الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء فيمن زار قوما لا يصلي بهم

                                                                                                          356 حدثنا محمود بن غيلان وهناد قالا حدثنا وكيع عن أبان بن يزيد العطار عن بديل بن ميسرة العقيلي عن أبي عطية رجل منهم قال كان مالك بن الحويرث يأتينا في مصلانا يتحدث فحضرت الصلاة يوما فقلنا له تقدم فقال ليتقدم بعضكم حتى أحدثكم لم لا أتقدم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من زار قوما فلا يؤمهم وليؤمهم رجل منهم قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم قالوا صاحب المنزل أحق بالإمامة من الزائر وقال بعض أهل العلم إذا أذن له فلا بأس أن يصلي به وقال إسحق بحديث مالك بن الحويرث وشدد في أن لا يصلي أحد بصاحب المنزل وإن أذن له صاحب المنزل قال وكذلك في المسجد لا يصلي بهم في المسجد إذا زارهم يقول ليصل بهم رجل منهم

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن بديل بن ميسرة ) بضم الموحدة بالتصغير ( العقيلي ) بضم العين . قال في التقريب ثقة من الخامسة .

                                                                                                          قوله : ( عن أبي عطية ) قال الذهبي في الميزان أبو عطية عن مالك بن الحويرث لا [ ص: 284 ] يدرى من هو ، روى عنه بديل بن ميسرة ، وقال الحافظ في التقريب : أبو عطية مولى بني عقيل مقبول من الثالثة ( رجل ) بالجر بدل من عطية ( منهم ) أي من بني عقيل .

                                                                                                          قوله : ( في مصلانا ) أي في مسجدنا ( تقدم ) أي وصل بنا وأمنا ( حتى أحدثكم ) وفي رواية أبي داود وسأحدثكم " من زار قوما فلا يؤمهم " في أن المزور أحق بالإمامة من الزائر وإن كان أعلم أو أقرأ من المزور .

                                                                                                          قوله : ( وقال بعض أهل العلم إذا أذن فلا بأس أن يصلي به ) كذا قال الترمذي . وقال الحافظ ابن تيمية في المنتقى : وأكثر أهل العلم أنه لا بأس بإمامة الزائر بإذن رب المكان ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي مسعود : إلا بإذنه ، ويعضده عموم ما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة : عبد أدى حق الله وحق مواليه ، ورجل أم قوما وهم به راضون ، ورجل ينادي بالصلوات الخمس في كل ليلة . رواه الترمذي ، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يؤم قوما إلا بإذنهم ولا يخص نفسه بدعوة دونهم فإن فعل فقد خانهم . رواه أبو داود ، انتهى ما في المنتقى .

                                                                                                          قلت : وحديث أبي مسعود الذي أشار إليه صاحب المنتقى رواه أحمد ومسلم بلفظ : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله الحديث . وفيه : ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه . ورواه سعيد بن منصور ، لكن قال فيه : لا يؤم الرجل الرجل في سلطانه إلا بإذنه ، ولا يقعد على تكرمته في بيته إلا بإذنه وعند أبي داود بلفظ : لا يؤم الرجل في بيته ولا في سلطانه ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه .

                                                                                                          فائدة : قال ابن العربي في عارضة الأحوذي : إذا كان الرجل من أهل العلم والفضل [ ص: 285 ] فالأفضل لصاحب المنزل أن يقدمه ، وإن استويا فمن حسن الأدب أن يعرض عليه ، انتهى .

                                                                                                          فائدة أخرى : قال العراقي في شرح الترمذي : يشترط أن يكون المزور أهلا للإمامة فإن لم يكن أهلا كالمرأة في صورة كون الزائر رجلا ، والأمي في صورة كون الزائر قارئا ونحوهما فلا حق له في الإمامة ، انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية