الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في الشهادات

                                                                      3596 حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني وأحمد بن السرح قالا أخبرنا ابن وهب أخبرني مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر أن أباه أخبره أن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان أخبره أن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري أخبره أن زيد بن خالد الجهني أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم بخير الشهداء الذي يأتي بشهادته أو يخبر بشهادته قبل أن يسألها شك عبد الله بن أبي بكر أيتهما قال قال أبو داود قال مالك الذي يخبر بشهادته ولا يعلم بها الذي هي له قال الهمداني ويرفعها إلى السلطان قال ابن السرح أو يأتي بها الإمام والإخبار في حديث الهمداني قال ابن السرح ابن أبي عمرة لم يقل عبد الرحمن [ ص: 3 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 3 ] ( بخير الشهداء ) : جمع شهيد ( أو يخبر بشهادته ) شك من الراوي ( قبل أن يسألها ) بصيغة المجهول ، أي : قبل أن تطلب منه الشهادة . قال النووي : فيه تأويلان ، أصحهما وأشهرهما تأويل مالك وأصحاب الشافعي أنه محمول على من عنده شهادة لإنسان بحق ولا يعلم ذلك الإنسان أنه شاهد ويأتي إليه فيخبره بأنه شاهد له ؛ لأنها أمانة له عنده ، والثاني أنه محمول على شهادة الحسبة في غير حقوق الآدميين : كالطلاق ، والعتق ، والوقف ، والوصايا العامة ، والحدود ونحو ذلك ، فمن علم شيئا من هذا النوع وجب عليه رفعه إلى القاضي وإعلامه به ، قال تعالى : وأقيموا الشهادة لله كذا في المرقاة ( أيتهما قال ) أي : أبو بكر والد عبد الله ، أي : قال كلمة يأتي بشهادته ، أو قال كلمة يخبر بشهادته .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه ( قال مالك ) في تفسير قوله - صلى الله عليه وسلم - الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها ( ولا يعلم بها ) أي : بشهادته ( الذي هي له ) فاعل لا يعلم ، أي : لا يعلم بشهادته الرجل الذي الشهادة له . قال ابن عبد البر : قال ابن وهب : قال [ ص: 4 ] مالك : تفسير هذا الحديث أن الرجل يكون عنده شهادة في الحق لرجل لا يعلمها فيخبره بشهادته ويرفعها إلى السلطان ، زاد يحيى بن سعيد : إذا علم أنه ينتفع بها الذي له الشهادة ، وهذا لأن الرجل ربما نسي شاهده فظل مغموما لا يدري من هو ، فإذا أخبره الشاهد بذلك فرج كربه ، وفي الحديث : من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ولا يعارض هذا حديث : خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يجيء قوم يعطون الشهادة قبل أن يسألوها لأن النخعي قال : معنى الشهادة هنا اليمين ، أي : يحلف قبل أن يستحلف ، واليمين قد تسمى شهادة . قال تعالى : فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله انتهى كلامه .

                                                                      قال المنذري : وقال غيره : هذا في الأمانة والوديعة تكون لليتيم لا يعلم بها بمكانها غيره فيخبر بما يعلم من ذلك ، وقيل هذا مثل في سرعة إجابة الشاهد إذا استشهد لا يمنعها ولا يؤخرها ، كما يقال : الجواد يعطي قبل سؤاله ، عبارة عن حسن عطائه وتعجيله . وقال الفارسي : قال العلماء إنما هي في شهادته الحسنة ، وإذا كان عنده علم لو لم يظهره لضاع حكم من أحكام الدين وقاعدة من قواعد الشرع ، فأما في شهادات الخصوم فقد ورد الوعيد في من يشهد ولا يستشهد ؛ لأن وقت الشهادة على الأحكام إنما يدخل إذا جرت الخصومة بين المتخاصمين وأيس من الإقرار واحتيج إلى البينة ، فحينئذ يدخل وقت الشهادة بهذا الوجه وفي هذا الحديث انتهى كلام المنذري .




                                                                      الخدمات العلمية