(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=100ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ) قيل نزلت في
أكثم بن صيفي ، ولما رغب تعالى في الهجرة ذكر ما يترتب عليها من وجود السعة والمذاهب الكثيرة ليذهب عنه ما يتوهم وجوده في الغربة ، ومفارقة الوطن من الشدة ، وهذا مقرر ما قالته الملائكة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ) .
ومعنى مراغما : متحولا ومذهبا ؛ قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
والضحاك ،
والربيع ، وغيرهم . وقال
مجاهد : المزحزح عما يكره . وقال
ابن زيد : المهاجر . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : المبتغى للمعيشة . وقرأ
الجراح ونبيح والحسن بن عمران : مرغما على وزن مفعل كمذهب . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني : هو على حذف الزوائد من راغم . والسعة هنا في الرزق ؛ قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والضحاك والربيع ، وغيرهم . وقال
قتادة : سعة من الضلالة إلى الهدى ، ومن القلة إلى الغنى . وقال
مالك : السعة سعة البلاد . قال
ابن عطية : والمشبه لفصاحة العرب ، أن يريد سعة الأرض ، وكثرة المعاقل ، وبذلك تكون السعة في الرزق ، واتساع الصدر عن همومه وفكره ، وغير ذلك من وجوه الفرح . ونحو هذا المعنى قول الشاعر :
لكان لي مضطرب واسع في الأرض ذات الطول والعرض
انتهى . وقدم مراغمة الأعداء على سعة العيش ; لأن الابتهاج برغم أنوف الأعداء لسوء معاملتهم أشد من الابتهاج بالسعة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=100ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله ) قيل نزلت في
جندب بن ضمرة ، وتقدمت قصته قبل . وقيل في
ضمرة بن بغيض . وقيل
أبو بغيض ضمرة بن زنباع الخزاعي . وقيل
خالد بن حرام بن خويلد أخو
حكيم بن حرام خرج مهاجرا إلى
الحبشة ؛ فمات في الطريق . وقيل
ضمرة بن ضمرة بن نعيم . وقيل
ضمرة بن خزاعة . وقيل رجل من
كنانة هاجر فمات في الطريق ، فسخر منه قومه فقالوا : لا هو بلغ ما يريد ، ولا هو أقام في أهله حتى دفن . والصحيح : أنه
ضمرة بن بغيض ، أو
بغيض بن ضمرة بن الزنباع ; لأن
عكرمة سأل عنه أربع عشرة سنة وصححه . وجواب الشرط
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=100فقد وقع أجره على الله ، وهذه مبالغة في ثبوت الأجر ولزومه ، ووصول الثواب إليه فضلا من الله ، وتكريما . وعبر عن ذلك بالوقوع مبالغة . وقرأ
النخعي nindex.php?page=showalam&ids=16258وطلحة بن مصرف : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=100ثم يدركه ) برفع الكاف . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني : هذا رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف ; أي ثم هو يدركه الموت ، فعطف الجملة من المبتدأ والخبر على الفعل المجزوم وفاعله . وعلى هذا حمل
يونس قول
الأعشى :
إن تركبوا فركوب الخير عادتنا أو تنزلون فإنا معشر نزل
المراد : أو أنتم تنزلون ، وعليه قول الآخر :
إن تذنبوا ثم يأتيني نعيقكم فما علي بذنب عندكم قوت
المعنى : ثم أنتم يأتيني نعيقكم . وهذا أوجه من أن يحمل على ألم يأتيك ، انتهى . وخرج على وجه آخر وهو :
[ ص: 337 ] أن رفع الكاف منقول من الهاء ؛ كأنه أراد أن يقف عليها ، ثم نقل حركة الهاء إلى الكاف كقوله :
من عرى سلبي لم أضربه
( يريد : لم أضربه ؛ فنقل حركة الهاء إلى الباء المجزومة . وقرأ الحسن بن أبي الحسن ونبيح والجراح : ( ثم يدركه ) بنصب الكاف ، وذلك على إضمارات كقول الأعشى :
ويأوي إليها المستجير فيعصما
( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني : هذا ليس بالسهل ، وإنما بابه الشعر لا القرآن وأنشد
أبو زيد فيه :
سأترك منزلي لبني تميم وألحق بالحجاز فأستريحا
والآية أقوى من هذا لتقدم الشرط قبل المعطوف ، انتهى . وتقول : أجرى ثم مجرى الواو والفاء ؛ فكما جاز نصب الفعل بإضمار أن بعدهما بين الشرط وجوابه ؛ كذلك جاز في ثم إجراء لها مجراهما ، وهذا مذهب الكوفيين ، واستدلوا بهذه القراءة . وقال الشاعر في الفاء :
ومن لا يقدم رجله مطمئنة فيثبتها في مستوى القاع يزلق
وقال آخر في الواو :
ومن يقترب منا ويخضع نؤوه
ولا يخش ظلما ما أقام ولا هضما وقالوا : كل هجرة لغرض ديني من : طلب علم ، أو حج ، أو جهاد ، أو فرار إلى بلد يزداد فيه طاعة ، أو قناعة ، وزهدا في الدنيا ، أو ابتغاء رزق طيب ؛ فهي هجرة إلى الله ورسوله . وإن أدركه الموت فأجره على الله تعالى .
قيل : وفي الآية دليل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=23729الغازي إذا خرج إلى الغزو ومات قبل القتال فله سهمه وإن لم يحضر الحرب . روي ذلك عن
أهل المدينة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك . وقالوا : إذا لم يحرم الأجر لم يحرم الغنيمة . ولا تدل هذه الآية على ذلك ؛ لأن الغنيمة لا تستحق إلا بعد الحيازة ؛ فالسهم متعلق بالحيازة ، وهذا مات قبل أن يغنم ، ولا حجة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=100فقد وقع أجره على الله على ذلك ، لأنه لا خلاف في أنه لو مات في دار الإسلام وقد خرج إلى الغزو وما دخل في دار الحرب ، أنه لا يسهم له ، وقد وقع أجره على الله كما وقع أجر الذي خرج مهاجرا فمات قبل بلوغه دار الهجرة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=100وكان الله غفورا رحيما ) أي : غفورا لما سلف من ذنوبه رحيما بوقوع أجره عليه ومكافأته على هجرته ونيته . وتضمنت هذه الآيات أنواعا من البلاغة والبديع ؛ منها الاستعارة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=94إذا ضربتم في سبيل الله ، استعار الضرب للسعي في قتال الأعداء ، والسبيل لدينه . وفي : ( لا يستوي ) عبر به وهو حقيقة في المكان عن التساوي في المنزلة والفضيلة وفي : درجة حقيقتها في المكان فعبر به عن المعنى الذي اقتضى التفضيل . وفي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=100يدركه ) استعار الإدراك الذي هو صفة من فيه حياة لحلول الموت . وفي : فقد وقع استعار الوقوع الذي هو من صفات الإجرام لثبوت الأجر . والتكرار في اسم الله تعالى ، وفي : فتبينوا ، وفي
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95وفضل الله المجاهدين على القاعدين . والتجنيس المماثل في : ( مغفرة ) و ( غفورا ) . والمغاير في : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=99أن يعفو عنهم ) و ( عفوا ) ، وفي : ( يهاجر ) و ( مهاجرا ) . وإطلاق الجمع على الواحد في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97توفاهم الملائكة على قول من قال إنه ملك الموت وحده . والاستفهام المراد منه التوبيخ في : فيم كنتم ، وفي : ألم تكن . والإشارة في كذلك وفي : فأولئك . والسؤال والجواب في : فيم كنتم وما بعدها . والحذف في عدة مواضع . (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا (
[ ص: 338 ] السلاح : معروف ، وهو ما يتحصن به الإنسان من سيف ورمح ، وخنجر ودبوس ، ونحو ذلك ، وهو مفرد مذكر ، يجمع على أسلحة ، وأفعلة جمع فعال المذكر نحو : حمار وأحمرة ، ويجوز تأنيثه . قال
الطرماح :
يهز سلاحا لم يرثها كلالة يشك بها منها غموض المغابن وقال
الليث : يقال للسيف وحده سلاح ، وللعصا وحدها سلاح . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13147ابن دريد : يقال : السلاح والسلح والمسلح والمسلحان ، يعني : على وزن الحمار والضلع والنعر والسلطان . ويقال : رجل سالح إذا كان معه السلاح . وقال
أبو عبيدة : السلاح ما قوتل به .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ) روى
مجاهد nindex.php?page=hadith&LINKID=10374270عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان ، وعلى المشركين nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد ، وقال المشركون : لقد أصبنا غرة لو حملنا عليهم ، وهم في الصلاة ، فنزلت آية القصر فيما بين الظهر والعصر ، الضرب في الأرض . والظاهر جواز
nindex.php?page=treesubj&link=1779القصر في مطلق السفر ، وبه قال أهل الظاهر .
واختلفت فقهاء الأمصار في حد
nindex.php?page=treesubj&link=1787المسافة التي تقصر فيها الصلاة ؛ فقال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأحمد وإسحاق : تقصر في أربعة برد ؛ وذلك ثمانية وأربعون ميلا . وقال
أبو حنيفة والثوري : مسيرة ثلاث . وقال
أبو حنيفة : ثلاثة أيام ولياليها بسير الإبل ، ومشي الأقدام . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : مسيرة يوم تام ، وحكاه عن عامة العلماء . وقال
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري : مسيرة يومين . وروي عن
مالك : يوم وليلة . وقصر
أنس في خمسة عشر ميلا . والظاهر أنه لا يعتبر نوع سفر ؛ بل يكفي مطلق السفر ؛ سواء كان في طاعة أو مباح أو معصية ؛ وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ،
وأبو حنيفة . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : أنه لا يقصر إلا في حج أو جهاد . وقال
عطاء : لا تقصر الصلاة إلا في سفر طاعة ؛ وروي عنه : أنها تقصر في السفر المباح . وأجمعوا على القصر في سفر الحج والعمرة والجهاد ، وما ضارعها من صلة رحم ، وإحياء نفس . والجمهور على أنه لا يجوز في سفر المعصية كالباغي وقاطع الطريق وما في معناهما . والظاهر أنه لا يقصر إلا حتى يتصف بالسفر بالفعل ، ولا اعتبار بمسافة معينة ولا زمان . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14966الحارث بن أبي ربيعة : أنه أراد سفرا فصلى بهم ركعتين في منزله
nindex.php?page=showalam&ids=13705والأسود بن يزيد ، وغير واحد من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ؛ وبه قال
عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16047وسليمان بن موسى . والجمهور على أنه لا يقصر حتى يخرج من بيوت القرية . وروي عن
مجاهد أنه قال : لا يقصر المسافر يومه الأول حتى الليل . والظاهر من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101فليس عليكم جناح ) أن القصر مباح . وقال
مالك في المبسوط : سنة . وقال
حماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة ومحمد بن سحنون وإسماعيل القاضي : فرض ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز . والظاهر أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101أن تقصروا ) مطلق في القصر ، ويحتاج إلى مقدار ما ينقص منها . فذهبت جماعة إلى أنه قصر من أربع إلى اثنين . وقال قوم : من ركعتين في السفر إلى ركعة والركعتان في السفر تمام .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) ظاهره أن إباحة القصر مشروطة بالخوف المذكور وإلى ذلك ذهب جماعة . ومن ذهب إلى أن القصر هو من ركعتي السفر إلى ركعة شرط الخوف ، وقال : تصلي كل طائفة ركعة لا تزيد عليها ، ويكون للإمام ركعتان . وقالت طائفة : لا يراد بالقصر الصلاة هنا القصر من ركعتيها ؛ وإنما المراد القصر من هيئتها بترك الركوع والسجود في الإيماء ، وترك القيام إلى الركوع . وروي فعل ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس . وذهب آخرون إلى أن الآية مبيحة القصر من حدود الصلاة وهيآتها عند المسايفة واشتعال الحرب ؛ فأبيح لمن هذه حاله أن يصلي إيماء
[ ص: 339 ] برأسه ، ويصلي ركعة واحدة حيث توجه إلى ركعتين ، ورجح هذا القول
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=103فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة ) ; أي بحدودها ، وهيآتها الكاملة . والحديث الصحيح يدل على أن هذا الشرط لا مفهوم له ، فلا فرق بين الخوف والأمن . وحديث يعلى في ذلك مشهور صحيح .
والفتنة هنا هي التعرض بما يكره من قتال وغيره . ولغة
الحجاز : فتن ، ولغة
تميم وربيعة وقيس : أفتن رباعيا . وقال
أبو زيد : قصر من صلاته قصرا أنقص من عددها . وقال
الأزهري : قصر ، وأقصر . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101أن تقصروا ) رباعيا ، وبه قرأ
الضبي عن رجاله . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101تقصروا ) مشددا ، ومن للتبعيض . وقيل زائدة . وقيل الشرط ليس متعلقا بقصر الصلاة ، بل تم الكلام عند قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101أن تقصروا من الصلاة ، ثم ابتدأ حكم الخوف . ويؤيده على قول أن تجارا قالوا : إنا نضرب في الأرض ، فكيف نصلي ؟ فنزلت :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ، ثم انقطع الكلام . فلما كان بعد ذلك بسنة في غزاة
بني أسد حين صليت الظهر قال بعض العدو : هلا شددتم عليهم ، وقد مكنوكم من ظهورهم ؟ فقالوا : إن لهم بعدها صلاة هي أحب إليهم من آبائهم ، وأولادهم ؛ فنزلت : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101إن خفتم ) إلى قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102عذابا مهينا ) صلاة الخوف . ورجح هذا بأنه إذا علق الشرط بما قبله كان جواز القصر مع الأمن مستفادا من السنة ، ويلزم منه نسخ الكتاب بالسنة . وعلى تقدير الاستئناف لا يلزم ، ومتى استقام اللفظ ، وتم المعنى من غير محذور النسخ كان أولى ، انتهى . وليس هذا بنسخ ؛ إنما فيه عدم اعتبار مفهوم الشرط ، وهو كثير في كلام العرب . ومنه قول الشاعر :
عزيز إذا حل الخليقان حوله بذي لحب لجأته وضواهله
وفي قراءة
أبي وعبد الله : " أن تقصروا من الصلاة أن يفتنكم " بإسقاط (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101إن خفتم ) ، وهو مفعول من أجله من حيث المعنى ; أي مخافة أن يفتنكم . وأصل الفتنة الاختبار بالشدائد .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا ) عدو : وصف يوصف به الواحد والجمع . قال : ( هم العدو ) . ومعنى مبينا ; أي مظهرا للعداوة ؛ بحيث إن عداوته ليست مستورة ، ولا هو يخفيها ، فمتى قدر على أذية فعلها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ) استدل بظاهر الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم من لا يرى صلاة الخوف بعد الرسول حيث شرط كونه فيهم ، وكونه هو المقيم لهم الصلاة . وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية وأبي يوسف ; لأن الصلاة بإمامته لا عوض عنها وغيره من العوض ؛ فيصلي الناس بإمامين طائفة بعد طائفة . وقال الجمهور : الخطاب له يتناول الأمراء بعده والضمير في فيهم عائد على الخائفين . وقيل على الضاربين في الأرض . والظاهر أن
nindex.php?page=treesubj&link=1829صلاة الخوف لا تكون إلا في السفر ، ولا تكون في الحضر ، وإن كان خوف . وذهب إليه قوم . وذهب الجمهور إلى أن الحضر إذا كان خوف كالسفر .
ومعنى : فأقمت لهم الصلاة أقمت حدودها وهيآتها . والذي يظهر أن المعنى فأقمت بهم . وعبر بالإقامة إذ هي فرض على المصلي في قول عن ذلك . ومعنى : فلتقم هو من القيام ، وهو الوقوف . وقيل
[ ص: 340 ] فلتقم بأمر صلاتها حتى تقع على وفق صلاتك من قام بالأمر اهتم به ، وجعله شغله . والظاهر أن الضمير في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وليأخذوا أسلحتهم عائد على طائفة لقربها من الضمير ، ولكونها لها فيما بعدها في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فإذا سجدوا . وقيل إن الضمير عائد على غيرهم ، وهي الطائفة الحارسة التي لم تصل . وقال
النحاس : يجوز أن يكون للجميع ; لأنه أهيب للعدو : فإذا سجدوا ; أي هذه الطائفة . ومعنى سجدوا : صلوا . وفيه دليل على أن السجود قد يعبر به عن الصلاة ، ومنه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374271إذا جاء أحدكم المسجد فليسجد سجدتين ; أي فليصل ركعتين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=100وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ) قِيلَ نَزَلَتْ فِي
أَكْثَمِ بْنِ صَيْفِيِّ ، وَلَمَّا رَغَّبَ تَعَالَى فِي الْهِجْرَةِ ذَكَرَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ وُجُودِ السَّعَةِ وَالْمَذَاهِبِ الْكَثِيرَةِ لِيَذْهَبَ عَنْهُ مَا يَتَوَهَّمُ وُجُودَهُ فِي الْغُرْبَةِ ، وَمُفَارَقَةِ الْوَطَنِ مِنَ الشِّدَّةِ ، وَهَذَا مُقَرَّرُ مَا قَالَتْهُ الْمَلَائِكَةُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ) .
وَمَعْنَى مُرَاغَمًا : مُتَحَوَّلًا وَمَذْهَبًا ؛ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَالضِّحَاكُ ،
وَالرَّبِيعُ ، وَغَيْرُهُمْ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : الْمُزَحْزَحُ عَمَّا يَكْرَهُ . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : الْمُهَاجَرُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : الْمُبْتَغَى لِلْمَعِيشَةِ . وَقَرَأَ
الْجَرَّاحُ وَنُبَيْحٌ وَالْحَسَنُ بْنُ عِمْرَانَ : مَرْغَمًا عَلَى وَزْنِ مَفْعَلٍ كَمَذْهَبٍ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابْنُ جِنِّيٍّ : هُوَ عَلَى حَذْفِ الزَّوَائِدِ مِنْ رَاغَمَ . وَالسِّعَةُ هُنَا فِي الرِّزْقِ ؛ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ وَالرَّبِيعُ ، وَغَيْرُهُمْ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : سَعَةٌ مِنَ الضَّلَالَةِ إِلَى الْهُدَى ، وَمِنَ الْقِلَّةِ إِلَى الْغِنَى . وَقَالَ
مَالِكٌ : السِّعَةُ سَعَةُ الْبِلَادِ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَالْمُشْبِهُ لِفَصَاحَةِ الْعَرَبِ ، أَنْ يُرِيدَ سَعَةَ الْأَرْضِ ، وَكَثْرَةَ الْمَعَاقِلِ ، وَبِذَلِكَ تَكُونُ السَّعَةُ فِي الرِّزْقِ ، وَاتِّسَاعِ الصَّدْرِ عَنْ هُمُومِهِ وَفِكْرِهِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْفَرَحِ . وَنَحْوُ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ الشَّاعِرِ :
لَكَانَ لِي مُضْطَرَبٌ وَاسِعٌ فِي الْأَرْضِ ذَاتِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ
انْتَهَى . وَقَدَّمَ مُرَاغَمَةَ الْأَعْدَاءِ عَلَى سَعَةِ الْعَيْشِ ; لِأَنَّ الِابْتِهَاجَ بِرَغْمِ أُنُوفِ الْأَعْدَاءِ لِسُوءِ مُعَامَلَتِهِمْ أَشَدُّ مِنْ الِابْتِهَاجِ بِالسَّعَةِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=100وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) قِيلَ نَزَلَتْ فِي
جُنْدُبِ بْنِ ضَمْرَةَ ، وَتَقَدَّمَتْ قِصَّتُهُ قَبْلُ . وَقِيلَ فِي
ضَمْرَةِ بْنِ بَغِيضٍ . وَقِيلَ
أَبُو بَغِيضٍ ضَمْرَةُ بْنُ زِنْبَاعٍ الْخُزَاعِيُّ . وَقِيلَ
خَالِدُ بْنُ حَرَامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ أَخُو
حَكِيمِ بْنِ حَرَامٍ خَرَجَ مُهَاجِرًا إِلَى
الْحَبَشَةِ ؛ فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ . وَقِيلَ
ضَمْرَةُ بْنُ ضَمْرَةَ بْنِ نُعَيْمٍ . وَقِيلَ
ضَمْرَةُ بْنُ خُزَاعَةَ . وَقِيلَ رَجُلٌ مِنْ
كِنَانَةَ هَاجَرَ فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ ، فَسَخِرَ مِنْهُ قَوْمُهُ فَقَالُوا : لَا هُوَ بَلَغَ مَا يُرِيدُ ، وَلَا هُوَ أَقَامَ فِي أَهْلِهِ حَتَّى دُفِنَ . وَالصَّحِيحُ : أَنَّهُ
ضَمْرَةُ بْنُ بَغِيضٍ ، أَوْ
بَغِيضُ بْنُ ضَمْرَةَ بْنِ الزِّنْبَاعِ ; لِأَنَّ
عِكْرِمَةَ سَأَلَ عَنْهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَصَحَّحَهُ . وَجَوَابُ الشَّرْطِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=100فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ، وَهَذِهِ مُبَالَغَةٌ فِي ثُبُوتِ الْأَجْرِ وَلُزُومِهِ ، وَوُصُولِ الثَّوَابِ إِلَيْهِ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ ، وَتَكْرِيمًا . وَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالْوُقُوعِ مُبَالَغَةً . وَقَرَأَ
النَّخَعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16258وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=100ثُمَّ يُدْرِكْهُ ) بِرَفْعِ الْكَافِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابْنُ جِنِّيٍّ : هَذَا رُفِعَ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ; أَيْ ثُمَّ هُوَ يُدْرِكُهُ الْمَوْتُ ، فَعَطَفَ الْجُمْلَةَ مِنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ عَلَى الْفِعْلِ الْمَجْزُومِ وَفَاعِلِهِ . وَعَلَى هَذَا حَمَلَ
يُونُسُ قَوْلَ
الْأَعْشَى :
إِنْ تَرْكَبُوا فَرُكُوبُ الْخَيْرِ عَادَتُنَا أَوْ تَنْزِلُونَ فَإِنَّا مَعْشَرٌ نُزُلُ
الْمُرَادُ : أَوْ أَنْتُمْ تَنْزِلُونَ ، وَعَلَيْهِ قَوْلُ الْآخَرِ :
إِنْ تُذْنِبُوا ثُمَّ يَأْتِينِي نَعِيقُكُمْ فَمَا عَلَيَّ بِذَنْبٍ عِنْدِكُمْ قُوتُ
الْمَعْنَى : ثُمَّ أَنْتُمْ يَأْتِينِي نَعِيقُكُمْ . وَهَذَا أَوْجَهُ مِنْ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَلَمْ يَأْتِيكَ ، انْتَهَى . وَخُرِّجَ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ :
[ ص: 337 ] أَنَّ رَفْعَ الْكَافِ مَنْقُولٌ مِنَ الْهَاءِ ؛ كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقِفَ عَلَيْهَا ، ثُمَّ نَقَلَ حَرَكَةَ الْهَاءِ إِلَى الْكَافِ كَقَوْلِهِ :
مِنْ عُرَى سَلْبِي لَمْ أَضْرِبُهُ
( يُرِيدُ : لَمْ أَضْرِبْهُ ؛ فَنَقَلَ حَرَكَةَ الْهَاءِ إِلَى الْبَاءِ الْمَجْزُومَةِ . وَقَرَأَ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ وَنُبَيْحٌ وَالْجَرَّاحُ : ( ثُمَّ يُدْرِكَهُ ) بِنَصْبِ الْكَافِ ، وَذَلِكَ عَلَى إِضْمَارَاتٍ كَقَوْلِ الْأَعْشَى :
وَيَأْوِي إِلَيْهَا الْمُسْتَجِيرُ فَيُعْصَمَا
( قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابْنُ جِنِّيٍّ : هَذَا لَيْسَ بِالسَّهْلِ ، وَإِنَّمَا بَابُهُ الشِّعْرُ لَا الْقُرْآنُ وَأَنْشَدَ
أَبُو زَيْدٍ فِيهِ :
سَأَتْرُكُ مَنْزِلِي لِبَنِي تَمِيمٍ وَأَلْحَقُ بِالْحِجَازِ فَأَسْتَرِيحَا
وَالْآيَةُ أَقْوَى مِنْ هَذَا لِتَقَدُّمِ الشَّرْطِ قَبْلَ الْمَعْطُوفِ ، انْتَهَى . وَتَقُولُ : أَجْرَى ثُمَّ مُجْرَى الْوَاوِ وَالْفَاءِ ؛ فَكَمَا جَازَ نَصْبُ الْفِعْلِ بِإِضْمَارِ أَنْ بَعْدَهُمَا بَيْنَ الشَّرْطِ وَجَوَابِهِ ؛ كَذَلِكَ جَازَ فِي ثُمَّ إِجْرَاءُ لَهَا مُجْرَاهُمَا ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ ، وَاسْتَدَلُّوا بِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ . وَقَالَ الشَّاعِرُ فِي الْفَاءِ :
وَمَنْ لَا يُقَدِّمْ رِجْلَهُ مُطَمْئِنَةً فَيُثْبِتَهَا فِي مُسْتَوَى الْقَاعِ يَزْلَقُ
وَقَالَ آخَرُ فِي الْوَاوِ :
وَمَنْ يَقْتَرِبْ مِنَّا وَيُخْضِعْ نُؤْوِهِ
وَلَا يَخْشَ ظُلْمًا مَا أَقَامَ وَلَا هَضْمًا وَقَالُوا : كُلُّ هِجْرَةٍ لِغَرَضٍ دِينِيٍّ مِنْ : طَلَبِ عِلْمٍ ، أَوْ حَجٍّ ، أَوْ جِهَادٍ ، أَوْ فِرَارٍ إِلَى بَلَدٍ يَزْدَادُ فِيهِ طَاعَةً ، أَوْ قَنَاعَةً ، وَزُهْدًا فِي الدُّنْيَا ، أَوِ ابْتِغَاءَ رِزْقٍ طَيِّبٍ ؛ فَهِيَ هِجْرَةٌ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ . وَإِنْ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى .
قِيلَ : وَفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=23729الْغَازِيَ إِذَا خَرَجَ إِلَى الْغَزْوِ وَمَاتَ قَبْلَ الْقِتَالِ فَلَهُ سَهْمُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرِ الْحَرْبَ . رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16418وَابْنِ الْمُبَارَكِ . وَقَالُوا : إِذَا لَمْ يُحْرَمِ الْأَجْرَ لَمْ يُحْرَمِ الْغَنِيمَةَ . وَلَا تُدُلُّ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ لَا تُسْتَحَقُّ إِلَّا بَعْدَ الْحِيَازَةِ ؛ فَالسَّهْمُ مُتَعَلِّقٌ بِالْحِيَازَةِ ، وَهَذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَغْنَمَ ، وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=100فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ عَلَى ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَوْ مَاتَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَقَدْ خَرَجَ إِلَى الْغَزْوِ وَمَا دَخَلَ فِي دَارِ الْحَرْبِ ، أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ ، وَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ كَمَا وَقَعَ أَجْرُ الَّذِي خَرَجَ مُهَاجِرًا فَمَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ دَارَ الْهِجْرَةِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=100وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) أَيْ : غَفُورًا لِمَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِهِ رَحِيمًا بِوُقُوعِ أَجْرِهِ عَلَيْهِ وَمُكَافَأَتِهِ عَلَى هِجْرَتِهِ وَنِيَّتِهِ . وَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ أَنْوَاعًا مِنَ الْبَلَاغَةِ وَالْبَدِيعِ ؛ مِنْهَا الِاسْتِعَارَةُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=94إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، اسْتَعَارَ الضَّرْبَ لِلسَّعْيِ فِي قِتَالِ الْأَعْدَاءِ ، وَالسَّبِيلَ لِدِينِهِ . وَفِي : ( لَا يَسْتَوِي ) عَبَّرَ بِهِ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْمَكَانِ عَنِ التَّسَاوِي فِي الْمَنْزِلَةِ وَالْفَضِيلَةِ وَفِي : دَرَجَةِ حَقِيقَتِهَا فِي الْمَكَانِ فَعَبَّرَ بِهِ عَنِ الْمَعْنَى الَّذِي اقْتَضَى التَّفْضِيلَ . وَفِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=100يُدْرِكْهُ ) اسْتَعَارَ الْإِدْرَاكَ الَّذِي هُوَ صِفَةُ مَنْ فِيهِ حَيَاةٌ لِحُلُولِ الْمَوْتِ . وَفِي : فَقَدْ وَقَعَ اسْتَعَارَ الْوُقُوعَ الَّذِي هُوَ مِنْ صِفَاتِ الْإِجْرَامِ لِثُبُوتِ الْأَجْرِ . وَالتَّكْرَارُ فِي اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَفِي : فَتَبَيَّنُوا ، وَفِي
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ . وَالتَّجْنِيسُ الْمُمَاثِلُ فِي : ( مَغْفِرَةً ) وَ ( غَفُورًا ) . وَالْمُغَايِرُ فِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=99أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ ) وَ ( عَفُوًّا ) ، وَفِي : ( يُهَاجِرْ ) وَ ( مُهَاجِرًا ) . وَإِطْلَاقُ الْجَمْعِ عَلَى الْوَاحِدِ فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ وَحْدَهُ . وَالِاسْتِفْهَامُ الْمُرَادُ مِنْهُ التَّوْبِيخُ فِي : فِيمَ كُنْتُمْ ، وَفِي : أَلَمْ تَكُنْ . وَالْإِشَارَةُ فِي كَذَلِكَ وَفِي : فَأُولَئِكَ . وَالسُّؤَالُ وَالْجَوَابُ فِي : فِيمَ كُنْتُمْ وَمَا بَعْدَهَا . وَالْحَذْفُ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (
[ ص: 338 ] السِّلَاحُ : مَعْرُوفٌ ، وَهُوَ مَا يَتَحَصَّنُ بِهِ الْإِنْسَانُ مِنْ سَيْفٍ وَرُمْحٍ ، وَخِنْجَرٍ وَدَبُّوسٍ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ، وَهُوَ مُفْرَدٌ مُذَكَّرٌ ، يُجْمَعُ عَلَى أَسْلِحَةٍ ، وَأَفْعِلَةٍ جَمْعَ فِعَالٍ الْمُذَكَّرِ نَحْوَ : حِمَارٍ وَأَحْمِرَةٍ ، وَيَجُوزُ تَأْنِيثُهُ . قَالَ
الطِّرِّمَاحُ :
يَهُزُّ سَلَاحًا لَمْ يَرِثْهَا كَلَالَةً يَشُكُّ بِهَا مِنْهَا غُمُوضَ الْمَغَابِنِ وَقَالَ
اللَّيْثَ : يُقَالُ لِلسَّيْفِ وَحْدَهُ سِلَاحٌ ، وَلِلْعَصَا وَحْدَهَا سِلَاحٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13147ابْنُ دُرَيْدٍ : يُقَالُ : السِّلَاحُ وَالسِّلْحُ وَالْمَسْلَحُ وَالْمُسْلَحَانُ ، يَعْنِي : عَلَى وَزْنِ الْحِمَارِ وَالضِّلْعِ وَالنَّعْرِ وَالسُّلْطَانِ . وَيُقَالُ : رَجُلٌ سَالِحٌ إِذَا كَانَ مَعَهُ السِّلَاحُ . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : السِّلَاحُ مَا قُوتِلَ بِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ ) رَوَى
مُجَاهِدٌ nindex.php?page=hadith&LINKID=10374270عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُسَفَانَ ، وَعَلَى الْمُشْرِكِينَ nindex.php?page=showalam&ids=22خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، وَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : لَقَدْ أَصَبْنَا غِرَّةً لَوْ حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ ، وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْقَصْرِ فِيمَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ، الضَّرْبُ فِي الْأَرْضِ . وَالظَّاهِرُ جَوَازُ
nindex.php?page=treesubj&link=1779الْقَصْرِ فِي مُطْلَقِ السَّفَرِ ، وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ .
وَاخْتَلَفَتْ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي حَدِّ
nindex.php?page=treesubj&link=1787الْمَسَافَةِ الَّتِي تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ ؛ فَقَالَ
مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ : تُقْصَرُ فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ ؛ وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا . وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ : مَسِيرَةُ ثَلَاثٍ . وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا بِسَيْرِ الْإِبِلِ ، وَمَشْيِ الْأَقْدَامِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيُّ : مَسِيرَةُ يَوْمٍ تَامٍّ ، وَحَكَاهُ عَنْ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ . وَقَالَ
الْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيُّ : مَسِيرَةُ يَوْمَيْنِ . وَرُوِيَ عَنْ
مَالِكٍ : يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ . وَقَصَرَ
أَنَسٌ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ مِيلًا . وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ نَوْعُ سَفَرٍ ؛ بَلْ يَكْفِي مُطْلَقُ السَّفَرِ ؛ سَوَاءٌ كَانَ فِي طَاعَةٍ أَوْ مُبَاحٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ ؛ وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيُّ ،
وَأَبُو حَنِيفَةَ . وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ : أَنَّهُ لَا يُقْصَرُ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ . وَقَالَ
عَطَاءٌ : لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ إِلَّا فِي سَفَرِ طَاعَةٍ ؛ وَرُوِيَ عَنْهُ : أَنَّهَا تُقْصَرُ فِي السَّفَرِ الْمُبَاحِ . وَأَجْمَعُوا عَلَى الْقَصْرِ فِي سَفَرِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالْجِهَادِ ، وَمَا ضَارَعَهَا مِنْ صِلَةِ رَحِمٍ ، وَإِحْيَاءِ نَفْسٍ . وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ كَالْبَاغِي وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا . وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ إِلَّا حَتَّى يَتَّصِفَ بِالسَّفَرِ بِالْفِعْلِ ، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَسَافَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلَا زَمَانٍ . وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14966الْحَارِثِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ : أَنَّهُ أَرَادَ سَفَرًا فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ فِي مَنْزِلِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=13705وَالْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ؛ وَبِهِ قَالَ
عَطَاءٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16047وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى . وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ . وَرُوِيَ عَنْ
مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ : لَا يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ يَوْمَهُ الْأَوَّلَ حَتَّى اللَّيْلِ . وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ) أَنَّ الْقَصْرَ مُبَاحٌ . وَقَالَ
مَالِكٌ فِي الْمَبْسُوطِ : سُنَّةٌ . وَقَالَ
حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُحْنُونٍ وَإِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي : فُرِضَ ، وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101أَنْ تَقْصُرُوا ) مُطْلَقٌ فِي الْقَصْرِ ، وَيَحْتَاجُ إِلَى مِقْدَارِ مَا يَنْقُصُ مِنْهَا . فَذَهَبَتْ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ قَصْرٌ مِنْ أَرْبَعٍ إِلَى اثْنَيْنِ . وَقَالَ قَوْمٌ : مِنْ رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ إِلَى رَكْعَةٍ وَالرَّكْعَتَانِ فِي السَّفَرِ تَمَامٌ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) ظَاهِرُهُ أَنَّ إِبَاحَةَ الْقَصْرِ مَشْرُوطَةٌ بِالْخَوْفِ الْمَذْكُورِ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ . وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْقَصْرَ هُوَ مِنْ رَكْعَتِي السَّفَرِ إِلَى رَكْعَةٍ شَرَطَ الْخَوْفَ ، وَقَالَ : تُصَلِّي كُلُّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً لَا تَزِيدُ عَلَيْهَا ، وَيَكُونُ لِلْإِمَامِ رَكْعَتَانِ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لَا يُرَادُ بِالْقَصْرِ الصَّلَاةُ هُنَا الْقَصْرُ مِنْ رَكْعَتَيْهَا ؛ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْقَصْرُ مِنْ هَيْئَتِهَا بِتَرْكِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي الْإِيمَاءِ ، وَتَرْكِ الْقِيَامِ إِلَى الرُّكُوعِ . وَرُوِيَ فِعْلُ ذَلِكَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وَطَاوُسٍ . وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ الْآيَةَ مُبِيحَةٌ الْقَصْرَ مِنْ حُدُودِ الصَّلَاةِ وَهَيْآتِهَا عِنْدَ الْمُسَايَفَةِ وَاشْتِعَالِ الْحَرْبِ ؛ فَأُبِيحَ لِمَنْ هَذِهِ حَالَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إِيمَاءً
[ ص: 339 ] بِرَأْسِهِ ، وَيُصَلِّيَ رَكْعَةً وَاحِدَةً حَيْثُ تَوَجَّهَ إِلَى رَكْعَتَيْنِ ، وَرَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=103فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ) ; أَيْ بِحُدُودِهَا ، وَهَيْآتِهَا الْكَامِلَةِ . وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا مَفْهُومَ لَهُ ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَوْفِ وَالْأَمْنِ . وَحَدِيثُ يَعْلَى فِي ذَلِكَ مَشْهُورٌ صَحِيحٌ .
وَالْفِتْنَةُ هُنَا هِيَ التَّعَرُّضُ بِمَا يَكْرَهُ مِنْ قِتَالٍ وَغَيْرِهِ . وَلُغَةُ
الْحِجَازِ : فَتَنَ ، وَلُغَةُ
تَمِيمٍ وَرَبِيعَةَ وَقَيْسٍ : أَفْتَنَ رُبَاعِيًّا . وَقَالَ
أَبُو زَيْدٍ : قَصَرَ مِنْ صَلَاتِهِ قَصْرًا أَنْقَصَ مِنْ عَدَدِهَا . وَقَالَ
الْأَزْهَرِيُّ : قَصَرَ ، وَأَقْصَرَ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101أَنْ تَقْصُرُوا ) رُبَاعِيًّا ، وَبِهِ قَرَأَ
الضَّبِّيُّ عَنْ رِجَالِهِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101تَقْصُرُوا ) مُشَدَّدًا ، وَمَنْ لِلتَّبْعِيضِ . وَقِيلَ زَائِدَةٌ . وَقِيلَ الشَّرْطُ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِقَصْرِ الصَّلَاةِ ، بَلْ تَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ ، ثُمَّ ابْتَدَأَ حُكْمُ الْخَوْفِ . وَيُؤَيِّدُهُ عَلَى قَوْلٍ أَنَّ تُجَّارًا قَالُوا : إِنَّا نَضْرِبُ فِي الْأَرْضِ ، فَكَيْفَ نُصَلِّي ؟ فَنَزَلَتْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ ، ثُمَّ انْقَطَعَ الْكَلَامُ . فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ فِي غَزَاةِ
بَنِي أَسَدٍ حِينَ صُلِّيَتِ الظُّهْرُ قَالَ بَعْضُ الْعَدُوِّ : هَلَّا شَدَدْتُمْ عَلَيْهِمْ ، وَقَدْ مَكَّنُوكُمْ مِنْ ظُهُورِهِمْ ؟ فَقَالُوا : إِنَّ لَهُمْ بَعْدَهَا صَلَاةً هِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ آبَائِهِمْ ، وَأَوْلَادِهِمْ ؛ فَنَزَلَتْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101إِنْ خِفْتُمْ ) إِلَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102عَذَابًا مُهِينًا ) صَلَاةُ الْخَوْفِ . وَرَجَّحَ هَذَا بِأَنَّهُ إِذَا عَلَّقَ الشَّرْطَ بِمَا قَبْلَهُ كَانَ جَوَازُ الْقَصْرِ مَعَ الْأَمْنِ مُسْتَفَادًا مِنْ السُّنَّةِ ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ نَسْخُ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ . وَعَلَى تَقْدِيرِ الِاسْتِئْنَافِ لَا يَلْزَمُ ، وَمَتَى اسْتَقَامَ اللَّفْظُ ، وَتَمَّ الْمَعْنَى مِنْ غَيْرِ مَحْذُورِ النَّسْخِ كَانَ أَوْلَى ، انْتَهَى . وَلَيْسَ هَذَا بِنَسْخٍ ؛ إِنَّمَا فِيهِ عَدَمُ اعْتِبَارِ مَفْهُومِ الشَّرْطِ ، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ . وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
عَزِيزٌ إِذَا حَلَّ الْخَلِيقَانِ حَوْلَهُ بِذِي لُحْبِ لَجْأَتِهِ وَضَوَاهِلِهْ
وَفِي قِرَاءَةِ
أُبَيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ : " أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ أَنْ يَفْتِنَكُمْ " بِإِسْقَاطِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101إِنْ خِفْتُمْ ) ، وَهُوَ مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى ; أَيْ مَخَافَةَ أَنْ يَفْتِنَكُمْ . وَأَصْلُ الْفِتْنَةِ الِاخْتِبَارُ بِالشَّدَائِدِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا ) عَدُوٌّ : وَصْفٌ يُوصَفُ بِهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ . قَالَ : ( هُمُ الْعَدُوُّ ) . وَمَعْنَى مُبِينًا ; أَيْ مُظْهِرًا لِلْعَدَاوَةِ ؛ بِحَيْثُ إِنَّ عَدَاوَتَهُ لَيْسَتْ مَسْتُورَةً ، وَلَا هُوَ يُخْفِيهَا ، فَمَتَى قَدَرَ عَلَى أَذِيَّةٍ فَعَلَهَا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ) اسْتَدَلَّ بِظَاهِرِ الْخِطَابِ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَا يَرَى صَلَاةَ الْخَوْفِ بَعْدَ الرَّسُولِ حَيْثُ شَرَطَ كَوْنَهُ فِيهِمْ ، وَكَوْنَهُ هُوَ الْمُقِيمَ لَهُمُ الصَّلَاةَ . وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابْنِ عُلَيَّةَ وَأَبِي يُوسُفَ ; لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِإِمَامَتِهِ لَا عِوَضَ عَنْهَا وَغَيْرُهُ مِنَ الْعِوَضِ ؛ فَيُصَلِّي النَّاسُ بِإِمَامَيْنِ طَائِفَةً بَعْدَ طَائِفَةٍ . وَقَالَ الْجُمْهُورُ : الْخِطَابُ لَهُ يَتَنَاوَلُ الْأُمَرَاءَ بَعْدَهُ وَالضَّمِيرُ فِي فِيهِمْ عَائِدٌ عَلَى الْخَائِفِينَ . وَقِيلَ عَلَى الضَّارِبِينَ فِي الْأَرْضِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=1829صَلَاةَ الْخَوْفِ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي السَّفَرِ ، وَلَا تَكُونُ فِي الْحَضَرِ ، وَإِنْ كَانَ خَوْفٌ . وَذَهَبَ إِلَيْهِ قَوْمٌ . وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْحَضَرَ إِذَا كَانَ خَوْفٌ كَالسَّفَرِ .
وَمَعْنَى : فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ أَقَمْتَ حُدُودَهَا وَهَيْآتِهَا . وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمَعْنَى فَأَقَمْتَ بِهِمْ . وَعَبَّرَ بِالْإِقَامَةِ إِذْ هِيَ فَرْضٌ عَلَى الْمُصَلِّي فِي قَوْلٍ عَنْ ذَلِكَ . وَمَعْنَى : فَلْتَقُمْ هُوَ مِنَ الْقِيَامِ ، وَهُوَ الْوُقُوفُ . وَقِيلَ
[ ص: 340 ] فَلْتَقُمْ بِأَمْرِ صَلَاتِهَا حَتَّى تَقَعَ عَلَى وَفْقِ صَلَاتِكَ مَنْ قَامَ بِالْأَمْرِ اهْتَمَّ بِهِ ، وَجَعَلَهُ شُغْلَهُ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ عَائِدٌ عَلَى طَائِفَةٍ لِقُرْبِهَا مِنَ الضَّمِيرِ ، وَلِكَوْنِهَا لَهَا فِيمَا بَعْدَهَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فَإِذَا سَجَدُوا . وَقِيلَ إِنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى غَيْرِهِمْ ، وَهِيَ الطَّائِفَةُ الْحَارِسَةُ الَّتِي لَمْ تُصَلِّ . وَقَالَ
النَّحَّاسُ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْجَمِيعِ ; لِأَنَّهُ أَهَيْبُ لِلْعَدُوِّ : فَإِذَا سَجَدُوا ; أَيْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ . وَمَعْنَى سَجَدُوا : صَلَّوْا . وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السُّجُودَ قَدْ يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الصَّلَاةِ ، وَمِنْهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374271إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ ; أَيْ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ .