الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 664 ] 99 - باب

                                الصلاة إلى السرير

                                486 508 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: أعدلتمونا بالكلب والحمار؟ لقد رأيتني مضطجعة على السرير، فيجيء النبي صلى الله عليه وسلم فيتوسط السرير فيصلي، فأكره أن أسنحه، فأنسل من قبل رجلي السرير حتى أنسل من لحافي

                                التالي السابق


                                زعم الإسماعيلي : أن هذا الحديث لا دلالة فيه على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى السرير، وإنما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي على السرير.

                                قال: ولكن صلاته إلى السرير موجود في حديث الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، عن عائشة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي والسرير بينه وبين القبلة.

                                وحديث الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، عن عائشة : خرجه البخاري فيما بعد، ولفظه: لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وإني لبينه وبين القبلة، وأنا مضطجعة على السرير.

                                وخرجه - أيضا - من طريق الأعمش بهذا الإسناد، وبإسناد آخر، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت: لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة.

                                وكذا خرجه مسلم من حديث الأعمش بالإسنادين، ومن طريق جرير عن منصور ، كما خرجه البخاري في هذا الباب.

                                وهذه الألفاظ كلها ليس فيها تصريح بأنه كان يصلي تحت السرير.

                                [ ص: 665 ] ولكن خرجه الإمام أحمد ، عن ابن نمير ، عن الأعمش بالإسنادين معا. فذكر الحديث - وفيه: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي مقابل السرير، وأنا عليه بينه وبين القبلة.

                                وقول عائشة : "فأكره أن أسنحه".

                                قال الخطابي : قولها: "أسنحه" من قولك: سنح لي الشيء، إذا عرض، تريد: أني أكره أن أستقبله ببدني في صلاته. ومن هذا سوانح الطير والظباء، وهي ما يعترض الركب والمسافرين، فتجيء عن مياسرهم وتجوز إلى ميامنهم.

                                وفي الحديث: دليل على جواز أن يصلي المصلي إلى سترة شاخصة من الأرض، وإن كان فوقها إنسان نائم.

                                ونظيره: الصلاة إلى سرير الطفل وهو فيه.

                                وروى الإمام أحمد : ثنا محمد بن بكر : أبنا ابن جريج : أخبرني عطاء ، عن عروة أن عائشة أخبرته، قالت: لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وإني لمعترضة على السرير بينه وبين القبلة. قلت: أبينهما جدر المسجد؟ قالت: لا، في البيت إلى جدره.

                                وهذا يدل على أن سترته كانت جدار البيت دون السرير، ولعل السرير لم يكن مرتفعا شاخصا عن الأرض كمؤخرة الرحل.

                                ويدل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أحيانا إذا سجد يغمزها برجله، ولو كان السرير مرتفعا عن الأرض قدر ذراع أو قريب منه لم يتمكن من ذلك.



                                الخدمات العلمية