الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فصل ]

                                                          فصل : الليث : الفصل بون ما بين الشيئين . والفصل من الجسد : موضع المفصل ، وبين كل فصلين وصل ; وأنشد :


                                                          وصلا وفصلا وتجميعا ومفترقا فتقا ورتقا وتأليفا لإنسان



                                                          ابن سيده : الفصل الحاجز بين الشيئين ، فصل بينهما يفصل فصلا فانفصل وفصلت الشيء فانفصل أي قطعته فانقطع . والمفصل : واحد مفاصل الأعضاء . والانفصال : مطاوع فصل . والمفصل : كل ملتقى عظمين من الجسد . وفي حديث النخعي : في كل مفصل من الإنسان ثلث دية الإصبع ; يريد مفصل الأصابع وهو ما بين كل أنملتين . والفاصلة : الخرزة التي تفصل بين الخرزتين في النظام ، وقد فصل النظم . وعقد مفصل أي جعل بين كل لؤلؤتين خرزة . والفصل : القضاء بين الحق والباطل ، واسم ذلك القضاء الذي يفصل بينهما فيصل ، وهو قضاء فيصل وفاصل . وذكر الزجاج : أن الفاصل صفة من صفات الله عز وجل يفصل القضاء بين الخلق . وقوله عز وجل : هذا يوم الفصل أي هذا يوم يفصل فيه بين المحسن والمسيء ويجازى كل بعمله وبما يتفضل الله به على عبده المسلم . ويوم الفصل : هو يوم القيامة ، قال الله عز وجل : وما أدراك ما يوم الفصل . وقول فصل : حق ليس بباطل . وفي التنزيل العزيز : إنه لقول فصل . وفي صفة كلام سيدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : فصل لا نزر ولا هذر أي بين ظاهر يفصل بين الحق والباطل ; ومنه قوله تعالى : إنه لقول فصل أي فاصل قاطع ومنه يقال : فصل بين الخصمين والنزر القليل والهذر الكثير . وقوله عز وجل : وفصل الخطاب قيل : هو البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ، وقيل : هو أن يفصل بين الحق والباطل ; ومنه قوله : إنه لقول فصل أي يفصل بين الحق والباطل ; وقوله عز وجل : ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم . وفي حديث وفد عبد القيس : فمرنا بأمر فصل أي لا رجعة فيه ولا مرد له . وفصل من الناحية أي خرج . وفي الحديث : من فصل في سبيل الله فمات أو قتل فهو شهيد أي خرج من منزله وبلده . وفاصلت شريكي . والتفصيل : التبيين . وفصل القصاب الشاة أي عضاها . والفيصل : الحاكم ، ويقال القضاء بين الحق والباطل ، وقد فصل الحكم . وحكم فاصل وفيصل : ماض ، وحكومة فيصل كذلك . وطعنة فيصل : تفصل بين القرنين . وفي حديث ابن عمر : كانت الفيصل بيني وبينه أي القطيعة التامة ، والياء زائدة . وفي حديث ابن جبير : فلو علم بها لكانت الفيصل بيني وبينه . والفصال : الفطام ; قال الله تعالى : وحمله وفصاله ثلاثون شهرا المعنى ومدى حمل المرأة إلى منتهى الوقت الذي يفصل فيه الولد عن رضاعها ثلاثون شهرا ; وفصلت المرأة ولدها أي فطمته . وفصل المولود عن الرضاع يفصله فصلا وفصالا وافتصله : فطمه ، والاسم الفصال ، وقال اللحياني : فصلته أمه ، ولم يخص نوعا . وفي الحديث : لا رضاع بعد فصال ; قال ابن الأثير : أي بعد أن يفصل الولد عن أمه ، وبه سمي الفصيل من أولاد الإبل ، فعيل بمعنى مفعول ، وأكثر ما يطلق في الإبل ، قال : وقد يقال في البقر ; ومنه حديث أصحاب الغار : فاشتريت به فصيلا من البقر ، وفي رواية : فصيلة ، وهو ما فصل عن اللبن من أولاد البقر . والفصيل : ولد الناقة إذا فصل عن أمه ، والجمع فصلان وفصال ، فمن قال فصلان فعلى التسمية كما قالوا حرث وعباس ، قال سيبويه : وقالوا فصلان شبهوه بغراب وغربان ; يعني أن حكم فعيل أن يكسر على فعلان ، بالضم ، وحكم فعال أن يكسر على فعلان ، لكنهم قد أدخلوا عليه فعيلا لمساواته في العدة وحروف اللين ، ومن قال فصال فعلى الصفة كقولهم الحارث والعباس ، والأنثى فصيلة . ثعلب : الفصيلة القطعة من أعضاء الجسد وهي دون القبيلة . وفصيلة الرجل : عشيرته ورهطه الأدنون ، وقيل : أقرب آبائه إليه ; عن ثعلب وكان يقال للعباس فصيلة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال ابن الأثير : الفصيلة من أقرب عشيرة الإنسان ، وأصل الفصيلة قطعة من لحم الفخذ ; حكاه عن الهروي . وفي التنزيل العزيز : وفصيلته التي تؤويه . وقال الليث : الفصيلة فخذ الرجل من قومه الذين هو منهم ، يقال : جاءوا بفصيلتهم أي بأجمعهم . والفصل : واحد الفصول . والفاصلة التي في الحديث : من أنفق نفقة فاصلة في سبيل الله [ ص: 189 ] فبسبعمائة ، وفي رواية فله من الأجر كذا ; تفسيرها في الحديث أنها التي فصلت بين إيمانه وكفره ، وقيل : يقطعها من ماله ويفصل بينها وبين مال نفسه . وفصل عن بلد كذا يفصل فصولا ; قال أبو ذؤيب :


                                                          وشيك الفصول بعيد الغفو     ل إلا مشاحا به أو مشيحا



                                                          ويروى : وشيك الفضول . ويقال : فصل فلان من عندي فصولا إذا خرج ، وفصل مني إليه كتاب إذا نفذ ; قال الله عز وجل : ولما فصلت العير أي خرجت ، ففصل يكون لازما وواقعا ، وإذا كان واقعا فمصدره الفصل ، وإذا كان لازما فمصدره الفصول . والفصيل : حائط دون الحصن ، وفي التهذيب : حائط قصير دون سور المدينة والحصن . وفصل الكرم : ظهر حبه صغيرا أمثال البلسن . والفصلة : النخلة المنقولة المحولة وقد افتصلها عن موضعها ; هذه عن أبي حنيفة . وقال هجري : خير النخل ما حول فسيله عن منبته ، والفسيلة المحولة تسمى الفصلة ، وهي الفصلات ، وقد افتصلنا فصلات كثيرة في هذه السنة أي حولناها . ويقال : فصلت الوشاح إذا كان نظمه مفصلا بأن يجعل بين كل لؤلؤتين مرجانة أو شذرة أو جوهرة تفصل بين كل اثنتين من لون واحد . وتفصيل الجزور : تعضيته ، وكذلك الشاة تفصل أعضاء . والمفاصل : الحجارة الصلبة المتراصفة ، وقيل : المفاصل ما بين الجبلين ، وقيل : هي منفصل الجبل من الرملة يكون بينها رضراض وحصى صغار فيصفو ماؤه ويرق ; قال أبو ذؤيب :


                                                          مطافيل أبكار حديث نتاجها     يشاب بماء مثل ماء المفاصل



                                                          هو جمع المفصل ، وأراد صفاء الماء لانحداره من الجبال لا يمر بتراب ولا بطين ، وقيل : ماء المفاصل هنا شيء يسيل من بين المفصلين إذا قطع أحدهما من الآخر شبيه بالماء الصافي ، واحدها مفصل . التهذيب : المفصل كل مكان في الجبل لا تطلع عليه الشمس ; وأنشد بيت الهذلي ; وقال أبو عمرو : المفصل مفرق ما بين الجبل والسهل ، قال : وكل موضع ما بين جبلين يجري فيه الماء فهو مفصل . وقال أبو العميثل : المفاصل صدوع في الجبال يسيل منها الماء ، وإنما يقال لما بين الجبلين الشعب . وفي حديث أنس : كان على بطنه فصيل من حجر أي قطعة منه ، فعيل بمعنى مفعول . والمفصل ، بفتح الميم : اللسان ; قال حسان :


                                                          كلتاهما عرق الزجاجة فاسقني     بزجاجة أرخاهما للمفصل



                                                          ويروى المفصل ، وفي الصحاح : والمفصل ، بالكسر ، اللسان ; وأنشد ابن بري بيت حسان :


                                                          كلتاهما حلب العصير فعاطني     بزجاجة أرخاهما للمفصل



                                                          والفصل : كل عروض بنيت على ما لا يكون في الحشو إما صحة وإما إعلال كمفاعلن في الطويل ، فإنها فصل لأنها قد لزمها ما لا يلزم الحشو لأن أصلها إنما هو مفاعيلن ، ومفاعيلن في الحشو على ثلاثة أوجه : مفاعيلن ومفاعلن ومفاعيل ، والعروض قد لزمها مفاعلن ، فهي فصل وكذلك كل ما لزمه جنس واحد لا يلزم الحشو ، وكذلك فعلن في البسيط ، فصل أيضا ; قال أبو إسحاق : وما أقل غير الفصول في الأعاريض ، وزعم الخليل أن مستفعلن في عروض المنسرح فصل ، وكذلك زعم الأخفش ; قال الزجاج : وهو كما قال لأن مستفعلن هنا لا يجوز فيها فعلتن فهي فصل إذ لزمها ما لا يلزم الحشو ، وإنما سمي فصلا لأنه النصف من البيت . والفاصلة الصغرى من أجزاء البيت : هي السببان المقرونان ، وهو ثلاث متحركات بعدها ساكن نحو متفا من متفاعلن وعلتن من مفاعلتن ، فإذا كانت أربع حركات بعدها ساكن مثل فعلتن فهي الفاصلة الكبرى ; قال : وإنما بدأنا بالصغرى لأنها أبسط من الكبرى ; الخليل : الفاصلة في العروض أن يجتمع ثلاثة أحرف متحركة والرابع ساكن مثل فعلت ، قال : فإن اجتمعت أربعة أحرف متحركة فهي الفاضلة ، بالضاد المعجمة ، مثل فعلتن . قال : والفصل عند البصريين بمنزلة العماد عند الكوفيين ، كقوله عز وجل : إن كان هذا هو الحق من عندك فقوله هو فصل وعماد ، ونصب ( الحق ) لأنه خبر كان ودخلت هو للفصل ، وأواخر الآيات في كتاب الله فواصل ، بمنزلة قوافي الشعر ، جل كتاب الله عز وجل ، واحدتها فاصلة . وقوله عز وجل : بكتاب فصلناه له معنيان : أحدهما تفصيل آياته بالفواصل ، والمعنى الثاني في فصلناه بيناه . وقوله عز وجل : آيات مفصلات بين كل آيتين فصل تمضي هذه وتأتي هذه ، بين كل آيتين مهلة ، وقيل : ( مفصلات ) مبينات ، والله أعلم وسمي المفصل مفصلا لقصر أعداد سوره من الآي . وفصيلة : اسم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية