الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 419 ] باب منه

                                                                                      وقال وكيع : حدثنا ابن أبي ليلى ، عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة ، عن محمد بن عمرو بن شرحبيل ، عن قيس بن سعد قال : أتانا النبي صلى الله عليه وسلم ، فوضعنا له غسلا فاغتسل ، ثم أتيته بملحفة ورسية فاشتمل بها ، فكأني أنظر أثر الورس على عكنه .

                                                                                      وقال هشام بن سعد ، عن يحيى بن عبد الله بن مالك قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ ثيابه بالزعفران : قميصه ، ورداءه ، وعمامته . مرسل .

                                                                                      وقال مصعب بن عبد الله بن مصعب الزبيري : سمعت أبي يخبر عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر ، عن أبيه ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه رداء وعمامة مصبوغين بالعبير . قال مصعب : العبير عندنا : الزعفران . مصعب فيه لين .

                                                                                      وعن أم سلمة ، قالت : ربما صبغ لرسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه ، ورداؤه بزعفران ، وورس . أخرجه محمد بن سعد ، عن ابن أبي فديك ، عن زكريا بن إبراهيم ، عن ركيح بن أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة ، عن أبيه ، عن أمه ، عن أم سلمة . وهذا إسناد عجيب مدني .

                                                                                      وعن زيد بن أسلم : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ ثيابه حتى العمامة بالزعفران .

                                                                                      وهذه المراسيل لا تقاوم ما في الصحيح من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن [ ص: 420 ] التزعفر ، وفي لفظ : " نهى أن يتزعفر الرجل " ولعل ذلك كان جائزا ، ثم نهي عنه .

                                                                                      وقال حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان - وهو ضعيف - عن أنس بن مالك قال : أهدى ملك الروم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقة من سندس ، فلبسها ، فكأني أنظر إلى يديها تذبذبان من طولهما ، فجعل القوم يقولون : يا رسول الله أنزلت عليك من السماء ؟ فقال : " وما تعجبون منها ، فوالذي نفسي بيده إن منديلا من مناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها " . ثم بعث بها إلى جعفر بن أبي طالب فلبسها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إني لم أعطكها لتلبسها . قال : فما أصنع بها ؟ قال : ابعث بها إلى أخيك النجاشي .

                                                                                      وقال الليث بن سعد : حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن عقبة بن عامر أنه أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فروج - يعني قباء حرير - فلبسه ، ثم صلى فيه ، ثم انصرف فنزعه نزعا شديدا كالكاره له ، ثم قال : " لا ينبغي هذا للمتقين " .

                                                                                      وقال مالك ، عن علقمة بن أبي علقمة ، عن أمه ، عن عائشة : أهدى أبو الجهم بن حذيفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم خميصة شامية لها علم ، فشهد فيها الصلاة ، فلما انصرف قال : " ردوا هذه الخميصة على أبي جهم ، فإني نظرت إلى علمها في الصلاة فكاد يفتنني " .

                                                                                      وقال هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عمر بن أبي سلمة : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في بيت أم سلمة مشتملا في ثوب واحد .

                                                                                      وصح مثله عن أنس رفعه .

                                                                                      [ ص: 421 ] وعن ابن عباس أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد يتقي بفضوله حر الأرض وبردها .

                                                                                      وقال جابر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في إزار واحد مؤتزرا به ، ليس عليه غيره .

                                                                                      وقال يونس بن الحارث الثقفي ، عن أبي عون محمد بن عبيد الله بن سعيد الثقفي ، عن أبيه ، عن المغيرة بن شعبة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الحصير والفروة المدبوغة . أخرجه أبو داود .

                                                                                      وقال شعبة ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبس الصوف .

                                                                                      وقال حميد بن هلال ، عن أبي بردة قال : دخلت على عائشة ، فأخرجت إلينا إزارا غليظا مما يصنع باليمن ، وكساء من هذه الملبدة ، فأقسمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض فيهما . أخرجه مسلم .

                                                                                      وقال هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كان ضجاع النبي صلى الله عليه وسلم من أدم محشوا ليفا .

                                                                                      وقد تقدم أحاديث في هذا المعنى في زهده عليه السلام .

                                                                                      وقال غير واحد ، عن أبي هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يصل [ ص: 422 ] أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء " . أخرجه البخاري .

                                                                                      وعند مسلم " على عاتقيه " .

                                                                                      وقال عطاء بن أبي رباح ، عن عبد الله مولى أسماء ، عن أسماء بنت أبي بكر ، أنها أخرجت جبة طيالسة كسروانية لها لبنة ديباج وفرجيها مكفوفين بالديباج ، فقالت : هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان صلى الله عليه وسلم يلبسها ، فنحن نغسلها للمريض يستشفي بها . أخرجه مسلم .

                                                                                      ورواه أحمد في " مسنده " . وفيه : جبة طيالسة عليها لبنة شبر من ديباج كسرواني .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية