الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ ص: 120 ] فصل :

[ أنواع الأسئلة ]

ولنختم الكتاب بفوائد تتعلق بالفتوى .

الفائدة الأولى :

أسئلة السائلين لا تخرج عن أربعة أنواع لا خامس لها :

الأول : أن يسأل عن الحكم فيقول ; ما حكم كذا وكذا .

الثاني : أن يسأل عن دليل الحكم .

الثالث : أن يسأل عن وجه دلالته .

الرابع : أن يسأل عن الجواب عن معارضه .

[ موقف المفتي أمام كل نوع من الأسئلة ]

فإن سأل عن الحكم فللمسئول حالتان ، إحداهما : أن يكون عالما به ، والثانية أن يكون جاهلا به ، فإن كان جاهلا به حرم عليه الإفتاء بلا علم ، فإن فعل فعليه إثمه وإثم المستفتي ، فإن كان يعرف في المسألة ما قاله الناس ولم يتبين له الصواب من أقوالهم فله أن يذكر له ذلك ، فيقول : فيها اختلاف بين العلماء ، ويحكيه إن أمكنه للسائل .

وإن كان عالما بالحكم فللسائل حالتان ، إحداهما : أن يكون قد حضره وقت العمل وقد احتاج إلى السؤال ، فيجب على المفتي المبادرة على الفور إلى جوابه ، فلا يجوز له تأخير بيان الحكم له عن وقت الحاجة .

والحالة الثانية : أن يكون قد سأل عن الحادثة قبل وقوعها ، فهذا لا يجب على المفتي أن يجيبه عنها ، وقد كان السلف الطيب إذا سئل أحدهم عن مسألة يقول للسائل : هل كانت أو وقعت ؟ فإن قال " لا " لم يجبه ، وقال : دعنا في عافية ; وهذا لأن الفتوى بالرأي لا تجوز إلا عند الضرورة ; فالضرورة تبيحه كما تبيح الميتة عند الاضطرار ، وهذا إنما هو في مسألة لا نص فيها ولا إجماع ، فإن كان فيها نص أو إجماع فعليه تبليغه بحسب الإمكان ، فمن سئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار ، هذا إذا أمن المفتي غائلة الفتوى ، فإن لم يأمن غائلتها وخاف من ترتب شر أكثر من الإمساك عنها أمسك عنها ، ترجيحا لدفع أعلى المفسدتين باحتمال أدناهما .

وقد أمسك النبي صلى الله عليه وسلم عن نقض الكعبة وإعادتها على قواعد إبراهيم ; لأجل حدثان عهد قريش بالإسلام وأن ذلك ربما نفرهم عنه بعد الدخول فيه ، وكذلك إن كان عقل السائل لا يحتمل الجواب عما سأل عنه ، وخاف المسئول أن يكون فتنة له ، أمسك عن جوابه ، قال ابن عباس رضي الله عنه لرجل سأله عن تفسير آية : وما يؤمنك أني لو أخبرتك بتفسيرها كفرت به ؟ أي جحدته وأنكرته وكفرت به ، ولم يرد أنك تكفر بالله ورسوله .

التالي السابق


الخدمات العلمية