( تنبيه )
مضمر الفعل كمظهره في إفادة الحدوث ، ومن هذه القاعدة قالوا : إن
[ ص: 63 ] سلام الخليل عليه السلام أبلغ من سلام الملائكة حيث قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=69قالوا سلاما قال سلام ) ( هود : 69 ) فإن نصب ( سلاما ) إنما يكون على إرادة الفعل ، أي سلمنا سلاما ، وهذه العبارة مؤذنة بحدوث التسليم منهم ، إذ الفعل تأخر عن وجود الفاعل بخلاف سلام
إبراهيم ، فإنه مرتفع بالابتداء فاقتضى الثبوت على الإطلاق ، وهو أولى بما يعرض له الثبوت ، فكأنه قصد أن يحييهم بأحسن مما حيوه به ، اقتداء بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=86وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) ( النساء : 86 ) .
وذكروا فيه أوجها أخرى تليق بقاعدة الفلاسفة في تفضيل الملائكة على البشر ، وهو أن السلام دعاء بالسلامة من كل نقص ، وكمال البشر تدريجي ، فناسب الفعل ، وكمال الملائكة مقارن لوجودها على الدوام فكان أحق بالاسم الدال على الثبوت .
قيل : وهو غلط لأن الفعل المنشأ هو تسليمهم ، أما السلام المدعو به فليس في موضوعه تعرض لتدرج ، وسلامه أيضا منشأ فعل ، ولا يتعرض للتدريج غير أن سلامه لم يدل بوضعه اللغوي وقوع إنشائه ، ثم لو كان هذا المعنى معتبرا لشرع السلام بيننا بالنصب دون الرفع
( تَنْبِيهٌ )
مُضْمَرُ الْفِعْلِ كَمُظْهَرِهِ فِي إِفَادَةِ الْحُدُوثِ ، وَمِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَالُوا : إِنَّ
[ ص: 63 ] سَلَامَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَبْلَغُ مِنْ سَلَامِ الْمَلَائِكَةِ حَيْثُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=69قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ ) ( هُودٍ : 69 ) فَإِنَّ نَصْبَ ( سَلَامًا ) إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى إِرَادَةِ الْفِعْلِ ، أَيْ سَلَّمْنَا سَلَامًا ، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ مُؤْذِنَةٌ بِحُدُوثِ التَّسْلِيمِ مِنْهُمْ ، إِذِ الْفِعْلُ تَأَخَّرَ عَنْ وُجُودِ الْفَاعِلِ بِخِلَافِ سَلَامِ
إِبْرَاهِيمَ ، فَإِنَّهُ مُرْتَفِعٌ بِالِابْتِدَاءِ فَاقْتَضَى الثُّبُوتَ عَلَى الْإِطْلَاقِ ، وَهُوَ أَوْلَى بِمَا يَعْرِضُ لَهُ الثُّبُوتُ ، فَكَأَنَّهُ قَصَدَ أَنْ يُحَيِّيَهُمْ بِأَحْسَنَ مِمَّا حَيَّوْهُ بِهِ ، اقْتِدَاءً بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=86وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ) ( النِّسَاءِ : 86 ) .
وَذَكَرُوا فِيهِ أَوْجُهًا أُخْرَى تَلِيقُ بِقَاعِدَةِ الْفَلَاسِفَةِ فِي تَفْضِيلِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى الْبَشَرِ ، وَهُوَ أَنَّ السَّلَامَ دُعَاءٌ بِالسَّلَامَةِ مِنْ كُلِّ نَقْصٍ ، وَكَمَالُ الْبَشَرِ تَدْرِيجِيٌّ ، فَنَاسَبَ الْفِعْلَ ، وَكَمَالُ الْمَلَائِكَةَ مُقَارِنٌ لِوُجُودِهَا عَلَى الدَّوَامِ فَكَانَ أَحَقَّ بِالِاسْمِ الدَّالِّ عَلَى الثُّبُوتِ .
قِيلَ : وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُنْشَأَ هُوَ تَسْلِيمُهُمْ ، أَمَّا السَّلَامُ الْمَدْعُوُّ بِهِ فَلَيْسَ فِي مَوْضُوعِهِ تَعَرُّضٌ لِتَدَرُّجٍ ، وَسَلَامُهُ أَيْضًا مَنْشَأُ فِعْلٍ ، وَلَا يَتَعَرَّضُ لِلتَّدْرِيجِ غَيْرَ أَنَّ سَلَامَهُ لَمْ يَدُلَّ بِوَضْعِهِ اللُّغَوِيِّ وُقُوعَ إِنْشَائِهِ ، ثُمَّ لَوْ كَانَ هَذَا الْمَعْنَى مُعْتَبَرًا لَشُرِعَ السَّلَامُ بَيْنَنَا بِالنَّصْبِ دُونَ الرَّفْعِ