الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
ثم إن الناظم رحمه الله تعالى ذكر لهذه المرأة التي تسر زوجها إذا نظر إليها أوصافا لا بد لها منها فقال :

مطلب : في أوصاف المرأة المحمودة : قصيرة ألفاظ قصيرة بيتها قصيرة طرف العين عن كل أبعد ( قصيرة ألفاظ ) أي ليست طويلة اللسان على زوجها ولا على غيره ; ولا هي قبيحة الألفاظ بحيث أنها تستطيل على بعلها بكلامها ولا هي بالبذية بل قصيرة اللسان والألفاظ لا تتكلم إلا بما فيه منفعة . وهذا قصر معنوي ( قصيرة بيتها ) أي مقصورة على بيتها لا تدور في البيوت والأسواق . بل لا تزال مقيمة في بيتها مقصورة فيه . وهذا مأخوذ من قوله تعالى : { حور مقصورات في الخيام } قال المفسرون أي مستورات . قال أبو عبيدة : المقصورات المحبوسات .

قال الإمام المحقق ابن القيم في حادي الأرواح إلى منازل الأفراح . وفيه معنى آخر وهو أن يكون المراد أنهن محبوسات على أزواجهن لا يردن غيرهم وهم في الخيام . وهذا معنى قول من قال قصرن على أزواجهن فلا يردن غيرهم ولا يطمحن إلى سواهم ; ذكره الفراء ( قصيرة طرف العين ) أي لا تطمح بطرفها إلى غير زوجها .

وهذا معنى قوله : ( عن كل ) رجل ( أبعد ) بل طرفها مقصور على زوجها فقط . وهذا المعنى متحد هو والذي قبله على التفسير الثاني . لكن هنا قاصرات الطرف بأنفسهن وهناك [ ص: 423 ] مقصورات ; وكأن من فسر قوله تعالى : { مقصورات في الخيام } فر من أن يكن محبوسات في الخيام لا تفارقها إلى الغرف والبساتين . وأهل القول الأول يجيبون عن هذا بأن الله سبحانه وتعالى وصفهن بصفات النساء المخدرات المصونات وذلك أكمل في الوصف . ولا يلزم أنهن لا يفارقن الخيام إلى الغرف والبساتين .

كما أن نساء الملوك ومن دونهم من المخدرات المصونات لا يمتنع أن يخرجن في سفر وغيره إلى منتزه وبستان ونحوه ; فوصفهن اللازم لهن القصر في البيت ; وقد يعرض لهن مع الخدم الخروج إلى البساتين ونحوها . وأما قول مجاهد مقصورات قلوبهن على أزواجهن في خيام اللؤلؤ فهو مستفاد من قوله قاصرات الطرف .

التالي السابق


الخدمات العلمية