الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ومن سورة المجادلة

                                                                                                          3299 حدثنا عبد بن حميد والحسن بن علي الحلواني المعنى واحد قالا حدثنا يزيد بن هارون حدثنا محمد بن إسحق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر الأنصاري قال كنت رجلا قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري فلما دخل رمضان تظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ رمضان فرقا من أن أصيب منها في ليلتي فأتتابع في ذلك إلى أن يدركني النهار وأنا لا أقدر أن أنزع فبينما هي تخدمني ذات ليلة إذ تكشف لي منها شيء فوثبت عليها فلما أصبحت غدوت على قومي فأخبرتهم خبري فقلت انطلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بأمري فقالوا لا والله لا نفعل نتخوف أن ينزل فينا قرآن أو يقول فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالة يبقى علينا عارها ولكن اذهب أنت فاصنع ما بدا لك قال فخرجت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته خبري فقال أنت بذاك قلت أنا بذاك قال أنت بذاك قلت أنا بذاك قال أنت بذاك قلت أنا بذاك وها أنا ذا فأمض في حكم الله فإني صابر لذلك قال أعتق رقبة قال فضربت صفحة عنقي بيدي فقلت لا والذي بعثك بالحق لا أملك غيرها قال صم شهرين قلت يا رسول الله وهل أصابني ما أصابني إلا في الصيام قال فأطعم ستين مسكينا قلت والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وحشى ما لنا عشاء قال اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل له فليدفعها إليك فأطعم عنك منها وسقا ستين مسكينا ثم استعن بسائره عليك وعلى عيالك قال فرجعت إلى قومي فقلت وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ووجدت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم السعة والبركة أمر لي بصدقتكم فادفعوها إلي فدفعوها إلي قال أبو عيسى هذا حديث حسن قال محمد سليمان بن يسار لم يسمع عندي من سلمة بن صخر قال ويقال سلمة بن صخر ويقال سلمان بن صخر وفي الباب عن خولة بنت ثعلبة وهي امرأة أوس بن الصامت

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( سورة المجادلة ) مدنية وهي اثنتان وعشرون آية .

                                                                                                          قوله : ( أخبرنا محمد بن إسحاق ) هو صاحب المغازي ( عن محمد بن عمرو بن عطاء ) القرشي العامري المدني ثقة من الثالثة ( عن سلمة بن صخر الأنصاري ) الخزرجي البياضي ويقال له سلمان صحابي ظاهر من امرأته . قوله : ( تظاهرت من امرأتي ) وفي رواية أبي داود وابن ماجه : ظاهرت منها ، وفي رواية الترمذي في باب كفارة الظهار جعل امرأته عليه كظهر أمه ( حتى ينسلخ رمضان ) أي حتى يمضي ، وفيه دليل على أن الظهار المؤقت ظهار كالمطلق منه . وهو إذا ظاهر من امرأته إلى مدة ثم أصابها قبل انقضاء تلك المدة ، واختلفوا فيه إذا بر ولم يحنث فقال مالك وابن أبي ليلى : إذا قال لامرأته أنت علي كظهر أمي إلى الليل لزمته الكفارة وإن لم يقربها ، وقال أكثر أهل العلم : لا شيء عليه إذا لم يقربها ، وللشافعي في الظهار المؤقت قولان : أحدهما أنه ليس بظهار . قاله الخطابي في المعالم ( فرقا ) بفتحتين أي خوفا ( فأتتابع في ذلك ) بصيغة المضارع المتكلم أي أتوالى من التتابع وهو التوالي ( إذ تكشف ) أي انكشف ( فوثبت عليها ) من الوثوب وهو النهوض والقيام والظفر ، وفي رواية أبي داود فلم ألبث أن نزوت عليها ( غدوت على قومي ) أي خرجت إليهم وأتيتهم بالغداة ( فأخبره بأمري ) أي بما جرى بي ( لا نفعل ) أي لا ننطلق معك ( نتخوف ) أي [ ص: 135 ] نخاف ( ما بدا لك ) أي ما ظهر لك ( فقال أنت بذاك ) ، أي أنت الملم بذلك أو أنت المرتكب له كذا في المعالم ( ها ) كلمة تنبيه ( أنا ذا ) أي أنا هذا موجود ( فأمض في ) بتشديد الياء أي أجر علي ( فضربت صفحة عنقي ) قال في القاموس : الصفح الجانب ومنك جنبك ومن الوجه والسيف عرضه ( لقد بتنا ليلتنا هذه وحشى ) قال في القاموس بات وحشا أي جائعا وهم أوحاش . وقال الجزري في النهاية يقال رجل وحش بالسكون من قوم أوحاش إذا كان جائعا لا طعام له ، وقد أوحش إذا جاع . قال : وفي رواية الترمذي : لقد بتنا ليلتنا هذه وحشى . كأنه أراد جماعة وحشى انتهى ( ما لنا عشاء ) بفتح العين أي طعام العشي " إلى صاحب صدقة بني زريق " بتقديم الزاي على الراء مصغرا ( فأطعم عنك منها وسقا ) أي من تمر كما في رواية أبي داود ( ثم استعن بسائره ) أي بباقيه ، وفي رواية أبي داود : ( وكل أنت وعيالك بقيتها ) . وقد : أخذ بقوله صلى الله عليه وسلم : ( فأطعم عنك منها وسقا ستين مسكينا ) الثوري وأبو حنيفة وأصحابه فقالوا : الواجب لكل مسكين صاع من تمر أو ذرة أو شعير أو زبيب أو نصف صاع من بر . وقال الشافعي : إن الواجب لكل مسكين مد . وتمسك بالروايات التي فيها ذكر العرق وتقديره بخمسة عشر صاعا . قلت : ما تمسك به الشافعي ومن وافقه أصح سندا لأن رواية الترمذي في باب كفارة الظهار التي وقع فيها : أعطه ذلك العرق وهو مكتل يأخذ خمسة عشر صاعا أو ستة عشر صاعا . أصح من هذه الرواية التي فيها : ( فأطعم عنك منها وسقا ستين مسكينا ) . وظاهر الحديث أن الكفارة لا تسقط بالعجز عن جميع أنواعها لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعانه بما يكفر به بعد أن أخبره أنه لا يجد رقبة ولا يتمكن من إطعام ولا يطيق الصوم ، وإليه ذهب الشافعي وأحمد في رواية عنه ، وذهب قوم إلى السقوط ، وذهب آخرون إلى التفصيل فقالوا تسقط كفارة صوم رمضان لا [ ص: 136 ] غيرها من الكفارات كذا في النيل . قوله : ( هذا حديث حسن ) أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم . هذا حديث منقطع وفي سنده محمد بن إسحاق ورواه عن محمد بن عمرو بالعنعنة . قوله : ( وفي الباب عن خولة بنت ثعلبة ) أخرج حديثها أبو داود .




                                                                                                          الخدمات العلمية