الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 98 ] ومن يشفع شفاعة سيئة وهي ما كانت بخلاف الحسنة، ومنها الشفاعة في حد من حدود الله تعالى، ففي الخبر: «من حالت شفاعته دون حد من حدود الله تعالى فقد ضاد الله في ملكه، ومن أعان على خصومة بغير علم كان في سخط الله تعالى حتى ينزع» واستثني من الحدود القصاص، فالشفاعة في إسقاطه إلى الدية غير محرمة يكن له كفل منها أي: نصيب من وزرها، وبذلك فسره السدي، والربيع، وابن زيد، وكثير من أهل اللغة، فالتعبير بالنصيب في الشفاعة الحسنة وبالكفل في الشفاعة السيئة للتفنن، وفرق بينهما بعض المحققين بأن النصيب يشمل الزيادة، والكفل هو المثل المساوي، فاختيار النصيب أولا؛ لأن جزاء الحسنة يضاعف، والكفل ثانيا لأن من جاء بالسيئة لا يجزى إلا مثلها، ففي الآية إشارة إلى لطف الله تعالى بعباده، وقال بعضهم: إن الكفل - وإن كان بمعنى النصيب - إلا أنه غلب في الشر، وندر في غيره كقوله تعالى: يؤتكم كفلين من رحمته فلذا خص بالسيئة تطرية وهربا من التكرار.

                                                                                                                                                                                                                                      وكان الله على كل شيء مقيتا أي: مقتدرا، كما قاله ابن عباس حين سأله عنه نافع بن الأزرق، واستشهد عليه بقول أحيحة الأنصاري:


                                                                                                                                                                                                                                      وذي ضغن كففت النفس عنه وكنت على مساءته (مقيتا)

                                                                                                                                                                                                                                      وروي ذلك عن جماعة من التابعين.

                                                                                                                                                                                                                                      وفي رواية أخرى عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أنه الحفيظ، واشتقاقه من القوت، فإنه يقوي البدن ويحفظه، وعن الجبائي أنه المجازي، أي: يجازي على كل شيء من الحسنات والسيئات، وأصله مقوت، فأعل، كمقيم، والجملة تذييل مقرر لما قبلها على سائر التفاسير.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية