الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7293 ) مسألة : قال : ( وإذا قطع ، فإن كانت السرقة باقية ، ردت إلى مالكها ، وإن كانت تالفة ، فعليه قيمتها ، موسرا كان أو معسرا ) لا يختلف أهل العلم في وجوب رد العين المسروقة على مالكها إذا كانت باقية ، فأما إن كانت تالفة ، فعلى السارق رد قيمتها ، أو مثلها إن كانت مثلية ، قطع أو لم يقطع موسرا كان أو معسرا . وهذا قول الحسن ، والنخعي ، وحماد ، والبتي ، والليث ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبي ثور . وقال الثوري ، وأبو حنيفة : لا يجتمع الغرم والقطع ، إن غرمها قبل القطع سقط القطع ، وإن قطع قبل الغرم سقط الغرم . وقال عطاء ، وابن سيرين ، والشعبي ، ومكحول : لا غرم على السارق إذا قطع .

                                                                                                                                            ووافقهم مالك في المعسر ، ووافقنا في الموسر . قال أبو حنيفة في رجل سرق مرات ، ثم قطع : يغرم الكل ، إلا الأخيرة . وقال أبو يوسف لا يغرم شيئا ; لأنه قطع بالكل ، فلا يغرم شيئا منه ، كالسرقة الأخيرة ، واحتج بما روي عن عبد الرحمن بن عوف ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا أقيم الحد على السارق ، فلا غرم عليه } ولأن التضمين يقتضي التمليك ، والملك يمنع القطع ، فلا يجمع بينهما .

                                                                                                                                            ولنا أنها عين يجب ضمانها بالرد لو كانت باقية ، فيجب ضمانها إذا كانت تالفة ، كما لو لم يقطع ; ولأن القطع والغرم حقان يجبان لمستحقين ، فجاز اجتماعهما ، كالجزاء والقيمة في الصيد الحرمي المملوك . وحديثهم يرويه سعد بن إبراهيم ، عن منصور ، وسعد بن إبراهيم مجهول . قاله ابن المنذر . وقال ابن عبد البر : الحديث ليس بالقوي . ويحتمل أنه أراد ، ليس عليه أجرة القاطع . وما ذكروه فهو بناء على أصولهم ، ولا نسلمها لهم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية