرب

                                                          والفرد أيضا : الذي لا نظير له ، والجمع أفراد . يقال : شيء فرد وفرد وفرد وفرد وفارد . والمفرد : ثور الوحش ; وفي قصيدة كعب :


                                                          ترمي الغيوب بعيني مفرد لهق



                                                          المفرد : ثور الوحش شبه به الناقة . وثور فرد وفارد وفرد وفرد وفريد ، كله بمعنى منفرد . وسدرة فاردة : انفردت عن سائر السدر . وفي الحديث : لا تعد فاردتكم ; يعني الزائدة على الفريضة أي لا تضم إلى غيرها ، فتعد معها وتحسب . وفي حديث أبي بكر : فمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة ; إنما قيل له ذلك لأنه كان إذا ركب لم يعتم معه غيره إجلالا له . وفي الحديث : جاءه رجل يشكو رجلا من الأنصار شجه فقال :


                                                          يا خير من يمشي بنعل     فرد أوهبه لنهدة ونهد



                                                          أراد النعل التي هي طاق واحد ولم تخصف طاقا على طاق ولم تطارق ، وهم يمدحون برقة النعال ، وإنما يلبسها ملوكهم وساداتهم ; أراد : يا خير الأكابر من العرب ، لأن لبس النعال لهم دون العجم . وشجرة فارد وفاردة : متنحية ; قال المسيب بن علس :


                                                          في ظل فاردة من السدر



                                                          وظبية فارد : منفردة انقطعت عن القطيع . وقوله : لا يغل فاردتكم ; فسره ثعلب فقال : معناه من انفرد منكم مثل واحد أو اثنين فأصاب غنيمة فليردها على الجماعة ولا يغلها أي لا يأخذها وحده . وناقة فاردة ومفراد : تنفرد في المراعي ، والذكر فارد لا غير . وأفراد النجوم : الدراري التي تطلع في آفاق السماء ، سميت بذلك لتنحيها وانفرادها من سائر النجوم . والفرود من الإبل : المتنحية في المرعى والمشرب ; وفرد بالأمر يفرد وتفرد وانفرد واستفرد ; قال ابن سيده : وأرى اللحياني حكى فرد وفرد . واستفرد فلانا : انفرد به . أبو زيد : فردت بهذا الأمر أفرد به فرودا إذا انفردت به . ويقال : استفردت الشيء إذا أخذته فردا لا ثاني له ولا مثل ; قال الطرماح يذكر قدحا من قداح الميسر :


                                                          إذا انتخت بالشمال بارحة     حال بريحا واستفردته يده



                                                          والفارد والفرد : الثور ; وقال ابن السكيت في قوله :


                                                          طاوي المصير كسيف الصيقل الفرد



                                                          قال : الفرد والفرد ، بالفتح والضم أي هو منقطع القرين لا مثل له في جودته . قال : ولم أسمع بالفرد إلا في هذا البيت . واستفرد الشيء : أخرجه من بين أصحابه . وأفرده : جعله فردا . وجاءوا فرادى وفرادى أي واحدا بعد واحد . أبو زيد عن الكلابيين : جئتمونا فرادى ، وهم فراد وأزواج نونوا . قال : وأما قوله تعالى : ولقد جئتمونا فرادى فإن الفراء قال : فرادى جمع . قال : والعرب تقول قوم فرادى ، وفراد يا هذا فلا يجرونها ، شبهت بثلاث ورباع . قال : وفرادى واحدها فرد وفريد وفرد وفردان ، ولا يجوز فرد في هذا المعنى ; قال وأنشدني بعضهم :


                                                          ترى النعرات الزرق تحت لبانه     فراد ومثنى أضعفتها صواهله



                                                          وقال الليث : الفرد ما كان وحده . يقال : فرد يفرد وأفردته جعلته واحدا . ويقال : جاء القوم فرادا وفرادى ، منونا وغير منون أي واحدا واحدا . وعددت الجوز أو الدراهم أفرادا أي واحدا واحدا . ويقال : قد استطرد فلان لهم فكلما استفرد رجلا كر عليه فجدله . والفرد : الجانب الواحد من اللحي كأنه يتوهم مفردا ، والجمع أفراد . قال ابن سيده : وهو الذي عناه سيبويه بقوله : نحو فرد وأفرادا ، ولم يعن الفرد الذي هو ضد الزوج ، لأن ذلك لا يكاد يجمع . وفرد : كثيب منفرد عن الكثبان غلب عليه ذلك ، وفيه الألف واللام حتى جعل ذلك اسما له ، كزيد ، ولم نسمع فيه الفرد ; قال :


                                                          لعمري لأعرابية في عباءة     تحل الكثيب من سويقة أو فردا



                                                          وفردة أيضا : رملة معروفة ; قال الراعي :


                                                          إلى ضوء نار بين فردة والرحى



                                                          وفردة : ماء من مياه جرم . والفريد والفرائد : المحال التي انفردت فوقعت بين آخر المحالات الست التي تلي دأي العنق وبين الست التي بين العجب وبين هذه ، سميت به لانفرادها ، واحدتها فريدة ; وقيل : الفريدة المحالة التي تخرج من الصهوة التي تلي المعاقم وقد تنتأ من بعض الخيل ، وإنما دعيت فريدة لأنها وقعت بين فقار الظهر وبين محال الظهر ومعاقم العجز ; والمعاقم : ملتقى أطراف العظام ومعاقم العجز . والفريد والفرائد : الشذر الذي يفصل بين اللؤلؤ والذهب ، واحدته فريدة ويقال له : الجاورسق بلسان العجم ، وبياعه الفراد . والفريد : الدر إذا نظم وفصل بغيره ، وقيل : الفريد ، بغير هاء ، الجوهرة النفيسة كأنها مفردة في نوعها ، والفراد صانعها . وذهب مفرد : مفصل بالفريد . وقال إبراهيم الحربي : الفريد جمع الفريدة ، وهي الشذر من فضة كاللؤلؤة . وفرائد الدر : كبارها . ابن الأعرابي : وفرد الرجل إذا تفقه واعتزل الناس وخلا بمراعاة الأمر والنهي . وقد جاء في الخبر : طوبى للمفردين ، وقال القتيبي في هذا الحديث : المفردون الذين قد هلك لداتهم من الناس ، وذهب القرن الذي كانوا فيه ، وبقوا هم يذكرون الله ; قال أبو منصور : وقول ابن الأعرابي في [ ص: 150 ] التفريد عندي أصوب من قول القتيبي . وفي الحديث عن أبي هريرة : أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، كان في طريق مكة على جبل يقال له بجدان ، فقال : سيروا هذا بجدان ، سبق المفردون ، وفي رواية : طوبى للمفردين ، قالوا : يا رسول الله ، ومن المفردون ، قال : الذاكرون الله كثيرا والذاكرات ، وفي رواية قال : الذين اهتزوا في ذكر الله . ويقال : فرد برأيه وأفرد وفرد واستفرد بمعنى انفرد به . وفي حديث الحديبية : لأقاتلنهم حتى تنفرد سالفتي أي حتى أموت ; السالفة : صفحة العنق ، وكنى بانفرادها عن الموت لأنها لا تنفرد عما يليها إلا به . وأفردته : عزلته ، وأفردت إليه رسولا . وأفردت الأنثى : وضعت واحدا ، فهي مفرد وموحد ومفذ ; قال : ولا يقال ذلك في الناقة لأنها لا تلد إلا واحدا ; وفرد وانفرد بمعنى ; قال الصمة القشيري :


                                                          ولم آت البيوت مطنبات     بأكثبة فردن من الرغام



                                                          وتقول : لقيت زيدا فردين إذا لم يكن معكما أحد . وتفردت بكذا واستفردته إذا انفردت به . والفرود : كواكب زاهرة حول الثريا . والفرود : نجوم حول حضار ، وحضار هذا نجم ، وهو أحد المحلفين ; أنشد ثعلب :


                                                          أرى نار ليلى بالعقيق كأنها     حضار إذا ما أعرضت وفرودها



                                                          وفرود وفردة : اسما موضعين ; قال بعض الأغفال :


                                                          لعمري لأعرابية في عباءة     تحل الكثيب من سويقة أو فردا
                                                          أحب إلى القلب الذي لج في الهوى     من اللابسات الريط يظهرنه كيدا



                                                          أردف أحد البيتين ولم يردف الآخر . قال ابن سيده : وهذا نادر ; ومثله قول أبي فرعون :


                                                          إذا طلبت الماء قالت ليكا كأن شفريها     إذا ما احتكا حرفا برام كسرا فاصطكا



                                                          قال : ويجوز أن يكون قوله أو فردا مرخما من فردة ، رخمه في غير النداء اضطرارا ، كقول زهير :


                                                          خذوا حظكم يا آل عكرم واذكروا     أواصرنا والرحم بالغيب تذكر



                                                          أراد عكرمة . والفردات : اسم موضع ; قال عمرو بن قميئة :


                                                          نوازع للخال إن شمنه     على الفردات يسح السجالا



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية