الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      اللفظ الثاني : " جميع " وما يتصرف منها كأجمع وأجمعون ، وهي مثل " كل " إذا أضيفت ، ولا تضاف إلا إلى معرفة ، وتكون لإحاطة الأجزاء ; لكن يفترقان من جهة أن دلالة " كل " على كل فرد بطريق النصوصية ، بخلاف " جميع " . وفرق الحنفية بينهما بأن " كلا " تعم الأشياء على سبيل الانفراد ، و " جميعا " تعمها على سبيل الاجتماع ، وذكر ابن الفارض المعتزلي في كتابه " النكت " أن الزجاج حكاه عن المبرد . قلت : وإنما نقل عنه بالنسبة إلى أجمعين في نحو قوله تعالى : { فسجد الملائكة كلهم أجمعون } وكذا حكاه ابن الخشاب ، وابن إياز ، ونقل ابن بابشاذ عنه خلافه . [ ص: 95 ] والصحيح أن " أجمعين " لا يقتضي الاتحاد في الزمان ، بدليل قوله تعالى : { لأغوينهم أجمعين } ولذلك اختلفوا في أنه إذا جمع في التأكيد بين " كل " و " أجمع " في أن التأكيد حاصل بهما معا ، أو بكل واحد منهما على حدته ، وحينئذ فما الذي أفاده الثاني ورفع توهم المجاز حصل بالأول ؟ وإن حصل بهما جميعا ، فكيف ذلك من الواحد إذا اقتصر عليه ؟ والظاهر أن المقصود زيادة التأكيد وتقويته كما في التوابع الآتية بعد " أجمع " إنما تفيد تمكينه في النفس . ومنع ابن مالك والسهيلي جواز تثنية " أجمع " ، زاد السهيلي : وجمعه ، لأنه في معنى " كل " وهي لا تثنى ، ولا تجمع ، لكن صرح ابن سيده والجوهري بأن " أجمعين " جمع " أجمع " ، ومنع ذلك الزوزني في شرح " المفصل " وقال : أجمعون ليس جمعا لأجمع ، وإلا لتنكر بالجمع ، كما يتنكر الزيدون ; بل هو مرتجل ، كذلك علم معناه . واستشكل بعضهم إفادة العموم من " جميع " لأنها لا تضاف إلا إلى معرفة ، تقول : جميع القوم قومك ، ولا تقول : جميع قوم ، ومع التعريف بالألف واللام أو الإضافة يكون العموم مستفادا منها لا من لفظة جميع ، وقد يقال : إن العموم مستفاد من " جميع " والألف اللام لبيان الحقيقة ، أو هو مستفاد من الألف واللام و " جميع " للتأكيد . [ ص: 96 ] فائدة

                                                      يقال جاء القوم بأجمعهم بضم الميم ، لأن أجمع جمع جمع كعبد وأعبد ، ولا يقال بفتح الميم ; لئلا يوهم أنه " أجمع " الذي يؤكد لإضافته إلى الضمير وإدخال حرف الجر عليه ، و " أجمع " الموضوع للتأكيد لا يضاف ، ولا يدخل حرف الجر عليه . قاله الحريري في " الدرة " لكن حكى ابن السكيت الضم والفتح ، والأول أقيس .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية