الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 328 ] فصل : إذا كان مع الإمام رجال ونساء ، فالمستحب أن يثبت هو والرجال بقدر ما يرى أنهن قد انصرفن ، ويقمن هن عقيب تسليمه . قالت أم سلمة : { إن النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كن إذا سلم من المكتوبة قمن ، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله ، فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال . } قال الزهري فنرى ، والله أعلم ، لكي يبعد من ينصرف من النساء . رواه البخاري .

                                                                                                                                            ولأن الإخلال بذلك من أحدهما يفضي إلى اختلاط الرجال بالنساء ، فإن لم يكن معه نساء فلا يستحب له إطالة الجلوس ; لما روت عائشة رضي الله عنها قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول : اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام } ، رواه ابن ماجه .

                                                                                                                                            وعن البراء ، قال : { رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت قيامه فركعته فاعتداله بعد ركوعه فسجدته فجلسته بين السجدتين ; فجلسته ما بين التسليم والانصراف قريبا من السواء متفق عليه ، } إلا أن البخاري قال : ما خلا القيام والقعود قريبا من السواء . فإن لم يقم فالمستحب أن ينحرف عن قبلته ، لا يلبث مستقبل القبلة ; لأنه ربما أفضى به إلى الشك ، هل فرغ من صلاته ، أو لا ؟ ، وقد روى البخاري بإسناده عن سمرة ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه . } وعن يزيد بن الأسود ، قال : { صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر ، فلما سلم انحرف . }

                                                                                                                                            وعن علي ، أنه صلى بقوم العصر ، ثم أسند ظهره إلى القبلة ، فاستقبل القوم . رواهما الأثرم وقال سعيد بن المسيب : لأن يجلس الرجل على رضفة خير له من أن يجلس مستقبل القبلة حين يسلم ولا ينحرف . وقال إبراهيم : إذا سلم الإمام ثم استقبل القبلة فاحصبوه . قال الأثرم : رأيت أبا عبد الله إذا سلم يلتفت ويتربع وقال أبو داود : رأيته إذا كان إماما فسلم انحرف عن يمينه .

                                                                                                                                            وروى مسلم ، وأبو داود في السنن ، عن جابر بن سمرة ، قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر يتربع في مجلسه حتى تطلع الشمس حسناء . } وفي لفظ : { كان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس } . وعن سعد ، قال : { كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح حتى تطلع الشمس ، فإذا طلعت قام } . رواهما مسلم ، وسئل أحمد عن تفسير حديث النبي صلى الله عليه وسلم : { كان لا يجلس بعد التسليم إلا قدر ما يقول : اللهم أنت السلام } . يعني في مقعده حتى ينحرف ، قال : لا أدري . وروى الأثرم هذه الأحاديث التي ذكرناها .

                                                                                                                                            ويستحب للمأمومين أن لا يثبوا قبل الإمام ، لئلا يذكر سهوا فيسجد وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم { : إني إمامكم ، فلا تبادروني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالانصراف } ، رواه مسلم ، والنسائي ، ولفظ مسلم : فلا تسبقوني . فإن خالف الإمام السنة في إطالة الجلوس مستقبل القبلة أو انحرف ، فلا بأس أن يقوم المأموم ويدعه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية