الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          55 - فصل

                          [ فيمن عجز عن عمارة أرض الخراج ]

                          وإذا عجز رب الأرض عن عمارتها قيل له : إما أن تؤجرها وإما أن ترفع يدك عنها لتدفع إلى من يقوم بعمارتها ، ولم تترك على خرابها ، وإن دفع خراجها [ لئلا تصير بالخراب مواتا ] أومأ إليه أحمد فقال في رواية حنبل : " من أسلم على شيء فهو له ، ويؤخذ منه خراج الأرض فإن ترك [ ص: 282 ] أرضه فلم يعمرها فذلك إلى الإمام يدفعها إلى من يعمرها لا تخرب ، تصير فيئا للمسلمين .

                          فقد منع من ترك عمارة أرض الخراج على وجه الخراب ، فإنها تصير بالخراب في حكم الموات فيتضرر أهل الفيء وغيرهم بتعطيلها وإن أدي عنها الخراج .

                          وهذا بخلاف ما لو أحيا أرضا ميتة ثم تركها لم يطالب بعمارتها : نص عليه أحمد ، فقال في رواية حرب في رجل أحيا أرض الموات ، فيحفر فيها بئرا أو يسوق إليها ماء أو يحيط عليها حائطا ثم يتركها ، قال : هي له ، قيل له : فهل في ذلك وقت إذا تركها ؟ قال : لا .

                          وكذلك قال في رواية أبي الصقر : إذا أحيا أرضا ميتة وزرعها ثم تركها حتى عادت خرابا فهي له ، وليس لأحد أن يأخذها منه .

                          والفرق بين المسألتين أنه بإحيائها قد ملكها ، فهو مخير بين الانتفاع بملكه وبين تركه ، وغايتها أن تعود مواتا كما كانت ، وأما أرض الخراج فهي ملك لأصحاب الفيء ، فليس له تعريضها للخراب وتعطيلها عليهم .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية