الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فضا ]

                                                          فضا : الفضاء : المكان الواسع من الأرض ، والفعل فضا يفضو فضوا فهو فاض ; قال رؤبة :


                                                          أفرخ قيض بيضها المنقاض عنكم كراما بالمقام الفاضي



                                                          وقد فضا المكان وأفضى إذا اتسع . وأفضى فلان إلى فلان أي وصل إليه ، وأصله أنه صار في فرجته وفضائه وحيزه ; قال ثعلب بن عبيد يصف نحلا :


                                                          شتت كثة الأوبار لا القر تتقي     ولا الذئب تخشى وهي بالبلد المفضي



                                                          أي العراء الذي لا شيء فيه ، وأفضى إليه الأمر كذلك . وأفضى الرجل : دخل على أهله . وأفضى إلى المرأة : غشيها ، وقال بعضهم : إذا خلا بها فقد أفضى ، غشي أو لم يغش ، والإفضاء في الحقيقة الانتهاء ; ومنه قوله تعالى : وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض أي انتهى وأوى ، عداه بإلى لأن فيه معنى وصل ، كقوله [ ص: 195 ] تعالى : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم . ومرة مفضاة : مجموعة المسلكين . وأفضى المرأة فهي مفضاة إذا جامعها فجعل مسلكيها مسلكا واحدا كأفاضها وهي المفضاة من النساء . الجوهري : أفضى الرجل إلى امرأته باشرها وجامعها . والمفضاة : الشريم . وألقى ثوبه فضا : لم يودعه . وفي حديث دعائه للنابغة : لا يفضي الله فاك ; هكذا جاء في رواية ، ومعناه أن لا يجعله فضاء لا سن فيه . والفضاء : الخالي الفارغ الواسع من الأرض . وفي حديث معاذ في عذاب القبر : ضربه بمرضافة وسط رأسه حتى يفضي كل شيء منه أي يصير فضاء . والفضاء : الساحة وما اتسع من الأرض . يقال : أفضيت إذا خرجت إلى الفضاء . وأفضيت إلى فلان بسري . الفراء : العرب تقول لا يفض الله فاك من أفضيت . قال : والإفضاء أن تسقط ثناياه من فوق ومن تحت وكل أضراسه ; حكاه شمر عنه ; قال أبو منصور : ومن هذا إفضاء المرأة إذا انقطع الحتار الذي بين مسلكيها ; وقال أبو الهيثم في قول زهير :


                                                          ومن يوف لا يذمم ومن يفض قلبه     إلى مطمئن البر لا يتجمجم



                                                          أي من يصر قلبه إلى فضاء من البر ليس دونه ستر لم يشتبه أمره عليه فيتجمجم أي يتردد فيه . والفضى ، مقصور : الشيء المختلط ، تقول : طعام فضى أي فوضى مختلط . شمر : الفضاء ما استوى من الأرض واتسع ، قال : والصحراء فضاء . قال أبو بكر : الفضاء ، ممدود ، كالحساء وهو ما يجري على وجه الأرض ، واحدته فضية ; قال الفرزدق :


                                                          فصبحن قبل الواردات من القطا     ببطحاء ذي قار فضاء مفجرا



                                                          والفضية : الماء المستنقع ، والجمع فضاء ، ممدود ; عن كراع ; فأما قول عدي بن الرقاع :


                                                          فأوردها لما انجلى الليل أو دنا     فضى كن للجون الحوائم مشربا



                                                          قال ابن سيده : يروى فضى وفضى ، فمن رواه فضى جعله من باب حلقة وحلق ونشفة ونشف ، ومن رواه فضى جعله كبدرة وبدر . والفضا : جانب الموضع وغيره ، يكتب بالألف ، ويقال في تثنيته ضفوان ; قال زهير :


                                                          قفرا بمندفع النحائت من     ضفوي ألات الضال والسدر



                                                          النحائت : آبار معروفة . ومكان فاض ومفض أي واسع . وأرض فضاء وبراز ; والفاضي : البارز ; قال أبو النجم يصف فرسه :


                                                          أما إذا أمسى فمفض منزله     نجعله في مربط ونجعله



                                                          مفض : واسع . والمفضى : المتسع ; وقال رؤبة :


                                                          خوقاء مفضاها إلى منخاق



                                                          أي متسعها ; وقال أيضا :


                                                          جاوزته بالقوم حتى أفضى     بهم وأمضى سفر ما أمضى



                                                          قال : أفضى بلغ بهم مكانا واسعا أفضى بهم إليه حتى انقطع ذلك الطريق إلى شيء يعرفونه . ويقال : قد أفضينا إلى الفضاء ، وجمعه أفضية . ويقال : تركت الأمر فضا أي تركته غير محكم . وقال أبو مالك : يقال ما بقي في كنانته إلا سهم فضا ; فضا أي واحد . وقال أبو عمرو : سهم فضا إذا كان مفردا ليس في الكنانة غيره . ويقال : بقيت من أقراني فضا أي بقيت وحدي ، ولذلك قيل للأمر الضعيف غير المحكم فضا ، مقصور . وأفضى بيده إلى الأرض إذا مسها بباطن راحته في سجوده . والفضا : حب الزبيب . وتمر فضا : منثور مختلط ; وقال اللحياني : هو المختلط بالزبيب ; وأنشد :


                                                          فقلت لها يا خالتي لك ناقتي     وتمر فضا في عيبتي وزبيب



                                                          أي منثور ، ورواه بعض المتأخرين : يا عمتي . وأمرهم بينهم فضا أي سواء . ومتاعهم بينهم فوضى فضا أي مختلط مشترك . غيره : وأمرهم فوضى وفضا أي سواء بينهم ; وأنشد للمعذل البكري :


                                                          طعامهم فوضى فضا في رحالهم     ولا يحسنون الشر إلا تناديا



                                                          ويقال : الناس فوضى إذا كان لا أمير عليهم ولا من يجمعهم . وأمرهم فضا بينهم أي لا أمير عليهم . وأفضى إذا افتقر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية