الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فضل ]

                                                          فضل : الفضل والفضيلة معروف : ضد النقص والنقيصة ، والجمع فضول ; وروي بيت أبي ذؤيب :


                                                          وشيك الفصول بعيد الغفول



                                                          روي : وشيك الفضول مكان الفصول ، وقد تقدم في ترجمة فصل بالصاد المهملة . وقد فضل يفضل وهو فاضل . ورجل فضال ومفضل : كثير الفضل . والفضيلة : الدرجة الرفيعة في الفضل ، والفاضلة الاسم من ذلك . والفضال والتفاضل : التمازي في الفضل . وفضله : مزاه . والتفاضل بين القوم : أن يكون بعضهم أفضل من بعض . ورجل فاضل : ذو فضل . ورجل مفضول : قد فضله غيره . ويقال : فضل فلان على غيره إذا غلب بالفضل عليهم . وقوله تعالى : وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا قيل : تأويله أن الله فضلهم بالتمييز ; وقال : على كثير ممن خلقنا ولم يقل على كل لأن الله تعالى فضل الملائكة فقال : ولا الملائكة المقربون ولكن ابن آدم مفضل على سائر الحيوان الذي لا يعقل ، وقيل في التفسير : إن فضيلة ابن آدم أنه يمشي قائما وأن الدواب والإبل والحمير وما أشبهها تمشي منكبة . وابن آدم يتناول الطعام بيديه وسائر الحيوان يتناوله بفيه . وفاضلني ففضلته أفضله فضلا : غلبته بالفضل ، وكنت أفضل منه . وتفضل عليه : تمزى . وفي التنزيل العزيز : يريد أن يتفضل عليكم معناه يريد أن يكون له الفضل عليكم في القدر والمنزلة ، وليس من التفضل الذي هو بمعنى الإفضال والتطول . الجوهري : المتفضل الذي يدعي الفضل على أقرانه ; ومنه قوله تعالى : يريد أن يتفضل عليكم . وفضلته على غيره تفضيلا إذا حكمت له بذلك أو صيرته كذلك . وأفضل عليه : زاد ; قال ذو الإصبع :


                                                          لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب     عني ولا أنت دياني فتخزوني



                                                          الديان هنا : الذي يلي أمرك ويسوسك ، وأراد فتخزوني فأسكن للقافية لأن القصيدة كلها مردفة ; وقال أوس بن حجر يصف قوسا :


                                                          كتوم طلاع الكف لا دون ملئها     ولا عجسها عن موضع الكف أفضلا



                                                          والفواضل : الأيادي الجميلة . وأفضل الرجل على فلان وتفضل بمعنى إذا أناله من فضله وأحسن إليه . والإفضال : الإحسان . وفي حديث ابن أبي الزناد : إذا عزب المال قلت فواضله أي إذا بعدت الضيعة قل الرفق منها لصاحبها ، وكذلك الإبل إذا عزبت قل انتفاع ربها بدرها ; قال الشاعر :


                                                          سأبغيك مالا بالمدينة إنني     أرى عازب الأموال قلت فواضله

                                                          والتفضل : التطول على غيرك . وتفضلت عليه وأفضلت : تطولت . ورجل مفضال : كثير الفضل والخير والمعروف . وامرأة مفضالة على قومها إذا كانت ذات فضل سمحة . ويقال : فضل فلان على فلان إذا غلب عليه . وفضلت الرجل : غلبته ; وأنشد :


                                                          شمالك تفضل الأيمان إلا     يمين أبيك نائلها الغزير



                                                          وقوله تعالى : ويؤت كل ذي فضل فضله قال الزجاج : معناه من كان ذا فضل في دينه فضله الله في الثواب وفضله في المنزلة في الدنيا بالدين كما فضل أصحاب سيدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . والفضل والفضلة : البقية من الشيء . وأفضل فلان من الطعام وغيره إذا ترك منه شيئا . ابن السكيت : فضل الشيء يفضل وفضل يفضل ، قال : وقال أبو عبيدة : فضل منه شيء قليل ، فإذا قالوا ، يفضل ضموا الضاد فأعادوها إلى الأصل ، وليس في الكلام حرف من السالم يشبه هذا قال : وزعم بعض النحويين أنه يقال حضر القاضي امرأة ثم يقولون تحضر . الجوهري : أفضلت منه الشيء واستفضلته بمعنى ; وقوله أنشده ثعلب للحارث بن وعلة :


                                                          فلما أبى أرسلت فضلة ثوبه     إليه فلم يرجع بحلم ولا عزم



                                                          معناه أقلعت عن لومه وتركته كأنه كان يمسك حينئذ بفضلة ثوبه ، فلما أبى أن يقبل منه أرسل فضلة ثوبه إليه فخلاه وشأنه ، وقد أفضل فضلة ; قال :


                                                          كلا قادميها تفضل الكف نصفه     كجيد الحبارى ريشه قد تزلعا



                                                          وفضل الشيء يفضل : مثال دخل يدخل وفضل يفضل كحذر يحذر ، وفيه لغة ثالثة مركبة منهما فضل ، بالكسر ، يفضل ، بالضم ، وهو شاذ لا نظير له ، وقال ابن سيده : هو نادر جعلها سيبويه كمت تموت ; قال الجوهري : قال سيبويه هذا عند أصحابنا إنما يجيء على لغتين ، قال : وكذلك نعم ينعم ومت تموت وكدت تكود . وقال اللحياني : فضل يفضل كحسب يحسب نادر كل ذلك بمعنى . وقال ابن بري عند قول الجوهري : كدت تكود ، قال : المعروف كدت تكاد . والفضيلة والفضالة : ما فضل من الشيء . وفي الحديث : [ ص: 194 ] فضل الإزار في النار ; هو ما يجره الإنسان من إزاره على الأرض على معنى الخيلاء والكبر . وفي الحديث : إن لله ملائكة سيارة فضلا أي زيادة على الملائكة المرتبين مع الخلائق ، ويروى بسكون الضاد وضمها ، قال بعضهم : والسكون أكثر وأصوب ، وهما مصدر بمعنى الفضلة والزيادة . وفي الحديث : إن اسم درعه ، عليه السلام ، كان ذات الفضول ، وقيل : ذو الفضول لفضلة كان فيها وسعة . وفواضل المال : ما يأتيك من مرافقه وغلته . وفضول الغنائم : ما فضل منها حين تقسم ; وقال ابن عنمة ( وهو عبد الله بن عنمة بن حرثان بن ثعلبة ) :


                                                          لك المرباع منها والصفايا     وحكمك والنشيطة والفضول



                                                          وفضلات الماء : بقاياه . والعرب تقول لبقية الماء في المزادة فضلة ، ولبقية الشراب في الإناء فضلة ، ومنه قول علقمة بن عبدة : والفضلتين . وفي الحديث : لا يمنع فضل ; قال ابن الأثير : هو أن يسقي الرجل أرضه ثم تبقى من الماء بقية لا يحتاج إليها فلا يجوز له أن يبيعها ولا يمنع منها أحدا ينتفع بها ، هذا إذا لم يكن الماء ملكه ، أو على قول من يرى أن الماء لا يملك ، وفي رواية أخرى : لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ ; هو نفع البئر المباحة أي ليس لأحد أن يغلب عليه ويمنع الناس منه حتى يحوزه في إناء ويملكه . والفضلة : الثياب التي تبتذل للنوم لأنها فضلت عن ثياب التصرف . والتفضل : التوشح ، وأن يخالف اللابس بين أطراف ثوبه على عاتقه . وثوب فضل ورجل فضل : متفضل في ثوب واحد ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          يتبعها ترعية جاف فضل     إن رتعت صلى وإلا لم يصل



                                                          وكذلك الأنثى فضل ; قال الأعشى :


                                                          ومستجيب تخال الصنج يسمعه     إذا تردد فيه القينة الفضل



                                                          وإنها لحسنة الفضلة من التفضل في الثوب الواحد ، وفلان حسن الفضلة من ذلك . ورجل فضل ، بالضم ، مثل جنب ومتفضل ، وامرأة فضل مثل جنب أيضا ومتفضلة ، وعليها ثوب فضل : هو أن تخالف بين طرفيه على عاتقها وتتوشح به ; وأنشد أبيات الراعي :


                                                          يسوقها ترعية جاف فضل



                                                          الأصمعي : امرأة فضل في ثوب واحد . الليث : الفضال الثوب الواحد يتفضل به الرجل يلبسه في بيته :


                                                          وألق فضال الوهن عنه بوثبة     حوارية قد طال هذا التفضل



                                                          وإنه لحسن الفضلة ; عن أبي زيد ، مثل الجلسة والركبة ; قال ابن بري : ومنه قول الهذلي :


                                                          مشي الهلوك عليه الخيعل الفضل



                                                          الجوهري : تفضلت المرأة في بيتها إذا كانت في ثوب واحد كالخيعل ونحوه . وفي حديث امرأة أبي حذيفة قالت : يا رسول الله إن سالما مولى أبي حذيفة يراني فضلا أي متبذلة في ثياب مهنتي . يقال : تفضلت المرأة إذا لبست ثياب مهنتها أو كانت في ثوب واحد ، فهي فضل والرجل فضل أيضا . وفي حديث المغيرة في صفة امرأة فضل : صبأت كأنها بغاث ; وقيل : أراد أنها مختالة تفضل من ذيلها . والمفضل والمفضلة ، بكسر الميم : الثوب الذي تتفضل فيه المرأة . والفضلة : اسم للخمر ; ذكره أبو عبيد في باب أسماء الخمر ، وقال أبو حنيفة : الفضلة ما يلحق من الخمر بعد القدم ; قال ابن سيده : وإنما سميت فضلة لأن صميمها هو الذي بقي وفضل ; قال أبو ذؤيب :


                                                          فما فضلة من أذرعات هوت بها     مذكرة عنس كهادية الضحل



                                                          والجمع فضلات وفضال ; قال الشاعر :


                                                          في فتية بسط الأكف مسامح     عند الفضال قديمهم لم يدثر



                                                          قال الأزهري : والعرب تسمي الخمر فضالا ; ومنه قوله :


                                                          والشاربون إذا الذوارع أغليت     صفو الفضال بطارف وتلاد



                                                          وقوله في الحديث : شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا لو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت ; يعني حلف الفضول ، سمي به تشبيها بحلف كان قديما بمكة أيام جرهم على التناصف والأخذ للضعيف من القوي والغريب من القاطن ، وسمي حلف الفضول لأنه قام به رجال من جرهم كلهم يسمى الفضل : الفضل بن الحارث ، والفضل بن وداعة ، والفضل بن فضالة ، فقيل حلف الفضول جمعا لأسماء هؤلاء كما يقال سعد وسعود ، وكان عقده المطيبون وهم خمس قبائل ، وقد ذكر مستوفى في ترجمة حلف . ابن الأعرابي : يقال للخياط القراري والفضولي . والفضل وفضيلة : اسمان . وفضيلة : اسم امرأة ; قال :


                                                          لا تذكرا عندي فضيلة إنها     متى ما يراجع ذكرها القلب يجهل



                                                          وفضالة : موضع ، قال سلمى بن المقعد الهذلي :


                                                          عليك ذوي فضالة فاتبعهم     وذرني إن قربي غير مخلي



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية