الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 649 ] قصة قصعة بيت الصديق

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولعلها هي القصعة المذكورة في حديث سمرة ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال البخاري : ثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا معتمر ، عن أبيه ، ثنا أبو عثمان ، أنه حدثه عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما ، أن أصحاب الصفة كانوا أناسا فقراء ، وأن النبي صلى الله عليه ، وسلم قال مرة : من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث ، ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس أو سادس أو كما قال . وأن أبا بكر جاء بثلاثة ، وانطلق النبي صلى الله عليه وسلم بعشرة ، وأبو بكر بثلاثة . قال : فهو أنا وأبي وأمي . ولا أدري هل قال : امرأتي وخادم بين بيتنا وبيت أبي بكر . وأن أبا بكر تعشى عند النبي صلى الله عليه وسلم ثم لبث حتى صلى العشاء ، ثم رجع فلبث حتى تعشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء بعد ما مضى من الليل ما شاء الله ، قالت له امرأته : ما حبسك عن أضيافك ، أو ضيفك ؟ قال : أو ما عشيتيهم ؟ قالت : أبوا حتى تجيء قد عرضوا عليهم فغلبوهم . فذهبت فاختبأت فقال : يا غنثر . فجدع وسب . وقال : كلوا - في رواية أخرى : لا هنيئا - وقال : لا أطعمه أبدا . والله ما كنا نأخذ من لقمة إلا ربا من أسفلها أكثر منها ، [ ص: 650 ] حتى شبعوا ، وصارت أكثر مما كانت قبل . فنظر أبو بكر ، فإذا هي أكثر ، فقال لامرأته : يا أخت بني فراس ؟ ! قالت : لا وقرة عيني ، لهي الآن أكثر مما قبل بثلاث مرار . فأكل منها أبو بكر ، وقال إنما كان الشيطان . يعني يمينه . ثم أكل منها لقمة ، ثم حملها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأصبحت عنده ، وكان بيننا وبين قوم عهد ، فمضى الأجل فتفرقنا اثني عشر رجلا ، مع كل رجل منهم أناس ، الله أعلم كم مع كل رجل ، غير أنه بعث معهم . قال : فأكلوا منها أجمعون . أو كما قال وغيره يقول : فعرفنا . من العرافة . هذا لفظه ، وقد رواه في مواضع أخر من " صحيحه " ، ومسلم من غير وجه ، عن أبي عثمان عبد الرحمن بن مل النهدي ، عن عبد الرحمن بن أبي بكر

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حديث آخر عن عبد الرحمن بن أبي بكر في هذا المعنى

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الإمام أحمد : ثنا عارم ، ثنا معتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي بكر ، أنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين ومائة ، فقال النبي [ ص: 651 ] صلى الله عليه وسلم : هل مع أحد منكم طعام ؟ فإذا مع رجل صاع من طعام أو نحوه ، فعجن ، ثم جاء رجل مشرك مشعان طويل بغنم يسوقها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أبيعا أم عطية ؟ " أو قال : " أم هدية ؟ " قال : لا بل بيع . فاشترى منه شاة فصنعت ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بسواد البطن أن يشوى . قال : وايم الله ما من الثلاثين والمائة إلا قد حز له رسول الله صلى الله عليه وسلم حزة من سواد بطنها ؛ إن كان شاهدا أعطاه إياه ، وإن كان غائبا خبأ له . قال : وجعل منها قصعتين . قال : فأكلنا أجمعون وشبعنا ، وفضل في القصعتين ، فجعلناه على البعير أو كما قال . وقد أخرجه البخاري ومسلم ، من حديث معتمر بن سليمان .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حديث آخر في تكثير الطعام في السفر : قال الإمام أحمد : حدثنا فزارة بن عمرو أنا فليح ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها ، فأرمل فيها المسلمون واحتاجوا إلى الطعام فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في نحر الإبل ، فأذن لهم ، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه . قال : فجاء فقال : يا رسول الله ، إبلهم تحملهم وتبلغهم عدوهم ، ينحرونها ؟! بل ادع يا رسول الله بغبرات الزاد ، فادع [ ص: 652 ] الله عز وجل فيها بالبركة . قال : " أجل " . فدعا بغبرات الزاد ، فجاء الناس بما بقي معهم ، فجمعه ، ثم دعا الله عز وجل ، فيه بالبركة ، ودعاهم بأوعيتهم ، فملأها وفضل فضل كثير ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : " أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أني عبد الله ورسوله ، ومن لقي الله عز وجل ، بهما غير شاك ، دخل الجنة " وكذلك رواه جعفر الفريابي ، عن أبي مصعب الزهري ، عن عبد العزيز بن أبي حازم ، عن سهيل به . ورواه مسلم والنسائي جميعا ، عن أبي بكر بن أبي النضر ، عن أبيه ، عن عبيد الله الأشجعي ، عن مالك بن مغول ، عن طلحة بن مصرف ، عن أبي صالح عن أبي هريرة به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : ثنا زهير ثنا أبو معاوية عن الأعمش ، عن أبي صالح عن أبي سعيد ، أو عن أبي هريرة - شك الأعمش - قال : لما كانت غزوة تبوك أصاب الناس مجاعة ، فقالوا : يا رسول الله ، لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا ، فأكلنا وادهنا . فقال : " افعلوا " فجاء عمر فقال : يا رسول الله ، إنهم إن فعلوا قل الظهر ، ولكن ادعهم بفضل أزوادهم ، ثم ادع لهم عليها بالبركة ، لعل الله أن يجعل في ذلك البركة . فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنطع فبسط ، ثم دعا بفضل أزوادهم . قال : فجعل الرجل يجيء [ ص: 653 ] بكف الذرة ، والآخر بكف التمر ، والآخر بالكسرة ، حتى اجتمع على النطع شيء من ذلك يسير ، فدعا عليه بالبركة ، ثم قال : " خذوا في أوعيتكم " . فأخذوا في أوعيتهم ، حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا ملئوه ، وأكلوا حتى شبعوا وفضلت فضلة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، لا يلقى الله بها عبد غير شاك فيحجب عن الجنة " وهكذا رواه مسلم أيضا ، عن سهل بن عثمان وأبي كريب ، كلاهما عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد أو أبي هريرة ، فذكر مثله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حديث آخر في هذه القصة : قال الإمام أحمد : ثنا علي بن إسحاق ، ثنا عبد الله - هو ابن المبارك - أنا الأوزاعي ، أنا المطلب بن حنطب المخزومي ، حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري ، حدثني أبي قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة ، فأصاب الناس مخمصة ، فاستأذن الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم في نحر بعض ظهورهم وقالوا : يبلغنا الله به . فلما رأى عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد هم أن يأذن لهم في نحر بعض ظهورهم قال : يا رسول الله ، كيف بنا إذا نحن لقينا العدو غدا جياعا رجالا ؟ ولكن إن رأيت يا رسول الله أن [ ص: 654 ] تدعو لنا ببقايا أزوادهم وتجمعها ، ثم تدعو الله فيها بالبركة ، فإن الله سيبلغنا بدعوتك . أو قال : سيبارك لنا في دعوتك . فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ببقايا أزوادهم ، فجعل الناس يجيئون بالحثية من الطعام وفوق ذلك ، فكان أعلاهم من جاء بصاع من تمر ، فجمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام فدعا ما شاء الله أن يدعو ، ثم دعا الجيش بأوعيتهم وأمرهم أن يحثوا ، فما بقي في الجيش وعاء إلا ملئوه ، وبقي مثله ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه وقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أني رسول الله ، لا يلقى الله عبد مؤمن بهما إلا حجبت عنه النار يوم القيامة وقد رواه النسائي من حديث عبد الله بن المبارك بإسناده نحو ما تقدم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حديث آخر في هذه القصة : قال الحافظ أبو بكر البزار : ثنا أحمد بن المعلى الأدمي ، ثنا عبد الله بن رجاء ، ثنا سعيد بن سلمة ، حدثني أبو بكر ، أظنه من ولد عمر بن الخطاب عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة ، أنه سمع أبا خنيس الغفاري ، أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تهامة حتى إذا كنا بعسفان جاءه أصحابه ، فقالوا : يا رسول الله ، جهدنا الجوع فأذن لنا في الظهر أن نأكله . قال : " نعم " . فأخبر بذلك عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله ، ما صنعت ؟ أمرت الناس أن ينحروا الظهر! فعلى ما يركبون ؟! قال : " فما ترى يابن الخطاب ؟ " قال : أرى أن [ ص: 655 ] تأمرهم أن يأتوا بفضل أزوادهم ، فتجمعه في ثوب ، ثم تدعو لهم . فأمرهم فجعلوا فضل أزوادهم في ثوب ، ثم دعا لهم ، ثم قال : " ائتوا بأوعيتكم " . فملأ كل إنسان وعاءه ، ثم أذن بالرحيل ، فلما جاوز مطروا ، فنزل ونزلوا معه وشربوا من ماء السماء ، فجاء ثلاثة نفر ، فجلس اثنان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب الآخر معرضا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أخبركم عن النفر الثلاثة ؟ أما واحد فاستحيا من الله فاستحيا الله منه ، وأما الآخر فأقبل تائبا فتاب الله عليه ، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه " ثم قال البزار : لا نعلم روى أبو خنيس إلا هذا الحديث بهذا الإسناد . وقد رواه البيهقي ، عن أبي الحسين بن بشران ، عن أبي بكر الشافعي ، ثنا إسحاق بن الحسن الحربي ، أنا ابن رجاء ، ثنا سعيد بن سلمة ، حدثني أبو بكر بن عمرو بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة ، أنه سمع أبا خنيس الغفاري . فذكره .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حديث آخر عن عمر بن الخطاب في هذه القصة : قال الحافظ أبو يعلى : [ ص: 656 ] ثنا أبو هشام محمد بن يزيد الرفاعي ، ثنا ابن فضيل ، ثنا يزيد ، وهو ابن أبي زياد ، عن عاصم بن عبيد الله بن عاصم ، عن أبيه ، عن جده عمر قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فقلنا : يا رسول الله ، إن العدو قد حضر وهم شباع والناس جياع . فقالت الأنصار : ألا ننحر نواضحنا فنطعمها الناس ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كان معه فضل طعام فليجئ به " . فجعل الرجل يجيء بالمد والصاع وأقل وأكثر ، فكان جميع ما في الجيش بضعا وعشرين صاعا ، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنبه فدعا بالبركة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " خذوا ولا تنتهبوا " . فجعل الرجل يأخذ في جرابه ، وفي غرارته ، وأخذوا في أوعيتهم ، حتى إن الرجل ليربط كم قميصه فيملؤه ، ففرغوا والطعام كما هو ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، لا يأتي بهما عبد محق إلا وقاه الله حر النار " . ورواه أبو يعلى أيضا ، عن إسحاق بن إسماعيل الطالقاني ، عن جرير عن يزيد بن أبي زياد ، فذكره . وما قبله شاهد له بالصحة كما أنه متابع لما قبله . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حديث آخر عن سلمة بن الأكوع في ذلك : قال الحافظ أبو يعلى : ثنا محمد بن بشار ، ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي القارئ ، ثنا عكرمة بن عمار ، عن إياس بن سلمة ، عن أبيه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر فأمرنا [ ص: 657 ] أن نجمع ما في أزوادنا - يعني من التمر - فبسط نطعا نثرنا عليه أزوادنا . قال : فتمطيت فتطاولت فنظرت ، فحزرته كربضة شاة ، ونحن أربع عشرة مائة . قال : فأكلنا ثم تطاولت فنظرت ، فحزرته كربضة شاة ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هل من وضوء ؟ " قال : فجاء رجل بنطفة في إداوة . قال : فقبضها فجعلها في قدح . قال : فتوضأنا كلنا ، ندغفقها دغفقة ، ونحن أربع عشرة مائة ، أي نسبغ ولا نبقي من الماء . قال : فجاء أناس فقالوا : يا رسول الله ، ألا وضوء ؟ فقال : " قد فرغ الوضوء " . وقد رواه مسلم ، عن أحمد بن يوسف السلمي ، عن النضر بن محمد ، عن عكرمة بن عمار ، عن إياس ، عن أبيه سلمة ، وقال : فأكلنا حتى شبعنا ، ثم حشونا جربنا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم ما ذكره ابن إسحاق في حفر الخندق ، حيث قال : حدثني سعيد بن ميناء ، أنه قد حدث أن ابنة لبشير بن سعد أخت النعمان بن بشير قالت : دعتني أمي عمرة بنت رواحة ، فأعطتني حفنة من تمر في ثوبي ثم قالت : أي بنية ، اذهبي إلى أبيك وخالك عبد الله بغدائهما . قالت : فأخذتها فانطلقت بها ، فمررت برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا ألتمس أبي وخالي ، فقال : " تعالي يا بنية ، ما هذا معك ؟ " قالت : قلت : يا رسول الله ، هذا تمر بعثتني به أمي إلى أبي بشير بن سعد وخالي عبد الله بن رواحة يتغديانه . فقال : " هاتيه " قالت : [ ص: 658 ] فصببته في كفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ملأتهما ثم أمر بثوب فبسط له ، ثم دحا بالتمر ، فتبدد فوق الثوب ، ثم قال لإنسان عنده : " اصرخ في أهل الخندق أن هلم إلى الغداء " . فاجتمع أهل الخندق عليه ، فجعلوا يأكلون منه ، وجعل يزيد ، حتى صدر أهل الخندق عنه ، وإنه ليسقط من أطراف الثوب .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية