الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مسألة :

" ثم يتمضمض ويستنشق ثلاثا يجمع بينهما بغرفة واحدة أو ثلاث " .

لأن الذين وصفوا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك فيه ، والسنة أن يتمضمض ويستنشق بيمينه ويستنثر بشماله وأن يقدمهما على ظاهر الوجه ؛ للسنة المستفيضة بذلك ؛ ولأن تقديم الباطن أولى ؛ لئلا يخرج منه أذى بعد غسل الظاهر فيلوثه ، وأن يقدم المضمضة للسنة ؛ ولأن الفم أشرف وأحق بالتطهير ، وهو أشبه بالباطن ، وقوله : يجمع بينهما أي الجمع بين المضمضة والاستنشاق بماء واحد أفضل من أن يفصل كل واحد بماء ؛ لأن في حديث عبد الله بن زيد في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم " أنه تمضمض واستنشق واستنثر ثلاثا بثلاث غرفات " وفي لفظ " تمضمض واستنشق من كف واحد فعل ذلك ثلاثا " متفق عليهما . وفي لفظ " تمضمض واستنثر ثلاثا من غرفة واحدة " رواه البخاري . وكذلك في حديث ابن عباس وعثمان وغيرهما وهذه الأحاديث أكثر وأصح من أحاديث الفصل ؛ ولأن هذا يحصل معه الإسباغ مع الرفق من غير سرف ؛ ثم إن شاء تمضمض واستنشق الثلاث بغرفة واحدة إن أمكنه أن يسبغ بها وإن شاء بثلاث غرفات ؛ لأن الحديث جاء بهما ، وإن فعل المضمضة بماء والاستنشاق بماء [ ص: 177 ] جاز ؛ لأنه قد جاء في الأحاديث إما بغرفتين أو ست غرفات ، وإذا جمعهما بماء واحد في غرفة واحدة أو فصلهما بماءين في ست غرفات كمل ، وصفته المضمضة أولا ثم الاستنشاق في أحد الوجهين كما لو فرقهما بغرفتين ، وفي الآخر يتمضمض ثم يستنشق ثم يتمضمض ثم يستنشق كما لو جمعهما بثلاث غرفات ، ( ويحتمل أن تكمل المضمضة في الست وفي الأخرى يتمضمض ويستنشق إلحاقا لكل واحد بجنسه ) . وقد روى عبد الله بن أحمد في المسند عن علي " أنه تمضمض ثلاثا ثم استنشق ثلاثا بكف كف ، وقال : أحببت أن أريكم كيف كان طهور نبي الله صلى الله عليه وسلم "

التالي السابق


الخدمات العلمية