الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فوض ]

                                                          فوض : فوض إليه الأمر : صيره إليه وجعله الحاكم فيه . وفي حديث الدعاء : فوضت أمري إليك أي رددته إليك . يقال : فوض أمره إليه إذا رده إليه وجعله الحاكم فيه ، ومنه حديث الفاتحة : فوض إلي عبدي . والتفويض في النكاح التزويج بلا مهر . وقوم فوضى : مختلطون ، وقيل : هم الذين لا أمير لهم ولا من يجمعهم ; قال الأفوه الأودي :


                                                          لا يصلح القوم فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا

                                                          وصار الناس فوضى أي متفرقين ، وهو جماعة الفائض ، ولا يفرد كما يفرد الواحد من المتفرقين . والوحش فوضى : متفرقة تتردد . وقوم فوضى أي متساوون لا رئيس لهم . ونعام فوضى أي مختلط بعضه ببعض ، وكذلك جاء القوم فوضى ، وأمرهم فيضى وفوضى : مختلط ; عن اللحياني ، وقال : معناه سواء بينهم كما قال ذلك في فضا . ومتاعهم فوضى بينهم إذا كانوا فيه شركاء ، ويقال أيضا فضا ; قال :


                                                          طعامهم فوضى فضا في رحالهم     ولا يحسبون السوء إلا تناديا



                                                          ويقال : أمرهم فيضوضا وفيضيضا وفوضوضا بينهم . وهذه الأحرف الثلاثة يجوز فيها المد والقصر ، وقال أبو زيد : القوم فيضوضا أمرهم وفيضوضا فيما بينهم إذا كانوا مختلطين ، فيلبس هذا ثوب هذا ، ويأكل هذا طعام هذا ، لا يؤامر واحد منهم صاحبه فيما يفعل في أمره . ويقال : أموالهم فوضى بينهم أي هم شركاء فيها ، وفيضوضا مثله ، يمد ويقصر . وشركة المفاوضة : الشركة العامة في كل شيء . وتفاوض الشريكان في المال إذا اشتركا فيه أجمع ، وهي شركة المفاوضة . وقال الأزهري في ترجمة ( عنن ) : وشاركه شركة مفاوضة ، وذلك أن يكون مالهما جميعا من كل شيء يملكانه بينهما ، وقيل : شركة المفاوضة أن يشتركا في كل شيء في أيديهما أو يستفيئانه من بعد ، وهذه الشركة باطلة عند الشافعي ، وعند النعمان وصاحبيه جائزة . وفاوضه في أمره أي جاراه . وتفاوضوا الحديث : أخذوا فيه . وتفاوض القوم في الأمر أي فاوض فيه بعضهم بعضا . وفي حديث معاوية قال لدغفل بن حنظلة : بم ضبطت ما أرى ؟ قال : بمفاوضة العلماء ، قال : وما مفاوضة العلماء ؟ قال : كنت إذا لقيت عالما أخذت ما عنده وأعطيته ما عندي ; المفاوضة : المساواة والمشاركة ، وهي مفاعلة من التفويض ، كأن كل واحد منهما رد ما عنده إلى صاحبه ، أراد محادثة العلماء ومذاكرتهم في العلم ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية