الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 410 ] ( فصل ) في الإرث بالولاء . ( من لا عصبة له بنسب وله معتق ) استقر ولاؤه عليه فخرج عتيق حربي رق وعتقه مسلم فإنه الذي يرثه على النص

                                                                                                                              ( فماله ) كله ( أو الفاضل عن الفروض ) أو الفرض ( له ) وسيعلم مما سيذكره أنه يلحق بالعتيق كل منتسب إليه ( رجلا كان ) المعتق ( أو امرأة ) للحديث الصحيح { إنما الولاء لمن أعتق } وللإجماع ( فإن لم يكن ) أي يوجد المعتق مطلقا أو بصفة الإرث ( ف ) المال ( لعصبته ) أي المعتق ( بنسب المتعصبين بأنفسهم لا لبنته ) العصبة بغيرها ( وأخته ) العصبة مع غيرها ؛ لأن الولاء أضعف من النسب المتراخي وإذا تراخى النسب لم ترث الأنثى كبنت الأخ والعم وعلم من تفسيري يكن بما مر رد ما أورده البلقيني وغيره عليه من أن كلامه صريح في أن الولاء لا يثبت للعصبة في حياة المعتق بل بعد موته وليس كذلك بل هو ثابت لهم في حياته حتى لو كان مسلما وأعتق نصرانيا ثم مات ولمعتقه أولاد نصارى ورثوه مع حياة أبيهم ( وترتيبهم ) هنا ( كترتيبهم في النسب ) فيقدم عند موت المعتق ابن فابنه وإن سفل الأقرب فالأقرب فأب فجد وإن علا [ ص: 411 ] فبقية الحواشي كما مر ( لكن الأظهر أن أخا المعتق ) لأبوين أو لأب ( وابن أخيه ) كذلك ( يقدمان على جده ) هنا وفي النسب الجد يشارك الأخ ويسقط ابن الأخ أما في الأول فلأن تعصيب الأخ يشبه تعصيب الابن لإدلائه بالبنوة وهي مقدمة على الأبوة وكان قياس ذلك أنه في النسب كذلك لكن صد عنه الإجماع وأما في الثانية فلقوة البنوة كما يقدم ابن الابن وإن سفل على الأب ويجري ذلك في عم المعتق أو ابنه وأبي جده فيقدم عمه أو ابن عمه وفي كل عم اجتمع مع جد وقد أدلى ذلك العم بأب دون ذلك الجد وضم في الروضة لتينك ما إذا كان للمعتق ابنا عم أحدهما أخ لأم فإنه يقدم وفي النسب يستويان فيما يبقى بعد فرض أخوة الأم ؛ لأنه لما أخذ فرضها لم تصلح للتقوية وهنا لا فرض لها فتمحضت للترجيح ( فإن لم يكن له عصبة فلمعتق المعتق ، ثم عصبته ) من النسب ( كذلك ) أي كالترتيب السابق في عصبة المعتق فإن فقدوا فلمعتق معتق المعتق ثم لعصبته وهكذا ، ثم لبيت المال .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 410 ] ( فصل ) .

                                                                                                                              ( قوله في المتن فإن لم يكن فلعصبته إلخ ) وقع السؤال عن امرأة أعتقت عبدا ثم ماتت وتركت ابنا ، ثم مات الابن وترك ابن عم له ، ثم مات العتيق فهل يرثه ابن عم ولد المعتقة ، وقد اختلف المفتون في ذلك وصوب السيوطي في فتاويه عدم إرثه وأطال جدا في الاحتجاج لذلك نقلا ومعنى ومن جملة ما احتج به قول الرافعي للأصحاب عبارة ضابطة لمن يرث بولاء المعتق إذا لم يكن المعتق حيا وهي أنه يرث العتيق بولاء المعتق ذكر يكون عصبة للمعتق لو مات المعتق يوم موت العتيق بصفته وهذا الضابط يخرج عنه عصبة المعتق قطعا ؛ لأن المرأة لو ماتت وابن عم ولدها موجود لم يرثها إجماعا وقول الرافعي أيضا ولا ميراث لغير عصبات المعتق إلا لمعتق أبيه أو جده ولا شك أن عصبة العصبة غير عصبة المعتق فدخلوا في هذا النفي انتهى كلام السيوطي ولا شك أن قول المتن فلعصبته بنسب إلخ يفيد ذلك أيضا ( قوله رد ما أورده البلقيني ) قد يقال المتبادر من قوله لم يكن عدم وجوده مطلقا فما أورده البلقيني هو ظاهر المتن ولعل مراده بالصراحة الظهور ؛ لأنه قريب من الصراحة فهو كالصراحة لا الصراحة حقيقة بمعنى النصوصية لظهور احتمال المتن لتفسير الشارح نعم قد يمنع دلالة المتن على ما قاله البلقيني رأسا ؛ لأن الذي أفاد توقفه على موته هو أخذ المال لا ثبوت الولاء وهو غير أخذ المال [ ص: 411 ] بل هو سبب لأخذه إلا أن يقال توقف أخذه على الموت يدل على توقف سببه عليه وفيه نظر ( قوله وفي كل عم إلخ ) عبارة التصحيح وكل عم مع جد أدلى ذلك العم بابن ذلك الجد ( قوله وقد أدلى ذلك العم بأب إلخ ) عبارة كنز شيخنا البكري بابن ذلك الجد .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              [ ص: 410 ] ( فصل في الإرث بالولاء ) .

                                                                                                                              ( قوله في الإرث ) إلى الفصل في النهاية إلا قوله أو ابنه وقوله أو ابن عمه ( قوله فخرج إلخ ) أي بقوله استمر إلخ ( قوله رق ) أي العتيق ا هـ ع ش ( قوله وعتقه ) الأولى كما في النهاية أعتقه من الإفعال ( قوله مسلم ) لم يظهر وجه التقييد به ا هـ سيد عمر ولعل وجهه كونه محل النص وإلا فمثله نحو الذمي ( قوله فإنه الذي يرثه ) أي المسلم ا هـ ع ش ( قول المتن فماله ) أي وما ألحق به ا هـ مغني ( قوله مطلقا أو بصفة الإرث ) لو اقتصر على الثاني لكان أخصر إذ هو صادق بالأول ا هـ سيد عمر عبارة النهاية مطلقا شرعا أو حسا ا هـ قاله ع ش قوله شرعا أي بأن قام به مانع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فالمال ) أي كله أو الفاضل ( قول المتن فلعصبته ) وقع السؤال عن امرأة أعتقت عبدا ، ثم ماتت وتركت ابنا ، ثم مات الابن وترك ابن عم له ، ثم مات العتيق فهل يرثه ابن عم ولد المعتقة وقد اختلف المفتون في ذلك وصوب السيوطي في فتاويه عدم إرثه وأطال جدا في الاحتجاج لذلك نقلا ومعنى ا هـ سم ويأتي عن ابن الجمال ما يوافقه ( قول المتن لا لبنته ) قال الزيلعي الحنفي في شرح الكنز ، ولو مات المعتق ولم يترك إلا ابنة المعتق فلا شيء لها في ظاهر رواية أصحابنا ويوضع ماله في بيت المال وبعض مشايخنا كانوا يفتون بدفع المال إليها لا بطريق الإرث بل ؛ لأنها أقرب الناس إلى الميت فكانت أولى من بيت المال ألا ترى أنها لو كانت ذكرا كانت تستحقه وليس في زماننا بيت المال ، ولو دفع إلى السلطان أو القاضي لا يصرفه إلى المستحق ظاهرا وعلى هذا ما فضل عن فرض أحد الزوجين يرد عليه ؛ لأنه أقرب الناس إليه ولا يوضع في بيت المال والابن والبنت من الرضاع يصرف إليهما إذا لم يكن هناك أقرب منهما ذكر هذه المسائل في النهاية ا هـ سيد عمر ا هـ ابن الجمال .

                                                                                                                              ( قول المتن لا لبنته وأخته ) أي ، ولو مع أخويهما المعصبين لهما نهاية ومغني ( قوله لم ترث الأنثى إلخ ) عبارة المغني ورث الذكور دون الإناث كبني الأخ وبني العم دون أخواتهم فإذا لم ترث بنت الأخ وبنت العم فبنت المعتق أولى أن لا ترث ؛ لأنها أبعد منهما ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله صريح إلخ ) عبارة المغني كالصريح ا هـ وعبارة سم ولعل مراده أي البلقيني بالصراحة الظهور ؛ لأنه أي كلام المصنف قريب من الصراحة فهو كالصراحة لا الصراحة حقيقة بمعنى المنصوصية لظهور احتمال المتن لتفسير الشارح ا هـ بحذف ( قوله ، ثم مات ) أي العتيق النصراني ا هـ ع ش ( قوله ولمعتقه أولاد إلخ ) وكذلك لو أعتقه مسلم ، ثم ارتد وأولاد المعتق مسلمون ، ثم مات العتيق ورثه أولاد المعتق لثبوت الولاء لهم في حياة أبيهم الذي قام به المانع ا هـ ع ش وقوله ، ثم مات العتيق أي المسلم ( قوله فيقدم عند إلخ ) إلى الفصل في المغني إلا قوله أو ابنه وقوله أو ابن عمه ( قوله ابن ) أي للمعتق وكذا قوله فأب فجد ( قوله فجد ) هذا تفسير للمتن بحسب ظاهره بقطع النظر عن الاستدراك الذي بعده عبارة ابن الجمال ثم الجد والأخ ، ثم الشقيق ، ثم الذي للأب ، ثم ابن الشقيق ، ثم للأخ من الأب ثم للعم الشقيق ، ثم للأب ، ثم ابن العم الشقيق ، ثم للأب ويستثنى من ذلك مسائل بينها بقوله لكن إلخ [ ص: 411 ] ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فبقية الحواشي إلخ ) وهم أي الحواشي ما عدا الأصول والفروع وأما الأصول والفروع فهم عمود النسب فالحواشي الإخوة والأعمام ا هـ بجيرمي عن العزيزي وبه ظهر أنه كان الأولى إسقاط لفظ بقية ( قوله كذلك ) أي لأبوين أو لأب ( قول المتن يقدمان على جده ) أي فلا شيء له مع وجود أحدهما ا هـ ع ش ( قوله أما في الأول ) أي تقديم الأخ على الجد هنا وكان الأولى إسقاط في ( قوله لإدلائه بالبنوة ) أي والجد يدلي بالأبوة ( قوله قياس ذلك ) أي التعليل المذكور وكان الأولى أن يذكر هنا عقب قوله الآتي على الأب ( قوله إنه ) أي الجد وقوله كذلك أي يسقط بالأخ ( قوله لكن صد عنه الإجماع ) أي إجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم على أن الأخ لا يسقط الجد ولا قياس في الولاء فصرنا إلى القياس ا هـ مغني ( قوله وأما في الثانية ) كان الأنسب تذكير هذا أو تأنيث عديله المار ( قوله كما يقدم ابن الابن وإن سفل على الأب ) أي بأن يرده من الثلث إلى السدس ( قوله ويجري ذلك ) أي الأظهر المذكور ( قوله أو ابنه ) أي عم المعتق ( قوله وأبي جده ) أي المعتق ( قوله بأب دون ذلك الجد ) عبارة التصحيح وكنز شيخنا البكري بابن ذلك الجد ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله وضم في الروضة إلخ ) عبارة ابن الجمال ويستثنى مع ما ذكر من الجد والأخ أو ابنه ابنا عم إلخ ( قوله لتينك ) عبارة النهاية لذينك قال ع ش أي أخ المعتق وابن أخيه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فإنه يقدم ) أي على أخيه الذي ليس فيه أخوة الأم ( قوله : لأنه ) أي الأخ لأم وقوله فرضها أي أخوة الأم ( قول المتن فإن لم يكن له عصبة فلمعتق المعتق إلخ ) هذا يفيد ما في ابن الجمال عن كتب كثيرة مما نصه ولا إرث لعصبة عصبة المعتق بحال إذا لم يكونوا عصبة المعتق فلو مات ابن المعتقة بعدها عن أبيه أو عمه أو ابن عمه مثلا ثم مات عتيقها أو عتيق عتيقها عنهم فميراثه لأقرب عصباتها كأخيها فإن لم يكونوا فللمسلمين لا لعصبة ابنها عند الشافعي ومالك وأبي حنيفة والجمهور وأصح الروايتين عن أحمد إلا أن يكون عصبته عصبة لها فترثه من حيث كونها عصبتها لا من حيث كونها عصبة الابن ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية