الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      وقال ابن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : قالت أم هانئ : قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة قدمة ، وله أربع غدائر ، تعني ضفائر . لم يدرك مجاهد أم هانئ ، وقيل : سمع منها ، وذلك ممكن .

                                                                                      وقال إبراهيم بن سعد : حدثنا ابن شهاب ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه . وكان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم ، وكان المشركون يفرقون [ ص: 362 ] رءوسهم ، فسدل ناصيته ثم فرق بعد . البخاري ومسلم .

                                                                                      وقال ربيعة الرأي : رأيت شعرا من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو أحمر ، فسألت ، فقيل : من الطيب . أخرجه البخاري ، ومسلم .

                                                                                      وقال أيوب ، عن ابن سيرين : سألت أنسا : أخضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : لم ير من الشيب إلا قليلا . أخرجاه ، وله طرق في الصحيح بمعناه عن أنس .

                                                                                      وقال المثنى بن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يختضب ، إنما كان شمط عند العنفقة يسيرا ، وفي الصدغين يسيرا ، وفي الرأس يسيرا . أخرجه مسلم .

                                                                                      وقال زهير بن معاوية ، وغيره ، عن أبي إسحاق ، عن أبي جحيفة : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم هذه منه بيضاء ، ووضع زهير بعض أصابعه على عنفقته . أخرجه مسلم . وأخرجه مسلم من حديث إسرائيل .

                                                                                      وقال البخاري : حدثنا عصام بن خالد قال : حدثنا حريز بن عثمان ، قلت : لعبد الله بن بسر : أكان النبي صلى الله عليه وسلم شيخا ؟ قال : كان في عنفقته شعرات بيض .

                                                                                      وقال شعبة وغيره ، عن سماك ، عن جابر بن سمرة ، وذكر شمط النبي صلى الله عليه وسلم قال : كان إذا ادهن لم ير ، وإذا لم يدهن تبين . أخرجه مسلم .

                                                                                      [ ص: 363 ] وقال إسرائيل ، عن سماك ، عن جابر بن سمرة قال : كان قد شمط مقدم رأسه ولحيته ، وإذا ادهن ومشطه لم يستبن . أخرجه مسلم .

                                                                                      وقال أبو حمزة السكري ، عن عثمان بن عبد الله بن موهب القرشي قال : دخلنا على أم سلمة ، فأخرجت إلينا من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو أحمر مصبوغ بالحناء والكتم . صحيح أخرجه البخاري ، ولم يقل ( بالحناء والكتم ) ، من حديث سلام بن أبي مطيع ، عن عثمان .

                                                                                      وقال إسرائيل ، عن عثمان بن موهب قال : كان عند أم سلمة جلجل من فضة ضخم ، فيه من شعر النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان إذا أصاب إنسانا الحمى ، بعث إليها فخضخضته فيه ، ثم ينضحه الرجل على وجهه . قال : بعثني أهلي إليها فأخرجته ، فإذا هو هكذا وأشار إسرائيل بثلاث أصابع وكان فيه شعرات حمر . البخاري .

                                                                                      محمد بن أبان المستملي : حدثنا بشر بن السري قال : حدثنا أبان العطار ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، أن محمد بن عبد الله بن زيد ، حدثه أن أباه شهد النبي صلى الله عليه وسلم في المنحر ، هو ورجل من الأنصار ، فقسم ضحايا بين أصحابه ، فلم يصبه شيء هو وصاحبه ، فحلق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه في ثوبه ، وأعطاه إياه ، فقسم منه على رجال . وقلم أظفاره ، فأعطاه صاحبه ، قال : فإنه لمخضوب عندنا بالحناء والكتم ، يعني : الشعر : هذا خبر مرسل .

                                                                                      وقال شريك ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : كان شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا من عشرين شعرة ، رواه يحيى بن آدم [ ص: 364 ] عنه .

                                                                                      وقال جعفر بن برقان : حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل قال : قدم أنس بن مالك المدينة ، وعمر بن عبد العزيز وال عليها ، فبعث إليه عمر ، وقال للرسول : سله هل خضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإني قد رأيت شعرا من شعره قد لون ؟ فقال أنس : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد متع بالسواد ، ولو عددت ما أقبل علي من شيبه في رأسه ولحيته ، ما كنت أزيدهن على إحدى عشرة شيبة ، وإنما هذا الذي لون من الطيب الذي كان يطيب به شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي غير لونه .

                                                                                      وقال أبو حمزة السكري ، عن عبد الملك بن عمير ، عن إياد بن لقيط ، عن أبي رمثة قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه بردان أخضران ، وله شعر قد علاه الشيب ، وشيبه أحمر مخضوب بالحناء .

                                                                                      وقال أبو نعيم : حدثنا عبيد الله بن إياد بن لقيط قال : حدثني أبي ، عن أبي رمثة قال : انطلقت مع أبي نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رأيته قال لي : هل تدري من هذا ؟ قلت : لا . قال : إن هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم . فاقشعررت حين قال ذلك ، وكنت أظن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لا يشبه الناس ، فإذا هو بشر ذو وفرة بها ردع من حناء ، وعليه بردان أخضران .

