الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فوه ]

                                                          فوه : الليث : الفوه أصل بناء تأسيس الفم . قال أبو منصور : مما يدلك على أن الأصل في فم وفو وفا وفي هاء حذفت من آخرها ، قولهم للرجل الكثير الأكل فيه ، وامرأة فيهة . ورجل أفوه : عظيم الفم طويل الأسنان . ومحالة فوهاء إذا طالت أسنانها التي يجري الرشاء فيها . ابن سيده : الفاه والفوه والفيه والفم ، سواء ، والجمع أفواه . وقوله عز وجل : ذلك قولهم بأفواههم وكل قول إنما هو بالفم ، إنما المعنى ليس فيه بيان ولا برهان ، إنما هو قول بالفم ، ولا معنى صحيحا تحته ، لأنهم معترفون بأن الله لم يتخذ صاحبة ، فكيف يزعمون أن له ولدا ؟ أما كونه جمع فوه فبين ، وأما كونه جمع فيه فمن باب ريح وأرواح إذ لم نسمع أفياها ; وأما كونه جمع فاه فإن الاشتقاق يؤذن أن فاها من الواو ، لقولهم مفوه ; وأما كونه جمع فم فلأن أصل فم فوه ، فحذفت الهاء كما حذفت من سنة فيمن قال عاملت مسانهة ، وكما حذفت من شاة ومن شفة ومن عضة ومن است ، وبقيت الواو طرفا متحركة ، فوجب إبدالها ألفا لانفتاح ما قبلها فبقي فا ، ولا يكون الاسم على حرفين أحدهما التنوين ، فأبدل مكانها حرف جلد مشاكل لها ، وهو الميم ، لأنهما شفهيتان ، وفي الميم هوي في الفم يضارع امتداد الواو . قال أبو الهيثم : العرب تستثقل وقوفا على الهاء والحاء والواو والياء إذا سكن ما قبلها ، فتحذف هذه الحروف وتبقي الاسم على حرفين ، كما حذفوا الواو من أب وأخ وغد وهن ، والياء من يد ودم ، والحاء من حر ، والهاء من فوه وشفة وشاة ، فلما حذفوا الهاء من فوه بقيت الواو ساكنة ، فاستثقلوا وقوفا عليها فحذفوها ، فبقي الاسم فاء وحدها فوصلوها بميم ليصير حرفين ، حرف يبتدأ به فيحرك ، وحرف يسكت عليه فيسكن ، وإنما خصوا الميم بالزيادة لما كان في مسكن ، والميم من حروف الشفتين تنطبقان بها ، وأما ما حكي من قولهم أفمام فليس بجمع فم ، إنما هو من باب ملامح ومحاسن ، ويدل على أن فما مفتوح الفاء وجودك إياها مفتوحة في هذا اللفظ ، وأما ما حكى فيها أبو زيد وغيره من كسر الفاء وضمها فضرب من التغيير لحق الكلمة لإعلالها بحذف لامها وإبدال عينها ; وأما قول الراجز :


                                                          يا ليتها قد خرجت من فمه حتى يعود الملك في أسطمه

                                                          يروى بضم الفاء من فمه ، وفتحها ; قال ابن سيده : القول في تشديد الميم عندي أنه ليس بلغة في هذه الكلمة ، ألا ترى أنك لا تجد لهذه المشددة الميم تصرفا ، إنما التصرف كله على ( ف و ه ) ؟ من ذلك قول الله تعالى : يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم وقال الشاعر :


                                                          فلا لغو ولا تأثيم فيها     وما فاهوا به أبدا مقيم


                                                          وقالوا : رجل مفوه إذا أجاد القول ; ومنه الأفوه للواسع الفم ، ولم نسمعهم قالوا أفمام ولا تفممت ، ولا رجل أفم ، ولا شيئا من هذا النحو لم نذكره ، فدل اجتماعهم على تصرف الكلمة بالفاء والواو والهاء على أن التشديد في فم لا أصل له في نفس المثال ، إنما هو عارض لحق الكلمة ، فإن قال قائل : فإذا ثبت بما ذكرته أن التشديد في فم عارض ليس من نفس الكلمة ، فمن أين أتى هذا التشديد وكيف وجه دخوله إياها ؟ فالجواب أن أصل ذلك أنهم ثقلوا الميم في الوقف فقالوا فم ، كما يقولون هذا خالد وهو يجعل ، ثم إنهم أجروا الوصل مجرى الوقف فقالوا هذا فم ورأيت فما ، كما أجروا الوصل مجرى الوقف فيما حكاه سيبويه عنهم من قولهم :


                                                          ضخم يحب الخلق الأضخما



                                                          وقولهم أيضا :


                                                          ببازل وجناء أو عيهل


                                                          كأن مهواها على الكلكل


                                                          موقع كفي راهب يصلي



                                                          يريد : العيهل والكلكل . قال ابن جني : فهذا حكم تشديد الميم عندي ، وهو أقوى من أن تجعل الكلمة من ذوات التضعيف بمنزلة هم وحم ، قال : فإن قلت فإذا كان أصل فم عندك فوه فما تقول في قول الفرزدق :


                                                          هما نفثا في في من فمويهما     على النابح العاوي أشد رجام


                                                          وإذا كانت الميم بدلا من الواو التي هي عين فكيف جاز له الجمع بينهما ؟ فالجواب : أن أبا علي حكى لنا عن أبي بكر وأبي إسحاق أنهما ذهبا إلى أن الشاعر جمع بين العوض والمعوض عنه ، لأن الكلمة مجهورة منقوصة ، وأجاز أبو علي فيها وجها آخر ، وهو أن تكون الواو في فمويهما لاما في موضع الهاء من أفواه ، وتكون الكلمة تعتقب عليها لامان ، هاء مرة ، وواو أخرى ، فجرى هذا مجرى سنة وعضة ، ألا ترى أنهما في قول سيبويه سنوات وأسنتوا ومساناة وعضوات واوان ؟ وتجدهما في قول من قال ليست بسنهاء وبعير عاضه هاءين ، وإذا ثبت بما قدمناه أن عين فم في الأصل واو فينبغي أن تقضي بسكونها ، لأن السكون هو الأصل حتى تقوم الدلالة على الحركة الزائدة . فإن قلت : فهلا قضيت بحركة العين لجمعك إياه على أفواه ، لأن أفعالا إنما هو في الأمر العام جمع فعل نحو بطل وأبطال وقدم وأقدام ورسن وأرسان ؟ فالجواب : أن فعلا مما عينه واو بابه أيضا أفعال ، وذلك سوط وأسواط وحوض وأحواض وطوق وأطواق ، ففوه لأن عينه واو أشبه بهذا منه بقدم ورسن . قال الجوهري : والفوه أصل قولنا فم ، لأن الجمع أفواه ، إلا أنهم استثقلوا اجتماع الهاءين في قولك : هذا فوهه بالإضافة ، فحذفوا منه الهاء فقالوا هذا فوه وفو زيد ، ورأيت فا زيد ، وإذا أضفت إلى نفسك قلت هذا في ، يستوي فيه حال الرفع والنصب والخفض ، لأن الواو تقلب ياء فتدغم ، وهذا إنما يقال في الإضافة ، وربما قالوا ذلك في غير الإضافة ، وهو قليل ; قال العجاج :


                                                          خالط من سلمى خياشيم وفا     صهباء خرطوما عقارا قرقفا


                                                          وصف عذوبة ريقها ، يقول : كأنها عقار خالط خياشيمها وفاها فكف عن المضاف إليه ; قال ابن سيده : وأما قول الشاعر أنشده الفراء :

                                                          [ ص: 245 ]

                                                          يا حبذا عينا سليمى والفما



                                                          قال الفراء : أراد والفمان ; يعني الفم والأنف ، فثناهما بلفظ الفم للمجاورة ، وأجاز أيضا أن ينصبه على أنه مفعول معه ، كأنه قال مع الفم ; قال ابن جني : وقد يجوز أن ينصب بفعل مضمر كأنه قال وأحب الفم ، ويجوز أن يكون الفم في موضع رفع إلا أنه اسم مقصور بمنزلة عصا ، وقد ذكرنا من ذلك شيئا في ترجمة ( فمم ) . وقالوا : فوك وفو زيد ، في حد الإضافة وذلك في حد الرفع ، وفا زيد وفي زيد في حد النصب والجر ، لأن التنوين قد أمن هاهنا بلزوم الإضافة ، وصارت كأنها من تمامه ; وأما قول العجاج :


                                                          خالط من سلمى خياشيم وفا



                                                          فإنه جاء به على لغة من لم ينون ، فقد أمن حذف الألف لالتقاء الساكنين كما أمن في شاة وذا مال ، قال سيبويه : وقالوا كلمته فاه إلى في ، وهي من الأسماء الموضوعة موضع المصادر ، ولا ينفرد مما بعده ، ولو قلت كلمته فاه لم يجز ، لأنك تخبر بقربك منه ، وأنك كلمته ولا أحد بينك وبينه ، وإن شئت رفعت أي وهذه حاله . قال الجوهري : وقولهم كلمته فاه إلى في أي مشافها ، ونصب فاه على الحال ، وإذا أفردوا لم يحتمل الواو التنوين فحذفوها وعوضوا من الهاء ميما ، قالوا هذا فم وفمان وفموان ، قال : ولو كانت الميم عوضا من الواو لما اجتمعتا ، قال ابن بري : الميم في فم بدل من الواو ، وليست عوضا من الهاء كما ذكره الجوهري ، قال : وقد جاء في الشعر فما مقصور مثل عصا ، قال : وعلى ذلك جاء تثنية فموان ; وأنشد :


                                                          يا حبذا وجه سليمى والفما     والجيد والنحر وثدي قد نما


                                                          وفي حديث ابن مسعود : أقرأنيها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فاه إلى في أي مشافهة وتلقينا ، وهو نصب على الحال بتقدير المشتق ، ويقال فيه : كلمني فوه إلى في ، بالرفع ، والجملة في موضع الحال ، قال : ومن أمثالهم في باب الدعاء على الرجل العرب تقول : فاها لفيك ; تريد فا الداهية ، وهي من الأسماء التي أجريت مجرى المصدر المدعو بها على إضمار الفعل غير المستعمل إظهاره ; قال سيبويه : فاها لفيك ، غير منون ، إنما يريد فا الداهية ، وصار بدلا من اللفظ بقول دهاك الله ، قال : ويدلك على أنه يريد الداهية قوله :


                                                          وداهية من دواهي المنو     ن يرهبها الناس لا فا لها


                                                          فجعل للداهية فما ، وكأنه بدل من قولهم دهاك الله ، وقيل : معناه الخيبة لك ، وأصله أنه يريد جعل الله بفيك الأرض ، كما يقال بفيك الحجر وبفيك الأثلب ، وقال رجل من بلهجيم :


                                                          فقلت له فاها بفيك فإنها     قلوص امرئ قاريك ما أنت حاذره


                                                          يعني يقريك من القرى ، وأورده الجوهري : فإنه قلوص امرئ ; قال ابن بري : وصواب إنشاده فإنها ، والبيت لأبي سدرة الأسدي ، ويقال الهجيمي . وحكي عن شمر قال : سمعت ابن الأعرابي يقول : فاها بفيك ، منونا أي ألصق الله فاك بالأرض ، قال : وقال بعضهم فاها لفيك ، غير منون ، دعاء عليه بكسر الفم أي كسر الله فمك . قال : وقال سيبويه فاها لفيك ، غير منون ، إنما يريد فا الداهية وصار الضمير بدلا من اللفظ بالفعل ، وأضمر كما أضمر للترب والجندل وصار بدلا من اللفظ بقوله دهاك الله ، وقال آخر :


                                                          لئن مالك أمسى ذليلا لطالما     سعى للتي لا فا لها غير آئب


                                                          أراد لا فم لها ولا وجه أي للداهية ; وقال الآخر :


                                                          ولا أقول لذي قربى وآصرة     فاها لفيك على حال من العطب


                                                          ويقال للرجل الصغير الفم : فو جرذ وفو دبى ، يلقب به الرجل . ويقال للمنتن ريح الفم : فو فرس حمر . ويقال : لو وجدت إليه فا كرش أي لو وجدت إليه سبيلا . ابن سيده : وحكى ابن الأعرابي في تثنية الفم فمان وفميان وفموان ، فأما فمان فعلى اللفظ ، وأما فميان وفموان فنادر ; قال : وأما سيبويه فقال في قول الفرزدق :


                                                          هما نفثا في في من فمويهما



                                                          إنه على الضرورة . والفوه ، بالتحريك : سعة الفم وعظمه . والفوه أيضا : خروج الأسنان من الشفتين وطولها ، فوه يفوه فوها ، فهو أفوه ، والأنثى فوهاء بينا الفوه ، وكذلك هو في الخيل . ورجل أفوه : واسع الفم ; قال الراجز يصف الأسد :


                                                          أشدق يفتر افترار الأفوه



                                                          وفرس فوهاء شوهاء : واسعة الفم في رأسها طول . والفوه في بعض الصفات : خروج الثنايا العليا وطولها . قال ابن بري : طول الثنايا العليا يقال له الروق ، فأما الفوه ، فهو طول الأسنان كلها . ومحالة فوهاء : طالت أسنانها التي يجري الرشاء بينها . ويقال لمحالة السانية إذا طالت أسنانها : إنها لفوهاء بينة الفوه ; قال الراجز :


                                                          كبداء فوهاء كجوز المقحم



                                                          وبئر فوهاء : واسعة الفم . وطعنة فوهاء : واسعة . وفاه بالكلام يفوه : نطق ولفظ به ; وأنشد لأمية :


                                                          وما فاهوا به لهم مقيم



                                                          قال ابن سيده : وهذه الكلمة يائية وواوية . أبو زيد : فاه الرجل يفوه فوها إذا كان متكلما . وقالوا : هو فاه بجوعه إذا أظهره وباح به ، والأصل فائه بجوعه ، فقيل فاه كما قالوا جرف هار وهائر . ابن بري : وقال الفراء رجل فاووهة يبوح بكل ما في نفسه وفاه وفاه . ورجل مفوه : قادر على المنطق والكلام ، وكذلك فيه . ورجل فيه : جيد الكلام . وفوهه الله : جعله أفوه . وفاه بالكلام يفوه : لفظ به . ويقال : ما فهت بكلمة وما تفوهت بمعنى أي ما فتحت فمي بكلمة . والمفوه : المنطيق . ورجل مفوه : يفوه بها . وإنه لذو فوهة أي شديد . الكلام بسيط اللسان . وفاهاه إذا ناطقه وفاخره ، وهافاه إذا مايله إلى هواه . والفيه أيضا : الجيد الأكل ، وقيل : الشديد الأكل من الناس وغيرهم ، فيعل ، والأنثى فيهة كثيرة الأكل . والفيه : المفوه المنطيق أيضا . ابن الأعرابي : رجل فيه ومفوه إذا كان حسن الكلام بليغا في كلامه . وفي حديث الأحنف : خشيت أن يكون مفوها أي بليغا منطيقا ، كأنه مأخوذ من الفوه ، وهو سعة الفم . ورجل فيه ومستفيه [ ص: 246 ] في الطعام إذا كان أكولا . الجوهري : الفيه الأكول ، والأصل فيوه فأدغم ، وهو المنطيق أيضا ، والمرأة فيهة . واستفاه الرجل استفاهة واستفاها ; الأخيرة عن اللحياني ، فهو مستفيه : اشتد أكله بعد قلة ، وقيل : استفاه في الطعام أكثر منه ; عن ابن الأعرابي ولم يخص هل ذلك بعد قلة أم لا ; قال أبو زبيد يصف شبلين :


                                                          ثم استفاها فلم تقطع رضاعهما     عن التضبب لا شعب ولا قدع


                                                          استفاها : اشتد أكلهما ، والتضبب : اكتساء اللحم للسمن بعد الفطام ، والتحلم مثله ، والقدع : أن تدفع عن الأمر تريده ، يقال : قدعته فقدع قدعا . وقد استفاه في الأكل وهو مستفيه ، وقد تكون الاستفاهة في الشراب . والمفوه : النهم الذي لا يشبع . ورجل مفوه ومستفيه أي شديد الأكل . وشد ما فوهت في هذا الطعام وتفوهت وفهت أي شد ما أكلت . وإنه لمفوه ومستفيه في الكلام أيضا ، وقد استفاه استفاهة في الأكل ، وذلك إذا كنت قليل الطعم ، ثم اشتد أكلك وازداد . ويقال : ما أشد فوهة بعيرك في هذا الكلأ ، يريدون أكله ، وكذلك فوهة فرسك ودابتك ، ومن هذا قولهم : أفواهها مجاسها ; المعنى أن جودة أكلها تدلك على سمنها فتغنيك عن جسها ، والعرب تقول : سقى فلان إبله على أفواهها إذا لم يكن جبى لها الماء في الحوض قبل ورودها ، وإنما نزع عليها الماء حين وردت . وهذا كما يقال : سقى إبله قبلا . ويقال أيضا : جر فلان إبله على أفواهها ، إذا تركها ترعى وتسير ; قاله الأصمعي ; وأنشد :


                                                          أطلقها نضو بلي طلح     جرا على أفواهها والسجح


                                                          بلي : تصغير بلو ، وهو البعير الذي بلاه السفر ، وأراد بالسجح الخراطيم الطوال . ومن دعائهم : كبه الله لمنخريه وفمه ; ومنه قول الهذلي :


                                                          أصخر بن عبد الله من يغو سادرا     يقل غير شك لليدين وللفم


                                                          وفوهة السكة والطريق والوادي والنهر : فمه ، والجمع فوهات وفوائه . وفوهة الطريق : كفوهته ; عن ابن الأعرابي . والزم فوهة الطريق وفوهته وفمه . ويقال : قعد على فوهة الطريق وفوهة النهر ، ولا تقل فم النهر ولا فوهة ، بالتخفيف ، والجمع ، أفواه على غير قياس ; وأنشد ابن بري :


                                                          يا عجبا للأفلق الفليق     صيد على فوهة الطريق


                                                          ابن الأعرابي : الفوهة مصب النهر في الكظامة ، وهي السقاية . الكسائي : أفواه الأزقة والأنهار ، واحدتها فوهة ، بتشديد الواو ، مثل حمرة ، ولا يقال فم . الليث : الفوهة فم النهر ورأس الوادي . وفي الحديث : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، خرج فلما تفوه البقيع قال : السلام عليكم ، يريد لما دخل فم البقيع فشبهه بالفم ، لأنه أول ما يدخل إلى الجوف منه . ويقال لأول الزقاق والنهر : فوهته ، بضم الفاء وتشديد الواو . ويقال : طلع علينا فوهة إبلك أي أولها بمنزلة فوهة الطريق . وأفواه المكان : أوائله ، وأرجله أواخره ; قال ذو الرمة :


                                                          ولو قمت ما قام ابن ليلى لقد هوت     ركابي بأفواه السماوة والرجل


                                                          يقول : لو قمت مقامه انقطعت ركابي . وقولهم : إن رد الفوهة لشديد أي القالة ، وهو من فهت بالكلام . ويقال : هو يخاف فوهة الناس أي قالتهم . والفوهة والفوهة : تقطيع المسلمين بعضهم بعضا بالغيبة . ويقال : من ذا يطيق رد الفوهة . والفوهة : الفم . أبو المكارم : ما أحسنت شيئا قط كثغر في فوهة جارية حسناء أي ما صادفت شيئا حسنا . وأفواه الطيب : نوافحه ، واحدها فوه . الجوهري : الأفواه ما يعالج به الطيب ، كما أن التوابل ما تعالج به الأطعمة . يقال : فوه وأفواه مثل سوق وأسواق ، ثم أفاويه . وقال أبو حنيفة : الأفواه ألوان النور وضروبه ; قال ذو الرمة :


                                                          ترديت من أفواه نور كأنها     زرابي وارتجت عليها الرواعد


                                                          وقال مرة : الأفواه ما أعد للطيب من الرياحين قال : وقد تكون الأفواه من البقول ; قال جميل :


                                                          بها قضب الريحان تندى وحنوة     ومن كل أفواه البقول بها بقل



                                                          والأفواه : الأصناف والأنواع . والفوهة : عروق يصبغ بها ، وفي التهذيب : الفوه عروق يصبغ بها . قال الأزهري : لا أعرف الفوه بهذا المعنى . والفوهة : اللبن ما دام فيه طعم الحلاوة ، وقد يقال بالقاف ، وهو الصحيح . والأفوه الأودي : من شعرائهم ، والله تعالى أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية