الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              232 19 - باب في الجنب يدخل المسجد

                                                              31 \ 220 - عن جسرة بنت دجاجة عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد، فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد، ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصنع القوم شيئا، رجاء أن تنزل فيهم رخصة، فخرج إليهم بعد، فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد، فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب .

                                                              [ ص: 141 ] وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"، وفيه زيادة، وذكر بعده حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم سدوا هذه الأبواب إلا باب أبي بكر ، ثم قال: وهذا أصح.

                                                              وقال الخطابي: وضعفوا هذا الحديث، وقالوا: أفلت - راويه - مجهول، لا يصح الاحتجاج بحديثه.وفيما حكاه الخطابي: أنه مجهول، نظر، فإنه أفلت بن خليفة، ويقال: فليت بن خليفة العامري، ويقال: الذهلي، وكنيته: أبو حسان، حديثه في الكوفيين، روى عنه سفيان بن سعيد الثوري، وعبد الواحد بن زياد. وقال الإمام أحمد بن حنبل: ما أرى به بأسا. وسئل عنه أبو حاتم الرازي؟ فقال: شيخ. وحكى البخاري أنه سمع من جسرة بنت دجاجة. قال البخاري: وعند جسرة عجائب.

                                                              التالي السابق


                                                              قال ابن القيم رحمه الله: وقال الدارقطني: أفلت بن خليفة صالح.

                                                              وقد روى ابن ماجه في "سننه" من حديث أبي الخطاب الهجري، عن محدوج الذهلي، عن جسرة بنت دجاجة، عن أم سلمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى بأعلى صوته: ألا إن هذا المسجد لا يحل لجنب ولا لحائض .

                                                              [ ص: 142 ] قال أبو محمد بن حزم: محدوج ساقط، وأبو الخطاب مجهول. ثم رواه من طريق عبد الوهاب بن عطاء الخفاف، عن ابن أبي غنية، عن إسماعيل، عن جسرة، عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم: هذا المسجد حرام على كل جنب من الرجال وحائض من النساء، إلا محمدا وأزواجه وعليا وفاطمة .

                                                              قال ابن حزم: عبد الوهاب بن عطاء منكر الحديث، وإسماعيل مجهول.

                                                              وليس الأمر كما قال أبو محمد; فقد قال ابن معين في رواية الدوري: إنه ثقة، وقال في رواية الدارمي وابن أبي خيثمة: ليس به بأس. وقال في رواية الغلابي: يكتب حديثه. وقال أحمد: كان يحيى بن سعيد حسن الرأي فيه، وكان يعرفه معرفة قديمة. وقال صالح بن محمد: أنكروا على الخفاف حديثا رواه لثور بن يزيد، على مكحول، عن كريب، عن ابن عباس في فضل العباس. وما أنكروا عليه غيره، فكان يحيى يقول: [ ص: 143 ] هذا موضوع، وعبد الوهاب لم يقل فيه: حدثنا ثور، ولعله دلس فيه، وهو ثقة.

                                                              وأما إسماعيل، فإن كان إسماعيل بن رجاء بن ربيعة الزبيدي الكوفي فإنه ذكر في ترجمة ابن أبي غنية أنه روى عن إسماعيل هذا، ولم يذكر في شيوخه إسماعيل غيره، فهو ثقة، وروى له مسلم في "الصحيح".

                                                              وبعد، فهذا الاستثناء باطل موضوع، من زيادة بعض غلاة الشيعة، ولم يخرجه ابن ماجه في الحديث.




                                                              الخدمات العلمية