                                                                                      وقال عمرو بن محمد العنقزي : أخبرنا ابن أبي رواد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس النعال السبتية ، ويصفر لحيته بالورس والزعفران .

                                                                                      وقال النضر بن شميل : حدثنا صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري ، [ ص: 365 ] عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما صيغ من فضة ، رجل الشعر ، مفاض البطن ، عظيم مشاش المنكبين ، يطأ بقدميه جميعا ، إذا أقبل أقبل جميعا ، وإذا أدبر أدبر جميعا .

                                                                                      وقال جرير بن حازم ، عن قتادة ، عن أنس : كان صلى الله عليه وسلم ضخم اليدين ، لم أر بعده مثله ، وفي لفظ : كان ضخم الكفين والقدمين ، سائل العرق . أخرج البخاري بعضه .

                                                                                      وقال معمر وغيره ، عن قتادة ، عن أنس : كان صلى الله عليه وسلم شثن الكفين والقدمين .

                                                                                      وقال أبو هلال ، عن قتادة ، عن أنس أو عن جابر بن عبد الله ، شك موسى بن إسماعيل فيه - عن أبي هلال ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ضخم القدمين والكفين ، لم أر بعده شبيها به صلى الله عليه وسلم أخرجهما البخاري تعليقا ، وهما صحيحان .

                                                                                      وقال شعبة ، عن سماك ، عن جابر بن سمرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضليع الفم ، أشكل العينين ، منهوس العقبين . قلت لسماك : ما ضليع الفم ؟ قال : عظيم الفم ، قلت : ما أشكل العينين ؟ قال : طويل شق العين ، قلت : ما منهوس العقب ؟ قال : قليل لحم العقب . أخرجه مسلم .

                                                                                      وقال يزيد بن هارون : حدثنا عبد الله بن يزيد بن مقسم بن ضبة قال : حدثتني عمتي سارة ، عن ميمونة بنت كردم ، قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، وهو على ناقة له ، وأنا مع أبي ، وبيد النبي صلى الله عليه وسلم درة كدرة الكباث ، فدنا منه أبي ، فأخذ بقدمه ، فأقر له رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت : فما [ ص: 366 ] نسيت طول إصبعه السبابة على سائر أصابعه .

                                                                                      وقال عثمان بن عمر بن فارس : حدثنا حرب بن سريج الخلقاني . قال : حدثني رجل من بلعدوية ، قال : حدثني جدي ، قال : انطلقت إلى المدينة ، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا رجل حسن الجسم ، عظيم الجبهة ، دقيق الأنف ، دقيق الحاجبين ، وإذا من لدن نحره إلى سرته كالخيط الممدود شعره ، ورأيته بين طمرين . فدنا مني فقال : " السلام عليك " .

                                                                                      وقال المسعودي ، عن عثمان بن عبد الله بن هرمز ، وقاله شريك ، عن عبد الملك بن عمير ، كلاهما عن نافع بن جبير ، واللفظ لشريك قال : وصف لنا علي النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كان لا قصير ولا طويل وكان يتكفأ في مشيته كأنما يمشي في صبب ولفظ المسعودي : كأنما ينحط من صبب لم أر قبله ولا بعده مثله . أخرجه النسائي .

                                                                                      عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه ، قال : صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالبطحاء ، وقام الناس فجعلوا يأخذون يديه فيمسحون بهما وجوههم ، فأخذت يده فوضعتها على وجهي ، فإذا هي أبرد من الثلج ، وأطيب ريحا من المسك . أخرجه البخاري تعليقا .

                                                                                      وقال خالد بن عبد الله ، عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قيل لعلي : انعت لنا النبي صلى الله عليه وسلم . فقال : كان لا قصير ولا طويل ، وهو إلى الطول أقرب ، وكان شثن الكف والقدم ، في صدره مسربة ، كأن عرقه لؤلؤ ، إذا مشى تكفأ كأنما [ ص: 367 ] يمشي في صعد . وروي نحوه من وجه آخر عن علي .

                                                                                      وقال حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن أنس قال : ما مسست بيدي ديباجا ولا حريرا ، ولا شيئا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا شممت رائحة قط أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم . أخرجه البخاري .

                                                                                      وأخرجه مسلم من وجه آخر عن ثابت .

                                                                                      وقال حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، فذكر مثله وزاد : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون ، كأن عرقه اللؤلؤ ، إذا مشى تكفأ . أخرجه مسلم .

                                                                                      وقال شعبة ، عن يعلى بن عطاء : سمعت جابر بن يزيد بن الأسود ، عن أبيه قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمنى فقلت : ناولني يدك ، فناولنيها ، فإذا هي أبرد من الثلج ، وأطيب ريحا من المسك .

                                                                                      وقال سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس قال : دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال عندنا ، فعرق وجاءت أمي بقارورة ، فجعلت تسلت العرق ، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " يا أم سليم ، ما هذا الذي تصنعين " ؟ قالت : هذا عرق نجعله لطيبنا ، وهو أطيب الطيب . أخرجه مسلم .

                                                                                      وقال وهيب : حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس فذكره ، وفيه : وكان صلى الله عليه وسلم كثير العرق . رواه مسلم .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية