الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                [ ص: 315 ] بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون

                                                                                                                                                                                                يقال: بدع الشيء فهو بديع، كقولك: بزع الرجل فهو بزيع، و بديع السماوات : من إضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها، أي: بديع سمواته وأرضه، وقيل: البديع بمعنى المبدع، كما أن السميع في قول عمرو [الوافر]:


                                                                                                                                                                                                أمن ريحانة الداعي السميع



                                                                                                                                                                                                بمعنى المسمع، وفيه نظر.

                                                                                                                                                                                                كن فيكون : من كان التامة، أي احدث فيحدث، وهذا مجاز من الكلام وتمثيل، ولا قول ثم، كما لا قول في قوله [من الرجز]:


                                                                                                                                                                                                إذ قالت الأنساع للبطن: الحقي



                                                                                                                                                                                                وإنما المعنى: أن ما قضاه من الأمور، وأراد كونه، فإنما يتكون، ويدخل تحت الوجود من غير امتناع ولا توقف، كما أن المأمور المطيع الذي يؤمر فيمتثل لا يتوقف ولا يمتنع ولا يكون منه الإباء، أكد بهذا استبعاد الولادة; لأن من كان بهذه الصفة من القدرة كانت حاله مباينة لأحوال الأجسام في توالدها، وقرئ (بديع السماوات) مجرورا على أنه بدل من الضمير في له، وقرأ المنصور بالنصب على المدح.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية