الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فرش ]

                                                          فرش : فرش الشيء يفرشه ويفرشه فرشا وفرشه فانفرش وافترشه : بسطه . الليث : الفرش مصدر فرش يفرش ويفرش وهو بسط الفراش ، وافترش فلان ترابا أو ثوبا تحته . وأفرشت الفرس إذا استأتت أي طلبت أن تؤتى . وافترش فلان لسانه : تكلم كيف شاء أي بسطه . وافترش الأسد والذئب ذراعيه : ربض عليهما ومدهما ; قال :


                                                          ترى السرحان مفترشا يديه كأن بياض لبته الصديع



                                                          وافترش ذراعيه : بسطهما على الأرض . وروي عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه نهى في الصلاة عن افتراش السبع ، وهو أن يبسط ذراعيه في السجود ولا يقلهما ويرفعهما عن الأرض إذا سجد كما يفترش الذئب والكلب ذراعيه ويبسطهما . والافتراش ، افتعال : من الفرش والفراش . وافترشه أي وطئه . والفراش : ما افترش ، والجمع أفرشة وفرش ; سيبويه ; وإن شئت خففت في لغة بني تميم . وقد يكنى بالفرش عن المرأة . والمفرشة : الوطاء الذي يجعل فوق الصفة . والفرش : المفروش من متاع البيت . وقوله تعالى : الذي جعل لكم الأرض فراشا أي وطاء لم يجعلها حزنة غليظة لا يمكن الاستقرار عليها . ويقال : لقي فلان فلانا فافترشه إذا صرعه . والأرض فراش الأنام ، والفرش الفضاء الواسع من الأرض ، وقيل : هي أرض تستوي وتلين وتنفسح عنها الجبال . الليث : يقال فرش فلان داره إذا [ ص: 156 ] بلطها ; قال أبو منصور : وكذلك إذا بسط فيها الآجر والصفيح فقد فرشها . وتفريش الدار : تبليطها . وجمل مفترش الأرض : لا سنام له ، وأكمة مفترشة الأرض كذلك ، وكله من الفرش . والفريش : الثور العربي الذي لا سنام له ; قال طريح :


                                                          غبس خنابس كلهن مصدر     نهد الزبنة كالفريش شتيم



                                                          وفرشه فراشا . وأفرشه : فرشه له . ابن الأعرابي : فرشت زيدا بساطا وأفرشته وفرشته إذا بسطت له بساطا في ضيافته ، وأفرشته إذا أعطيته فرشا من الإبل . الليث : فرشت فلانا أي فرشت له ، ويقال : فرشته أمري أي بسطته كله ، وفرشت الشيء أفرشه وأفرشه : بسطته . ويقال : فرشه أمره إذا أوسعه إياه وبسطه له . والمفرش : شيء كالشاذكونة . والمفرشة : شيء يكون على الرحل يقعد عليها الرجل ، وهي أصغر من المفرش ، والمفرش أكبر منه . والفرش والمفارش : النساء لأنهن يفترشن ; قال أبو كبير :


                                                          منهم ولا هلك المفارش عزل



                                                          أي النساء ، وافترش الرجل المرأة للذة . والفريش : الجارية يفترشها الرجل . الليث : جارية فريش قد افترشها الرجل ، فعيل جاء من افتعل ، قال أبو منصور : ولم أسمع جارية فريش لغيره . أبو عمرو : الفراش الزوج والفراش المرأة والفراش ما ينامان عليه والفراش البيت والفراش عش الطائر ; قال أبو كبير الهذلي :


                                                          حتى انتهيت إلى فراش عزيزة



                                                          والفراش : موقع اللسان في قعر الفم . وقوله تعالى : وفرش مرفوعة قالوا : أراد بالفرش نساء أهل الجنة ذوات الفرش . يقال لامرأة الرجل : هي فراشه وإزاره ولحافه ، وقوله ( مرفوعة ) رفعن بالجمال عن نساء أهل الدنيا ، وكل فاضل رفيع . وقوله ، صلى الله عليه وسلم : الولد للفراش وللعاهر الحجر ; معناه أنه لمالك الفراش ، وهو الزوج والمولى ، لأنه يفترشها ، وهذا من مختصر الكلام ، كقوله عز وجل : واسأل القرية يريد أهل القرية . والمرأة تسمى فراشا لأن الرجل يفترشها . ويقال : افترش القوم الطريق إذا سلكوه . وافترش فلان كريمة فلان فلم يحسن صحبتها إذا تزوجها . ويقال : فلان كريم متفرش لأصحابه إذا كان يفرش نفسه لهم . وفلان كريم المفارش إذا تزوج كرائم النساء . والفريش من الحافر : التي أتى عليها من نتاجها سبعة أيام واستحقت أن تضرب ، أتانا كانت أو فرسا ، وهو على التشبيه بالفريش من النساء ، والجمع فرائش ; قال الشماخ :


                                                          راحت يقحمها ذو أزمل وسقت     له الفرائش والسلب القياديد



                                                          الأصمعي : فرس فريش إذا حمل عليها بعد النتاج بسبع . والفريش من ذوات الحافر : بمنزلة النفساء من النساء إذا طهرت ، وبمنزلة العوذ من النوق . والفرش : الموضع الذي يكثر فيه النبات . والفرش : الزرع إذا فرش . وفرش النبات فرشا : انبسط على وجه الأرض . والمفرش : الزرع إذا انبسط ، وقد فرش تفريشا . وفراش اللسان : اللحمة التي تحته ، وقيل : هي الجلدة الخشناء التي تلي أصول الأسنان العليا ، وقيل : الفراش موقع اللسان من أسفل الحنك ، وقيل : الفراشتان ، بالهاء ، غرضوفان عند اللهاة . وفراش الرأس : عظام رقاق تلي القحف . النضر : الفراشان عرقان أخضران تحت اللسان ; وأنشد يصف فرسا :


                                                          خفيف النعامة ذو ميعة     كثيف الفراشة ناتي الصرد



                                                          ابن شميل : فراشا اللجام الحديدتان اللتان يربط بهما العذاران ، والعذاران السيران اللذان يجمعان عند القفا . ابن الأعرابي : الفرش الكذب ، يقال : كم تفرش كم ! وفراش الرأس : طرائق دقاق من القحف ، وقيل : هو ما رق من عظم الهامة ، وقيل : كل رقيق من عظم فراشة ، وقيل : كل عظم ضرب فطارت منه عظام رقاق ، فهي الفراش ، وقيل : كل قشور تكون على العظم دون اللحم ، وقيل : هي العظام التي تخرج من رأس الإنسان إذا شج وكسر ، وقيل : لا تسمى عظام الرأس فراشا حتى تتبين ، الواحدة من كل ذلك فراشة . والمفرشة والمفترشة من الشجاج : التي تبلغ الفراش . وفي حديث مالك : في المنقلة التي يطير فراشها خمسة عشر ; المنقلة من الشجاج التي تنقل العظام . الأصمعي : المنقلة من الشجاج ، هي التي يخرج منها فراش العظام ، وهي قشرة تكون على العظم دون اللحم ; ومنه قول النابغة :


                                                          ويتبعها منهم فراش الحواجب



                                                          والفراش : عظم الحاجب . ويقال : ضربه فأطار فراش رأسه ، وذلك إذا طارت العظام رقاقا من رأسه . وكل رقيق من عظم أو حديد ، فهو فراشة ; وبه سميت فراشة القفلغ لرقتها . وفي حديث علي ، كرم الله وجهه : ضرب يطير منه فراش الهام ; الفراش : عظام رقاق تلي قحف الرأس . الجوهري : المفرشة الشجة التي تصدع العظم ولا تهشم ، والفراشة : ما شخص من فروع الكتفين فيما بين أصل العنق ومستوى الظهر وهما فراشا الكتفين . والفراشتان : طرفا الوركين في النقرة . وفراش الظهر : مشك أعالي الضلوع فيه . وفراش القفل : مناشبه ، واحدتها فراشة ; حكاها أبو عبيد ; قال ابن دريد : لا أحسبها عربية . وكل حديدة رقيقة : فراشة . وفراشة القفل : ما ينشب فيه . يقال : أقفل فأفرش . وفراش النبيذ : الحبب الذي عليه . والفرش : الزرع ، إذا صارت له ثلاث ورقات وأربع . وفرش الإبل وغيرها : صغارها ، الواحد والجمع في ذلك سواء . قال الفراء : لم أسمع له بجمع ، قال : ويحتمل أن يكون مصدرا سمي به من قولهم فرشها الله فرشا أي بثها بثا . وفي التنزيل العزيز : ومن الأنعام حمولة وفرشا وفرشها : كبارها ; عن ثعلب ; وأنشد :


                                                          له إبل فرش وذات أسنة     صهابية حانت عليه حقوقها



                                                          وقيل : الفرش من النعم ما لا يصلح إلا للذبح . وقال الفراء : الحمولة ما أطاق العمل والحمل . والفرش : الصغار . وقال أبو إسحاق : أجمع أهل اللغة على أن الفرش صغار الإبل . وقال بعض المفسرين : الفرش صغار الإبل وإن البقر والغنم من الفرش . قال : والذي جاء في [ ص: 157 ] التفسير يدل عليه قوله عز وجل : ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين فلما جاء هذا بدلا من قوله : حمولة وفرشا جعله للبقر والغنم مع الإبل ; قال أبو منصور : وأنشدني غيره ما يحقق قول أهل التفسير :


                                                          ولنا الحامل الحمولة والفر     ش من الضأن والحصون السيوف



                                                          وفي حديث أذينة : في الظفر فرش من الإبل ; هو صغار الإبل ، وقيل : هو من الإبل والبقر والغنم ما لا يصلح إلا للذبح . وأفرشته : أعطيته فرشا من الإبل ، صغارا أو كبارا . وفي حديث خزيمة يذكر السنة : وتركت الفريش مسحنككا أي شديد السواد من الاحتراق . قيل : الفراش الصغار من الإبل ; قال أبو بكر : هذا غير صحيح عندي لأن الصغار من الإبل لا يقال لها إلا الفرش . وفي حديث آخر : لكم العارض والفريش ; قال القتيبي : هي التي وضعت حديثا كالنفساء من النساء . والفرش : منابت العرفط ; قال الشاعر :


                                                          وأشعث أعلى ماله كفف له     بفرش فلاة بينهن قصيم



                                                          ابن الأعرابي : فرش من عرفط وقصيمة من غضا وأيكة من أثل وغال من سلم وسليل من سمر . وفرش الحطب والشجر : دقه وصغاره . ويقال : ما بها إلا فرش من الشجر . وفرش العضاه : جماعتها . والفرش : الدارة من الطلح ، وقيل : الفرش الغمض من الأرض فيه العرفط والسلم والعرفج والطلح والقتاد والسمر والعوسج ، وهو ينبت في الأرض مستوية ميلا وفرسخا ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          وقد أراها وشواها الحبشا     ومشفرا إن نطقت أرشا
                                                          كمشفر الناب تلوك الفرشا



                                                          ثم فسره فقال : إن الإبل إذا أكلت العرفط والسلم استرخت أفواهها . والفرش في رجل البعير : اتساع قليل وهو محمود ، وإذا كثر وأفرط الروح حتى اصطك العرقوبان فهو العقل ، وهو مذموم . وناقة مفروشة الرجل إذا كان فيها اسطار وانحناء ; وأنشد الجعدي :


                                                          مطوية الزور طي البئر دوسرة     مفروشة الرجل فرشا لم يكن عقلا



                                                          ويقال : الفرش في الرجل هو أن لا يكون فيها انتصاب ولا إقعاد . وافترش الشيء أي انبسط . ويقال : أكمة مفترشة الظهر إذا كانت دكاء . وفي حديث طهفة : لكم العارض والفريش ; الفريش من النبات : ما انبسط على وجه الأرض ولم يقم على ساق . وقال ابن الأعرابي : الفرش مدح والعقل ذم والفرش اتساع في رجل البعير فإن كثر فهو عقل . وقال أبو حنيفة : الفرشة الطريقة المطمئنة من الأرض شيئا يقود اليوم والليلة ونحو ذلك ، قال : ولا يكون إلا فيما اتسع من الأرض واستوى وأصحر ، والجمع فروش . والفراشة : حجارة عظام أمثال الأرحاء توضع أولا ثم يبنى عليها الركيب وهو حائط النخل . والفراشة : البقية تبقى في الحوض من الماء القليل الذي ترى أرض الحوض من ورائه من صفائه . والفراشة : منقع الماء في الصفاة وجمعها فراش . وفراش القاع والطين : ما يبس بعد نضوب الماء من الطين على وجه الأرض ، والفراش : أقل من الضحضاح ; قال ذو الرمة يصف الحمر :


                                                          وأبصرن أن القنع صارت نطافه     فراشا وأن البقل ذاو ويابس



                                                          والفراش : حبب الماء من العرق ، وقيل : هو القليل من العرق ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          فراش المسيح فوقه يتصبب



                                                          قال ابن سيده : ولا أعرف هذا البيت إنما المعروف بيت لبيد :


                                                          علا المسك والديباج فوق نحورهم     فراش المسيح كالجمان المثقب



                                                          قال : وأرى ابن الأعرابي إنما أراد هذا البيت فأحال الرواية إلا أن يكون لبيد قد أقوى فقال :


                                                          فراش المسيح فوقه يتصبب



                                                          قال : وإنما قلت إنه أقوى لأن روي هذه القصيدة مجرور ، وأولها :


                                                          أرى النفس لجت في رجاء مكذب     وقد جربت لو تقتدي بالمجرب



                                                          وروى البيت : كالجمان المحبب ; قال الجوهري : من رفع الفراش ونصب المسك في البيت رفع الديباج على أن الواو للحال ، ومن نصب الفراش رفعهما . والفراش : دواب مثل البعوض تطير ، واحدتها فراشة . والفراشة : التي تطير وتهافت في السراج ، والجمع فراش . وقال الزجاج في قوله عز وجل : يوم يكون الناس كالفراش المبثوث قال : الفراش ما تراه كصغار البق يتهافت في النار ، شبه الله عز وجل الناس يوم البعث بالجراد المنتشر وبالفراش المبثوث لأنهم إذا بعثوا يموج بعضهم في بعض كالجراد الذي يموج بعضه في بعض ، وقال الفراء : يريد كالغوغاء من الجراد يركب بعضه بعضا كذلك الناس يجول يومئذ بعضهم في بعض وقال الليث : الفراش الذي يطير ; وأنشد :


                                                          أودى بحلمهم الفياش فحلمهم     حلم الفراش غشين نار المصطلي



                                                          وفي المثل : أطيش من فراشة . وفي الحديث : فتتقادع بهم جنبة السراط تقادع الفراش ; هو بالفتح الطير الذي يلقي نفسه في ضوء السراج ; ومنه الحديث : جعل الفراش وهذه الدواب تقع فيها . والفراش : الخفيف الطياشة من الرجال . وتفرش الطائر : رفرف بجناحيه وبسطهما ; قال أبو داود يصف ربيئة :


                                                          فأتانا يسعى تفرش أم ال     بيض شدا وقد تعالى النهار



                                                          ويقال : فرش الطائر تفريشا إذا جعل يرفرف على الشيء ، وهي الشرشرة والرفرفة . وفي الحديث : فجاءت الحمرة فجعلت تفرش ; هو أن تقرب من الأرض وتفرش جناحيها وترفرف . وضربه فما أفرش عنه حتى قتله أي ما أقلع عنه ، وأفرش عنهم الموت أي ارتفع ; عن ابن الأعرابي . وقولهم : ما أفرش عنه أي ما أقلع قال يزيد بن عمرو بن الصعق :

                                                          [ ص: 158 ]

                                                          نحن رءوس القوم بين جبله     يوم أتتنا أسد وحنظله
                                                          نعلوهم بقضب منتخله     لم تعد أن أفرش عنها الصقله



                                                          أي أنها جدد ، ومعنى : منتخله : متخيرة . يقال : تنخلت الشيء وانتخلته اخترته . والصقله : جمع صاقل مثل كاتب وكتبة . وقوله لم تعد أن أفرش أي لم تجاوز أن أقلع عنها الصقلة أي أنها جدد قريبة العهد بالصقل . وفرش عنه : أراده وتهيأ له . وفي حديث ابن عبد العزيز : إلا أن يكون مالا مفترشا أي مغصوبا قد انبسطت فيه الأيدي بغير حق ، من قولهم : افترش عرض فلان إذا استباحه بالوقيعة فيه ، وحقيقته جعله لنفسه فراشا يطؤه . وفرش الجبا : موضع ; قال كثير عزة :


                                                          أهاجك برق آخر الليل واصب     تضمنه فرش الجبا فالمسارب



                                                          والفراشة : أرض ; قال الأخطل :


                                                          وأقفرت الفراشة والحبيا     وأقفر بعد فاطمة الشقير



                                                          وفي الحديث ذكر فرش ، بفتح الفاء وتسكين الراء ، واد سلكه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، حين سار إلى بدر ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية