الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : سماعون للكذب أكالون للسحت .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، عن ابن عباس في قوله : سماعون للكذب أكالون للسحت وذلك أنهم أخذوا الرشوة في الحكم، وقضوا بالكذب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن الحسن في قوله : سماعون للكذب أكالون للسحت قال : تلك حكام [ ص: 309 ] اليهود، تسمع كذبه وتأكل رشوته .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، والفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن مسعود قال : السحت الرشوة في الدين، قال سفيان : يعني في الحكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والبيهقي في (شعب الإيمان)، عن ابن مسعود قال : من شفع لرجل ليدفع عنه مظلمة، أو يرد عليه حقا فأهدى له هدية فقبلها، فذلك السحت، فقيل : يا أبا عبد الرحمن، إنا كنا نعد السحت الرشوة في الحكم، فقال عبد الله : ذلك الكفر : ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والطبراني ، والبيهقي في "سننه"، عن ابن مسعود أنه سئل عن السحت فقال : الرشا، قيل : في الحكم؟ قال : ذلك الكفر، ثم قرأ : ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 310 ] وأخرج عبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، والبيهقي في (سننه)، عن ابن مسعود أنه سئل عن السحت : أهو الرشوة في الحكم؟ قال : لا، ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون و الظالمون و الفاسقون ، ولكن السحت أن يستعينك رجل على مظلمة فيهدي لك فتقبله، فذلك السحت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن مسروق قال : قلت لعمر بن الخطاب : أرأيت الرشوة في الحكم، أمن السحت هي؟ قال : لا، ولكن كفر، إنما السحت أن يكون للرجل عند السلطان جاه ومنزلة، ويكون للآخر إلى السلطان حاجة، فلا يقضي حاجته حتى يهدي إليه هدية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (رشوة الحكام حرام، وهي السحت الذي ذكر الله في كتابه) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن مردويه ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به)، قيل : يا رسول الله، وما السحت؟ قال : (الرشوة في الحكم) . [ ص: 311 ] وأخرج عبد بن حميد ، عن زيد بن ثابت، أنه سئل عن السحت فقال : الرشوة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن علي بن أبي طالب، أنه سئل عن السحت فقال : الرشا، فقيل له : في الحكم؟ قال : ذاك الكفر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن عمر قال : بابان من السحت يأكلهما الناس، الرشا في الحكم، ومهر الزانية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، عن علي، قال : أبواب السحت ثمانية : رأس السحت رشوة الحاكم، وكسب البغي، وعسب الفحل، وثمن الميتة، وثمن الخمر، وثمن الكلب، وكسب الحجام، وأجر الكاهن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، عن طريف قال : مر علي برجل يحسب بين قوم بأجر، وفي لفظ : يقسم بين ناس قسما، فقال له علي : إنما تأكل سحتا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الفريابي ، وابن جرير ، عن أبي هريرة قال : من السحت مهر الزانية، وثمن الكلب، إلا كلب الصيد، وما أخذ من شيء في الحكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن مردويه ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (هدايا الأمراء سحت) . [ ص: 312 ] وأخرج ابن مردويه ، والديلمي ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ست خصال من السحت : رشوة الإمام، وهي أخبث ذلك كله، وثمن الكلب، وعسب الفحل، ومهر البغي، وكسب الحجام، وحلوان الكاهن) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن طاوس قال : هدايا العمال سحت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن يحيى بن سعيد قال : لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة إلى أهل خيبر أهدوا له، فرده، وقال : سحت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، والحاكم ، والبيهقي في (شعب الإيمان)، عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد، والبيهقي ، عن ثوبان قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي، والرائش، يعني الذي يمشي بينهما .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن الراشي والمرتشي، والرائش الذي يمشي بينهما . [ ص: 313 ] وأخرج الحاكم ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من ولي عشرة فحكم بينهم بما أحبوا أو كرهوا جيء به مغلولة يداه، فإن عدل، ولم يرتش، ولم يحف، فك الله عنه، وإن حكم بغير ما أنزل الله وارتشى وحابى فيه، شدت يساره إلى يمينه، ثم رمي به في جهنم، فلم يبلغ قعرها خمسمائة عام) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (ستكون من بعدي ولاة يستحلون الخمر بالنبيذ، والبخس بالصدقة، والسحت بالهدية، والقتل بالموعظة، يقتلون البريء ليوطئوا العامة، يملى لهم فيزدادوا إثما) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الخطيب في تاريخه، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من السحت، كسب الحجام، وثمن الكلب، ومهر البغي) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، والبيهقي في (سننه)، عن ابن عباس قال : السحت الرشوة في الحكم، ومهر البغي، وثمن الكلب، وثمن القرد، وثمن الخنزير، وثمن الخمر، وثمن الميتة، وثمن الدم، وعسب الفحل، وأجر النائحة [ ص: 314 ] وأجر المغنية، وأجر الكاهن، وأجر الساحر، وأجر القائف، وثمن جلود السباع، وثمن جلود الميتة، فإذا دبغت فلا بأس بها، وأجر صور التماثيل، وهدية الشفاعة، وجعلة الغزو .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن عبد الله بن شقيق قال : هذه الرغف التي يأخذها المعلمون من السحت .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية