الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          فصل

                                                                                                          تبطل بكلام عمدا ولو بالسلام ، أو بتلبية محرم ، لا بتكبير عيد ، وإن وجب لخائف تلف شيء وتعين الكلام بطلت ، وقيل لا ( و ش ) كإجابته عليه السلام ، قال الشيخ وهو ظاهر كلامه ، لأن أحمد نص على صحة صلاة من أجاب النبي صلى الله عليه وسلم بوجوب الكلام ، وفرق غيره بينهما بأن الكلام هنا لم يجب عينا .

                                                                                                          وقال القاضي وغيره : لزوم الإجابة للنبي صلى الله عليه وسلم لا تمنع الفساد ، لأنه لو رأى من يقتل رجلا منعه ، وإذا فعل فسدت . وكذا ناس غير سلام منها ، لأنه ذكر من ناس لا من عامد ، لأن فيه كاف الخطاب وجاهل ومكره في رواية ( و هـ ) وعنه لا ( م 10 ، 11 ) ( و م ش ) في غير المكره وعنه لا تبطل [ ص: 488 ] بكلام لمصلحتها ( و م ر ) اختاره الشيخ ، لقصة ذي اليدين ، وأجاب [ ص: 489 ] القاضي وغيره بأنها كانت حال إباحة الكلام ، وضعفه صاحب المحرر وغيره ، لأنه حرم قبل الهجرة عن ابن حبان وغيره ، أو بعدها بيسير عند الخطابي وغيره وعنه صلاة الإمام ، اختاره الخرقي ، وعنه لا تبطل لمصلحتها سهوا ( و ش ) اختاره صاحب المحرر ، وجزم ابن شهاب لا تبطل من جاهل لجهله بالنسخ ، وقيل تبطل من مكره ، واختاره الشيخ فيه كالإكراه على فعل ، ولندرته ، ويأتي في شدة الخوف ، والأول جزم به في التلخيص وغيره .

                                                                                                          وقال القاضي بل أولى من الناسي ، لأن الفعل لا ينسب إليه بدليل الإتلاف ، وقال في الجاهل كقول ابن شهاب ، واحتج بقصة أهل قباء ، وقيل له في الخلاف المتيمم في الحضر يعيد كما لو أكره على الكلام ، أو الحدث في صلاته ؟ فأجاب بفساد صلاته فسوى بينهما في الإبطال ، وظاهر تعليله الأول عكسه ، فدل على التسوية عنده ، وقاس الأصحاب الرواية فيمن عدم الماء والتراب أنه يصلي ويعيد على ما لو أكره على الحدث في الصلاة ، وأجاب بعضهم بأنه هذا لا يعذر به [ ص: 490 ] بدليل من سبقه الحدث ، فدل ذلك على الخلاف ، وقيل الخلاف يختص بمن ظن تمام صلاته فسلم ثم تكلم ، وإلا بطلت ، واختاره الشيخ قال في المذهب وغيره إن أمكنه استصلاحها بإشارة ونحوه فتكلم بطلت ، وإن كثر أبطل ( و ش ) وعنه لا ، اختاره القاضي وغيره

                                                                                                          [ ص: 487 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 487 ] مسألة 10 ) قوله : وتبطل بكلام عمدا وكذا ناس غير سلام منها وجاهل ومكره في رواية ، وعنه لا ، انتهى ، اعلم أن كلام الناسي يبطل الصلاة على الصحيح من المذهب ، كما قدمه المصنف ، فيما يظهر ، وقدمه في المقنع ، والمحرر ، والحاويين ، والفائق ، والقاضي أبو الحسين ، قال الزركشي هذه أشهرها ، واختيار ابن أبي موسى ، والقاضي وغيرهما ، ونصره ابن الجوزي في التحقيق ، انتهى ، وعنه لا يبطل ، اختارها ابن الجوزي وصاحب النظم ، ومجمع البحرين ، والشيخ تقي الدين ، والفائق وغيرهم ، وقدمه ابن تميم ، ويحتمل كلام المصنف أن الخلاف في هذه المسألة مطلق ، وإليه ذهب ابن نصر الله في حواشيه وعلى كل تقدير ، قد بينا الصحيح منهما [ ص: 488 ] والله أعلم ، وأطلق الخلاف فيها في الهداية والمذهب ، والخلاصة والكافي ، والتلخيص ، وشرح المجد ، والشرح ، وشرح ابن منجى والرعايتين وغيرهم ، وعنه رواية ثالثة لا تبطل إذا تكلم لمصلحتها ناسيا ، اختارها المجد ، وصاحب الفائق ، وابن الجوزي وغيرهم ، وأما كلام الجاهل والمكره فأطلق فيه الخلاف وهما مسألتان : ( المسألة الأولى ) إذا تكلم جاهلا بالتحريم ، أو الإبطال به فهل هو كالناسي أو لا تبطل صلاته ، وإن بطلت صلاة الناسي ؟ ؟ أطلق فيه الروايتين ، وأطلقهما المجد في شرحه ، وابن تميم ، وحكاهما وجهين ، أحدهما هو كالناسي ، وهو الصحيح ، قال في الكافي والرعايتين وفي كلام الجاهل والناسي روايتان .

                                                                                                          وقال في المقنع : وعنه لا تبطل صلاة الجاهل ، والناسي ، فقطعوا بأنه كالناسي ، وقطع به ابن منجى في شرحه .

                                                                                                          وقال في المغني بعد قول القاضي في الجامع لا أعرف فيها نصا ، والأولى أن يخرج فيه روايتا الناسي ، وقدمه المصنف في حواشي المقنع ، والرواية الثانية لا تبطل صلاة الجاهل وإن بطلت صلاة الناسي ، اختاره القاضي ، وجزم به ابن شهاب ، قال المجد في شرحه والصحيح ما قاله القاضي ، قال في مجمع البحرين ولا يبطلها كلام الجاهل في أقوى الوجهين ، وإن قلنا يبطلها كلام الناسي ، انتهى .

                                                                                                          ( المسألة الثانية 11 ) إذا أكره على الكلام في الصلاة فتكلم فهل تبطل صلاته أم لا وإن بطلت صلاة الناسي ؟ أطلق الخلاف ، إحداهما لا تبطل صلاته وإن بطلت صلاة الناسي ، اختاره القاضي ، فقال المكره أولى بالعفو من الناسي ، ونصره ابن الجوزي في التحقيق ، واختاره ابن رزين في شرحه ، والرواية الثانية هو كالناسي بل أولى بالبطلان منه ، فتبطل صلاته بكلامه ، وهو الصحيح ، اختاره ابن شهاب العكبري في عيون المسائل ، والشيخ في المغني ، قال المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين وإذا قلنا تبطل بكلام الناسي فكذا كلام المكره وأولى ، لأن [ ص: 489 ] عذره أندر ، وفرق في المغني بين الناسي والمكره من وجهين ، وأنه أولى بالبطلان من الناسي ، ولا بكلام الجاهل بتحريم الكلام إذا كان قريب العهد بالإسلام في إحدى الروايتين ، وعليهما يخرج سبق اللسان وكلام المكره انتهى .

                                                                                                          وقال في الرعاية الكبرى وإن قلنا لا يعذر الناسي ففي المكره ونحوه وقيل مطلقا وجهان انتهى ، وهو على ما قدمه ، ككلام المصنف فتلخص في المكره ثلاثة أقوال ، هل هو كالناسي ، أو أولى منه بالبطلان ، أو الناسي أولى منه بالبطلان ، فتبطل صلاة الناسي ، ولا تبطل صلاة المكره ، والله أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية