الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فرر ]

                                                          فرر : الفر والفرار : الروغان والهرب . فر يفر فرارا : هرب . ورجل فرور وفرورة وفرار : غير كرار ، وفر ، وصف بالمصدر ، فالواحد والجمع فيه سواء . وفي حديث الهجرة : قال سراقة بن مالك حين نظر إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وإلى أبي بكر ، رضي الله عنه ، مهاجرين إلى المدينة فمرا به فقال : هذان فر قريش ، أفلا أرد على قريش فرها ؟ يريد الفارين من قريش ; يقال منه : رجل فر ورجلان فر ، لا يثنى ولا يجمع .

                                                          قال الجوهري : رجل فر ، وكذلك الاثنان ، والجمع والمؤنث ; يعني هذان الفران ; قال أبو ذؤيب يصف صائدا أرسل كلابه على ثور وحشي فحمل عليها ففرت منه فرماه الصائد بسهم فأنفذ به طرتي جنبيه :


                                                          فرمى لينفذ فرها فهوى له سهم فأنفذ طرتيه المنزع



                                                          وقد يكون الفر جمع فار كشارب وشرب وصاحب وصحب ; وأراد : فأنفذ طرتيه السهم فلما لم يستقم له قال : المنزع . والفرى : الكتيبة المنهزمة ، وكذلك الفلى . وأفره غيره وتفاروا أي تهاربوا . وفرس مفر ، بكسر الميم : يصلح للفرار عليه ; ومنه قوله تعالى : أين المفر . والمفر ، بكسر الفاء : الموضع . وأفر به : فعل به فعلا يفر منه . وفي [ ص: 151 ] الحديث : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال لعدي بن حاتم : ما يفرك عن الإسلام إلا أن يقال لا إله إلا الله . التهذيب : يقال أفررت الرجل أفره إفرارا إذا عملت به عملا يفر منه ويهرب أي ما يحملك على الفرار إلا التوحيد ; وكثير من المحدثين يقولونه بفتح الياء وضم الفاء ، قال : والصحيح الأول ; وفي حديث عاتكة :


                                                          أفر صياح القوم عزم قلوبهم     فهن هواء ، والحلوم عوازب



                                                          أي حملها على الفرار ، وجعلها خالية بعيدة غائبة العقول . والفرور من النساء : النوار . وقوله تعالى : أين المفر أي أين الفرار وقرئ : ( أين المفر ) أي أين موضع الفرار ; عن الزجاج ، وقد أفررته . وفر الدابة يفرها ، بالضم ، فرا : كشف عن أسنانها لينظر ما سنها . يقال : فررت عن أسنان الدابة أفر عنها فرا إذا كشفت عنها لتنظر إليها . أبو ربعي والكلابي : يقال هذا فر بني فلان ، وهو وجههم وخيارهم الذي يفترون عنه ; قال الكميت :


                                                          ويفتر منك عن الواضحات     إذا غيرك القلح الأثعل



                                                          ومن أمثالهم : إن الجواد عينه فراره . ويقال : الخبيث عينه فراره ، يقول : تعرف الجودة في عينه كما تعرف سن الدابة إذا فررتها ، وكذلك تعرف الخبث في عينه إذا أبصرته . الجوهري : إن الجواد عينه فراره ، وقد يفتح أي يغنيك شخصه ومنظره عن أن تختبره وأن تفر أسنانه . وفررت الفرس أفره فرا إذا نظرت إلى أسنانه . وفي خطبة الحجاج : لقد فررت عن ذكاء وتجربة . وفي حديث ابن عمر ، رضي الله عنهما ، أراد أن يشتري بدنة فقال : فرها . وفي حديث عمر : قال لابن عباس ، رضي الله عنه : كان يبلغني عنك أشياء كرهت أن أفرك عنها أي أكشفك . ابن سيده : ويقال للفرس الجواد عينه فراره ، تقوله إذا رأيته ، بكسر الفاء ، وهو مثل يضرب للإنسان يسأل عنه أي أنه مقيم لم يبرح . وفر الأمر وفر عنه : بحث . وفر الأمر جذعا أي استقبله . ويقال أيضا : فر الأمر جذعا أي رجع عوده على بدئه ; قال :

                                                          وما ارتقيت على أرجاء مهلكة إلا منيت بأمر فر لي جذعا

                                                          وأفرت الخيل والإبل للإثناء ، بالألف : سقطت رواضعها ، وطلع غيرها . وافتر الإنسان : ضحك ضحكا حسنا . وافتر فلان ضاحكا أي أبدى أسنانه . وافتر عن ثغره إذا كشر ضاحكا ; ومنه الحديث في صفة النبي ، صلى الله عليه وسلم :

                                                          ويفتر عن مثل حب الغمام أي يكشر إذا تبسم من غير قهقهة ، وأراد بحب الغمام البرد ; شبه بياض أسنانه به وافتر يفتر ، افتعل من فررت أفر . ويقال : فر فلانا عما في نفسه أي استنطقه ليدل بنطقه عما في نفسه . وافتر البرق : تلألأ ، وهو فوق الانكلال في الضحك والبرق ، واستعاروا ذلك للزمن فقالوا : إن الصرفة ناب الدهر الذي يفتر عنه ، وذلك أن الصرفة إذا طلعت خرج الزهر واعتم النبت . وافتر الشيء : استنشقه ; قال رؤبة :


                                                          كأنما افتر نشوقا منشقا



                                                          ويقال : هو فرة قومه أي خيارهم ، وهذا فرة مالي أي خيرته . اليزيدي : أفررت رأسه بالسيف إذا فلقته . والفرير والفرار : ولد النعجة والماعزة والبقرة . ابن الأعرابي : الفرير ولد البقر ; وأنشد :


                                                          يمشي بنو علكم هزلى وإخوتهم     عليكم مثل فحل الضأن فرفور



                                                          قال : أراد فرار فقال : فرفور ، والأنثى فرارة ، وجمعها فرار أيضا ، وهو من أولاد المعز ما صغر جسمه ; وعم ابن الأعرابي بالفرير ولد الوحشية من الظباء والبقر ونحوهما . وقال مرة : هي الخرفان والحملان ، ومن أمثالهم :


                                                          نزو الفرار استجهل الفرارا



                                                          قال المؤرج : هو ولد البقرة الوحشية يقال له فرار وفرير ، مثل طوال وطويل ، فإذا شب وقوي أخذ في النزوان ، فمتى ما رآه غيره نزا لنزوه ، يضرب مثلا لمن تتقى مصاحبته . يقول : إنك إن صاحبته فعلت فعله . يقال : فرار ، جمع فرارة ، وهي الخرفان ، وقيل : الفرير واحد ، والفرار جمع . قال أبو عبيدة : ولم يأت على فعال شيء من الجمع إلا أحرف هذا أحدها ، وقيل : الفرير والفرار والفرارة والفرفر والفرفور والفرور والفرافر الحمل إذا فطم واستجفر وأخصب وسمن ; وأنشد ابن الأعرابي في الفرار ، الذي هو واحد قول

                                                          الفرزدق

                                                          :


                                                          لعمري لقد هانت عليك ظعينة     فريت برجليها الفرار المرنقا



                                                          والفرار : يكون للجماعة والواحد . والفرار : البهم الكبار ، واحدها فرفور . والفرير : موضع المجسة من معرفة الفرس ، وقيل : هو أصل معرفة الفرس . وفرفر الرجل إذا استعجل بالحماقة . ووقع القوم في فرة وأفرة أي اختلاط وشدة . وفرة الحر وأفرته : شدته ، وقيل : أوله . ويقال : أتانا فلان في أفرة الحر أي في أوله ، ويقال : بل في شدته ، بضم الهمزة وفتحها ، والفاء مضمومة فيهما ، ومنهم من يقول : في فرة الحر ، ومنهم من يقول : في أفرة الحر ، بفتح الألف . وحكى الكسائي أن منهم من يجعل الألف عينا ، فيقول : في عفرة الحر وعفرة الحر ; قال أبو منصور : أفرة عندي من باب أفر يأفر ، والألف أصلية على فعلة ، مثل الخضلة . الليث : ما زال فلان في أفرة شر من فلان . والفرفرة : الصياح . وفرفره : صاح به ; قال أوس بن مغراء السعدي :


                                                          إذا ما فرفروه رغا وبالا



                                                          والفرفرة : العجلة . ابن الأعرابي : فر يفر إذا عقل بعد استرخاء . والفرفرة : الطيش والخفة ; ورجل فرفار وامرأة فرفارة . والفرفرة : الكلام . والفرفار : الكثير الكلام كالثرثار . وفرفر في كلامه : خلط وأكثر . والفرافر : الأخرق . وفرفر الشيء : كسره . والفرافر والفرفار : الذي يفرفر كل شيء أي يكسره . وفرفرت الشيء : حركته مثل هرهرته ، يقال : فرفر الفرس إذا ضرب بفأس لجامه أسنانه ، وحرك رأسه ; وناس يروونه في شعر امرئ القيس ، بالقاف ، قال ابن بري هو قوله :

                                                          [ ص: 152 ]

                                                          إذا زعته من جانبيه كليهما     مشى الهيذبى في دفه ثم فرفرا



                                                          ويروى قرقرا . والهيذبى ، بالذال المعجمة : سير سريع من أهذب الفرس في سيره إذا أسرع ، ويروى الهيدبى ، بدال غير معجمة ، وهي مشية فيها تبختر ، وأصله من الثوب الذي له هدب ، لأن الماشي فيه يتبختر ; قال : والرواية الصحيحة فرفر ، بالفاء ، على ما فسره ، ومن رواه قرقر ، بالقاف ، فبمعنى صوت . قال : وليس بالجيد عندهم لأن الخيل لا توصف بهذا . وفرفر الدابة اللجام : حركه . وفرس فرافر : يفرفر اللجام في فيه . وفرفرني فرفارا : نفضني وحركني . وفرفر البعير : نفض جسده . وفرفر أيضا : أسرع وقارب الخطو ; وأنشد بيت امرئ القيس :


                                                          مشى الهيذبى في دفه ثم فرفرا



                                                          وفرفر الشيء : شققه . وفرفر إذا شقق الزقاق وغيرها . والفرفار : ضرب من الشجر تتخذ منه العساس والقصاع ; قال :


                                                          والبلط يبري حبر الفرفار



                                                          البلط : المخرطة . والحبر : العقد . وفرفر الرجل إذا أوقد بالفرفار ، وهي شجرة صبور على النار . وفرفر إذا عمل الفرفار ، وهو مركب من مراكب النساء ، والرعاء شبه الحوية والسوية . والفرفور والفرافر : سويق يتخذ من الينبوت ، وفي مكان آخر : سويق ينبوت عمان . والفرفر : العصفور ، وقيل : الفرفر والفرفور العصفور الصغير . الجوهري : الفرفور طائر ; قال الشاعر :


                                                          حجازية لم تدر ما طعم فرفر     ولم تأت يوما أهلها بتبشر



                                                          قال : التبشر الصعوة . وفي حديث عون بن عبد الله : ما رأيت أحدا يفرفر الدنيا فرفرة هذا الأعرج ; يعني أبا حازم أي يذمها ويمزقها بالذم والوقيعة فيها . ويقال الذئب يفرفر الشاة أي يمزقها . وفرير : بطن من العرب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية