الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الآفة السابعة الفحش والسب وبذاءة اللسان .

، وهو مذموم ومنهي عنه ، ومصدره الخبث واللؤم قال صلى الله عليه وسلم : إياكم والفحش ؛ فإن الله تعالى لا يحب الفحش ولا التفحش ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن تسب قتلى بدر من المشركين ، فقال : لا تسبوا هؤلاء فإنه ؛ لا يخلص إليهم شيء مما تقولون ، وتؤذون الأحياء ، ألا إن البذاء لؤم وقال صلى الله عليه وسلم : ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ، ولا الفاحش ، ولا البذيء وقال صلى الله عليه وسلم : الجنة حرام على كل فاحش أن يدخلها .

وقال صلى الله عليه وسلم : أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى ، يسعون بين الحميم والجحيم يدعون بالويل والثبور رجل يسيل فوه قيحا ودما ، فيقال له : ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى ؟ فيقول : إن الأبعد كان ينظر إلى كل كلمة قذعة خبيثة فيستلذها كما يستلذ الرفث وقال صلى الله عليه وسلم لعائشة يا عائشة ، لو كان الفحش رجلا لكان رجل سوء .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : البذاء والبيان شعبتان من شعب النفاق .

فيحتمل أن يراد بالبيان كشف ما لا يجوز كشفه ويحتمل أيضا المبالغة في الإيضاح حتى ينتهي إلى حد التكلف ويحتمل أيضا البيان في أمور الدين ، وفي صفات الله تعالى ؛ فإن إلقاء ذلك مجملا إلى أسماع العوام أولى من المبالغة في بيانه إذ قد يثور من غاية البيان فيه شكوك ووساوس فإذا أجملت بادرت القلوب إلى القبول ولم تضطرب ولكن ذكره مقرونا بالبذاء يشبه أن يكون المراد به المجاهرة بما يستحي الإنسان من بيانه ، فإن الأولى في مثله الإغماض والتغافل دون الكشف والبيان وقال صلى الله عليه وسلم : إن الله لا يحب الفاحش المتفحش الصياح في الأسواق وقال جابر بن سمرة كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم وأبي أمامي فقال صلى الله عليه وسلم : إن الفحش والتفاحش ليسا من الإسلام في شيء ، وإن أحسن الناس إسلاما أحاسنهم أخلاقا وقال إبراهيم بن ميسرة يقال : يؤتى بالفاحش المتفحش يوم القيامة في صورة كلب أو في جوف كلب وقال الأحنف بن قيس ألا أخبركم بأدوإ الداء ؟ اللسان البذي ، والخلق الدني .

فهذه مذمة الفحش .

التالي السابق


(الآفة السابعة) ( الفحش والسب وبذاءة اللسان ، وهو مذموم ومنهي عنه، ومصدره الخبث واللؤم) في أصل الطبع، (قال صلى الله عليه وسلم: إياكم والفحش؛ فإن الله تعالى لا يحب الفحش ولا التفحش ) ، فالفحش اسم لكل ما يكرهه الطبع من رذائل الأعمال الظاهرة، كما ينكره العقل ويستخبثه الشرع، فتتفق في حكمه آيات الله الثلاث من الشرع والعقل والطبع، والتفحش تكلف ذلك وتعمده، قال العراقي : ورواه النسائي في الكبرى في التفسير، والحاكم وصححه من حديث عبد الله بن عمرو ، ورواه ابن حبان من حديث أبي هريرة . اهـ .

قلت: ورواه ابن أبي الدنيا في الصمت عن علي بن الجعد ، أخبرني المسعودي ، وقيس بن الربيع ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن مالك ، أو عن عبد الله بن مالك عن عبد الله بن الحارث ، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فذكره بلفظ المصنف، قال: وحدثنا أحمد بن جميل ، أنبأنا عبد الله بن المبارك ، أنبأنا المسعودي أنبأنا عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن أبي كثير الزبيدي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا فاتقوا الله، وإياكم والفحش؛ فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش .

(ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن تسب قتلى بدر من المشركين، فقال: لا تسبوا هؤلاء؛ فإنهم لا يخلص إليهم شيء مما تقولون، وتؤذون الأحياء، ألا إن البذاء لؤم ) قال العراقي : رواه ابن أبي الدنيا من حديث محمد بن علي الباقر مرسلا، ورجاله ثقات، وللنسائي من حديث ابن عباس بإسناد صحيح: "لا تسبوا أمواتنا؛ فتؤذوا أحياءنا . وفي أوله قصة. اهـ .

قلت: قال ابن أبي الدنيا : حدثنا علي بن الجعد ، أخبرني القاسم بن الفضل الحراني ، عن محمد بن علي قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسب قتلى بدر من المشركين، وقال.. فذكره بلفظ المصنف .

وأخرج الخرائطي في مساوئ الأخلاق من حديث أم سلمة : "لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء، ألا إن البذاء لؤم" . وقد رواه أحمد والترمذي والطبراني من حديث المغيرة بن شعبة دون قوله: ألا إن البذاء لؤم .

(وقال صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء ) ، فالطعان هو الوقاع في أعراض الناس بنحو ذم أو غيبة، واللعان الذي يكثر لعن الناس بما يبعدهم من رحمة الله تعالى، إما صريحا أو كناية، والفاحش ذو الفحش في كلامه وأفعاله، والبذيء الفاحش في منطقه، وإن كان الكلام صدقا، قال العراقي : رواه الترمذي بإسناد صحيح من حديث ابن مسعود ، وقال: حسن غريب، والحاكم وصححه، وروي موقوفا، قال الدارقطني في العلل: والموقوف أصح. اهـ .

قلت: أخرجه الترمذي في البر، وإنما قال: حسن غريب، ولم يصحح; لأن فيه محمد بن سابق البغدادي ، وهو ثقة لكنه ضعفه بعضهم، وكذلك رواه البخاري في الأدب المفرد، وأحمد وأبو يعلى وابن حبان ، والطبراني والبيهقي ، كلهم من حديث ابن مسعود مرفوعا، ورواه البيهقي أيضا من حديث أبي هريرة ، وممن رواه مرفوعا ابن أبي الدنيا في الصمت، قال: حدثنا يحيى بن يوسف الرقي ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الحسن بن عمرو ، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد ، عن أبيه عن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.. فساقه، وقال أيضا: حدثنا الحسن بن الصباح ، حدثنا محمد بن سابق عن إسرائيل ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس المؤمن بطعان ولا بلعان، ولا الفاحش البذيء" .

(وقال صلى الله عليه وسلم: الجنة حرام على كل فاحش أن يدخلها ) ، الفاحش ذو الفحش في قوله أو فعله، لا يدخلها مع الأولين، أو قبل تعذيبه وتطهيره بالنار، إلا إن عفي [ ص: 479 ] عنه، قال العراقي : رواه ابن أبي الدنيا ، وأبو نعيم في الحلية من حديث بن عمرو ، بإسناد فيه لين. اهـ .

قلت: قال ابن أبي الدنيا ، حدثني عصمة بن الفضل ، حدثنا يحيى بن يحيى ، حدثنا ابن لهيعة عن عياش بن عياش ، عن أبي عبد الرحمن ، عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال.. فذكره، وكان العراقي أشار بقوله: بإسناد فيه لين؛ إلى ابن لهيعة ، فإن حاله مشهور، والكلام فيه كثير .

(وقال صلى الله عليه وسلم: أربعة يؤذون أهل النار في النار على ما بهم من الأذى، يسعون بين الحميم والجحيم يدعون بالويل والثبور) أي: الهلاك (رجل يسيل فوه) ، أي: فمه (قيحا ودما، فيقال له: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقول: إن الأبعد كان ينظر إلى كل كلمة قذعة) ، أي: قبيحة، (خبيثة فيستلذ بها كما يستلذ الرفث) ، وهو الفحش في المنطق، أو ما يكنى عنه من ذكر النكاح، قال العراقي : رواه ابن أبي الدنيا من حديث شفي بن ماتع ، واختلف في صحبته، فذكره أبو نعيم في الصحابة، وذكره البخاري وابن حبان في التابعين، والراوي عنه بشير بن أيوب العجلي ، وثقه ابن حبان ، وجهله الذهبي . اهـ .

قلت: قال ابن أبي الدنيا : حدثنا داود بن عمرو الضبي ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، حدثني ثعلبة بن مسلم الخثعمي ، عن أيوب بن بشير العجلي عن شفي بن ماتع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أربعة يؤذون أهل النار.. الحديث، وفيه: فيستلذها، ويستلذ الرفث، ثم قال: يقال: من استلذ من الرفث سال فوه قيحا، ودما يوم القيامة . وشفي بن ماتع أبو عثمان الأصبحي مات في خلافة هشام ، ذكر خليفة بن خياط أنه أرسل حديثا، فظن بعضهم أنه صحابي. اهـ. وقد روى له البخاري في خلق أفعال العباد، وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه في كتاب التفسير، وأيوب بن بشير العجلي ، شامي صدوق، روى له ابن ماجه في كتاب التفسير، وعبارة الذهبي في ديوان الضعفاء: أيوب بن بشير شامي مجهول عن تابعي .

(وقال صلى الله عليه وسلم لعائشة ) رضي الله عنها، ( يا عائشة ، لو كان الفحش رجلا كان رجل سوء ) قال العراقي : رواه ابن أبي الدنيا من رواية ابن لهيعة عن أبي النضر ، عن أبي سلمة عنها. اهـ .

قلت: قال: حدثني إبراهيم بن سعيد ، حدثنا عبيد بن أبي قرة ، عن ابن لهيعة عن أبي النضر ، عن أبي سلمة ، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كان الفحش رجلا كان رجل سوء" . ورواه أيضا من طريق أخرى ليس فيها ابن لهيعة ، قال: حدثنا الحكم بن موسى ، حدثنا الوليد بن مسلم ، عن طلحة بن عمرو ، عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة : "يا عائشة ، لو كان الفحش رجلا لكان رجل سوء" . وهذا هو الذي أشار إليه المصنف، وأورده وأخرج الخرائطي في مساوي الأخلاق من حديث عائشة : "لو كان سوء الخلق رجلا يمشي في الناس لكان رجل سوء، وإن الله لم يخلقني فحاشا" . وعند أبي نعيم بلفظ: "لو كان البذاء رجلا كان رجل سوء" . ومما عزاه السيوطي إلى الصمت لابن أبي الدنيا من حديث عائشة ، ولم أجده فيه: لو كان الفحش خلقا كان شر خلق الله .

(وقال صلى الله عليه وسلم: البذاء) يروى بكسر الموحدة وبفتحها ممدودا، (والبيان شعبتان من شعب النفاق) ، قال العراقي : رواه الترمذي ، وحسنه، والحاكم ، وصححه على شرط الشيخين من حديث أبي أمامة ، وتقدم، قلت: قال ابن أبي الدنيا : حدثنا علي بن الجعد ، أخبرني أبو غسان محمد بن مطرف ، عن حسان بن عطية ، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فذكره، أما البذاء فهو المفاحشة في القول والفعل ، (و) اختلف في تفسير البيان في هذا الخبر، فقيل: (يحتمل أن يراد بالبيان كشف ما لا يجوز كشفه) من الأسرار الإلهية، أي: لغير أهله، (ويحتمل أيضا المبالغة في الإيضاح حتى ينتهي إلى حد التكلف) المنهي عنه، (ويحتمل أيضا البيان في أمور الدين، وفي صفات الله تعالى؛ فإن إلقاء ذلك مجملا إلى أسماع العوام أولى من المبالغة في بيانه) ، وكشفه، (إذ قد يثور) أي: يتحرك (من غاية البيان) ونهاية الكشف، (فيه شكوك) وأوهام (ووساوس) وشبهات، (فإذا أجملت بادرت القلوب إلى قبوله) ، وقنعت به، (ولم تضطرب) ولم تطلب كشف ما وراء ذلك، وإليه الإشارة بقول القائل:


ومن منح الجهال علما أضاعه

(ولكن ذكره مقرونا بالبذاء يشبه أن [ ص: 480 ] يكون المراد به المجاهرة بما يستحي الإنسان من بيانه، فإن الأولى في مثله الإغماض والتغافل دون الكشف والبيان) ، والذي يظهر أن المراد بالبيان هنا هو الاحتمال الثاني، وهو التعمق في إظهار الفصاحة في النطق وتكلف البلاغة في أساليب الكلام; لأنه يجر إلى أن يرى لنفسه فضلا على من تقدمه في المقال، ومزية عليه في المعلم أو الدرجة عند الله، لفضل خص به عنهم؛ فيحتقر من تقدمه، وأصل البيان هو جمع الفصاحة في اللفظ والبلاغة في المعنى، وقال الزمخشري : هو إظهار المقصود بأبلغ لفظ، وبهذا الذي ذكرت فسروا ما رواه الطبراني من حديث أبي أمامة أن الله كره لكم البيان كل البيان، فتأمل .

(وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يحب الفاحش المتفحش الصياح في الأسواق ) أي: كثير الصراخ في الشوارع والطرق ومجامع الناس ، كما يفعله السوقة والدلالون ونحوهم، فيكره ذلك، وأما صياح نحو الدلال والمنادي ومنشد الضالة ومعرف اللقطة بقدر الحاجة فلا يكره. قال العراقي : رواه ابن أبي الدنيا من حديث جابر بسند ضعيف، وله وللطبراني من حديث أسامة بن زيد أن الله لا يحب الفاحش المتفحش ، وإسناده جيد. اهـ .

قلت: لفظ ابن أبي الدنيا في الصمت، حدثنا داود بن عمرو الضبي ، حدثنا مروان بن معاوية ، حدثنا أبو بكر الفضل بن مبشر الأنصاري ، سمعت جابر بن عبد الله يقول: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحب الله الفاحش المتفحش الصياح في الأسواق" . ورواه كذلك ابن عدي في الكامل، وضعفه، ولعل سبب ضعفه الفضل بن مبشر أبو بكر المدني ، عن جابر ، قال الذهبي في المغني: ضعفه ابن معين والنسائي ، وقال أبو زرعة : لين .

وأما حديث أسامة بن زيد ، فقد أورده ابن أبي الدنيا من وجهين; الأول قال: حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا معلى بن منصور ، حدثنا يحيى بن زكريا ، حدثني عثمان بن حكيم ، حدثني محمد بن أفلح ، مولى أبي أيوب ، عن أسامة بن زيد قال: أما إني أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يقول: لا يحب الله الفاحش المتفحش . الثاني، قال: حدثني أبو موسى الهروي ، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، حدثنا عثمان بن حكيم ، عن أفلح مولى ابن أيوب عن أسامة بن زيد ، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عز وجل لا يحب الفاحش المتفحش ، وقد روي ذلك أيضا من حديث أبي سعيد الخدري .

قال ابن أبي الدنيا : حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، حدثنا فضيل بن سليمان ، حدثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن أبيه عن أبي سعيد رفعه: "إن الله لا يحب الفاحش المتفحش" .

(وقال جابر بن سمرة) بن جنادة بن جندب بن حجير بن زباب بن حبيب بن سواءة بن عامر بن صعصعة السوائي أبو عبد الله، ويقال: أبو خالد العامري، وأمه خلدة بنت أبي وقاص، أخت سعد ، له صحبة، وخالف بني زهرة ، ونزل الكوفة وابتنى بها دارا، وله بها عقب، ومات بها سنة ست وسبعين في ولاية بشر بن مروان ، روى له الجماعة، (كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم وأبي أمامي) هو سمرة بن جنادة، له أيضا صحبة، مات بالكوفة في ولاية عبد الملك بن مروان ، روى له البخاري ومسلم وأبو داود ، والترمذي ، حديث: "كلهم من قريش" ، يعني الاثني عشر خليفة، (فقال صلى الله عليه وسلم: إن الفحش والتفحش ليسا من الإسلام في شيء، وإن أحسن الناس إسلاما أحاسنهم أخلاقا ) ، قال العراقي : رواه أحمد وابن أبي الدنيا بإسناد صحيح. اهـ .

قلت: ورواه كذلك أبو يعلى ، وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا الحسن بن الصباح ، حدثنا أبو أسامة عن زكريا بن سياه ، عن عمران بن رياح ، عن علي بن عمارة الثقفي ، عن جابر بن سمرة قال: "كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا وأبي أمامي " ، فساقه بلفظ المصنف، ووقع عند أحمد وأبي يعلى : أحسنهم خلقا . قال الهيثمي : رجاله ثقات، وقال المنذري : إسناد أحمد جيد، (وقال إبراهيم بن ميسرة) الطائفي، نزيل مكة ، من الموالي. قال أحمد وابن معين والنسائي : ثقة. قال محمد بن سعد : مات في خلافة مروان بن محمد . وقال البخاري : مات قريبا من سنة ثنتين وثلاثين ومئة، روى له الجماعة. (يقال: يؤتى بالفاحش المتفحش يوم القيامة في صورة كلب أو في جوف كلب ) أخرجه ابن أبي الدنيا عن أحمد بن جميل ، أنبأنا عبد الله بن المبارك ، أنبأنا محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة قال.. فذكره .

(وقال الأحنف بن قيس) بن معاوية بن حصين التميمي السعدي أبو بحر، مخضرم ثقة: ( ألا أخبركم بأدوإ الداء؟ اللسان البذيء، والخلق الدنيء ) ، أي: [ ص: 481 ] الخسيس .

أخرجه ابن أبي الدنيا عن أحمد بن جميل ، أنبأنا عبد الله بن المبارك ، أنبأنا معمر قال: قال الأحنف بن قيس .. فذكره، (فهذه مذمة الفحش) ، وقد روي عن أنس مرفوعا قال: "ما كان الفحش في شيء قط إلا شانه" . وعن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل يبغض الفاحش البذيء" .

أخرجه ابن أبي الدنيا ، وعن أسامة بن زيد رفعه: "إن الله تعالى يبغض الفاحش المتفحش" ، رواه الإمام أحمد ، وفي حديث عائشة : "إن الله لا يحب الفاحش ولا المتفحش" . رواه مسلم وابن أبي الدنيا ، وعن ابن مسعود قال: ألأم خلق المؤمن الفحش .

وروى المسعودي عن عوف بن عبد الله قال: ألا إن الفحش والبذاء من النفاق، وهن مما يزدن في الدنيا وينقصن في الآخرة، وما ينقصن في الآخرة أكثر مما يزدن في الدنيا .




الخدمات العلمية