الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وكيف يحكمونك الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن مردويه ، عن البراء بن عازب قال : مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم بيهودي محمم قد جلد، فسألهم : (ما شأن هذا؟) قالوا : زنى، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود : (ما تجدون حد الزاني في كتابكم؟) قالوا : نجد حده التحميم والجلد، فسألهم : (أيكم أعلم؟) فوركوا ذلك إلى رجل منهم، قالوا : فلان، فأرسل إليه فسأله قال : نجد التحميم، والجلد، فناشده رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما تجدون حد الزاني في كتابكم؟) قال : نجد الرجم، ولكنه كثر في عظمائنا، فامتنعوا منهم بقومهم، ووقع الرجم على ضعفائنا، فقلنا : نضع شيئا يصلح بينهم حتى يستووا فيه، فجعلنا التحميم والجلد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه)، فأمر به فرجم، قال : ووقع اليهود بذلك الرجل الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وشتموه، وقالوا له : لو كنا نعلم أنك تقول هذا ما قلنا : إنك أعلمنا، قال : ثم جعلوا بعد ذلك يسألون النبي صلى الله عليه وسلم : ما تجد فيما أنزل إليك حد الزاني؟ فأنزل الله : وكيف يحكمونك وعندهم التوراة [ ص: 319 ] فيها حكم الله فقرأ هذه الآية في المائدة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله يعني : حدود الله، فأخبره الله بحكمه في التوراة قال : وكتبنا عليهم فيها إلى قوله : والجروح قصاص .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن قتادة في قوله : وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله يقول : عندهم بيان ما تشاجروا فيه من شأن قتيلهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مقاتل بن حيان في قوله : وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله يقول : فيها الرجم للمحصن والمحصنة، والإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، والتصديق له، ثم يتولون يعني : عن الحق، من بعد ذلك يعني : بعد البيان، وما أولئك بالمؤمنين يعني : اليهود .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية